ماذا تفعل عندما يقتحم بيتك شخص لا تعرفه، ويعطيك دون إرادتك شيئا لم تطلبه؟
أظنك مثلى سوف تنزعج، فهذا ليس من حقه، بل وما فعله يشكل جريمة انتهاك لخصوصيتك، وأظنك مثلى لن تقبل أى مبرر يقوله، مهما كان الغطاء الذى يغلف به ما فعله، فهو لم يستأذنك.
للأسف هذا ما يحدث منذ فترة، فتجد على موبايلك رسائل دون استئذان، ودون أن يسألك صاحبها أولا إذا كنت تريدها أم لا.. فالتعاقد مع شركات الاتصالات يتضمن فقط استخدام الخط التليفونى، وليس فى التعاقد أى إشارة إلى إجبارك على تلقى ما لا تريده، لكن الشركات تبيعك لآخرين، وتحصل بالطبع على المقابل، ومن المؤكد أنه كبير.
المؤسف أكثر أن الذين يقتحمون خصوصية الناس لا يمنحونهم حق إلغاء الخدمة، ولكنهم مجبرون على تلقيها، ومن المؤكد أنهم مثلى لا يعرفون لمن يلجئون، حتى يوقفون هذا الاعتداء غير المحترم.
هذا السلوك المعيب لا يمكن فصله عن اقتحام الخصوصية بأشكال أخرى منتشرة فى المجتمع، منها مثلا إشغال الشوارع بمناسبات اجتماعية، أفراح ومآتم، واستخدام مكبرات صوت فظيعة، تحول حياتك داخل بيتك إلى جحيم، فإذا كنت مريضا أو تريد الراحة، أو عدم الإزعاج، فهم لا يبالون، وكأنك ملك شخصى لهم.
ذات الأمر تجده فى المواصلات العامة، فهناك من يرفع صوت موبايله بأغانى أو تواشيح أو ترتيل دينى، دون أن يسأل نفسه ولو لمرة، هل استأذن المحيطين به، ودون أن يسأل نفسه، ماذا لو فعل مثله أصحاب ديانات أخرى؟
لكنه يحتمى بالدين، فإذا قلت له إن اعتداء فج على حرية الآخرين، فى الأغلب الأعم سيتعامل بعداء، لأنك طبعا كافر، فكيف تمنعه من التبشير بديانته، فهذا واجبه المقدس، لا يجوز لعبد مثلك ومثلى، أن يقف ضد إرادة الله جل علاه، رغم أنه لا علاقة للأديان بالأمر، ولا علاقة لرب السموات بما يفعله.
فالأديان لا تجيز الاعتداء على حريات الآخرين، ولا تجيز أبدا أن تدخل بيوت الناس دون استئذان، ولا أن تجبرهم على سماع ما لا يريدون، فالأديان تقدس حرية الاختيار، والله جل علاه لو أراد أن يجعلنا جميعا نسخة واحدة لفعل.
لكنهم لا يعقلون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة