ما نراه من ردة فعل سريعة، نابعة من يقظة، يحكمها وجدان، يعي ماهية وأهمية الوطن، يدل على أن شعب مصر دون استثناء في حالة من الاصطفاف الدائم خلف القيادة السياسية، ليس فقط، بل وفي حالة من الاستنفار، وعلى استعداد أن يقدم ويفعل ما لا يتوقعه المعتدي؛ فشعب مصر في جملته جيش عظيم، يعشق تراب وطنه، ولا يقبل المساس بأمنه القومي، ولا يفرط في مقدراته، وليس في قاموسه التهاون، أو التنازل عن شبر من رماله الغالية.
رغم اطمئنان قلوبنا وثقتنا اللامتناهية في قيادتنا السياسية، وجيشنا العظيم؛ إلا أن حالة التعبئة العامة للشعب المصري، تُعد مبهرة، وملهمة لنموذج الشعب الأصيل، الذي يعلن عن موقفه، ويساند دولته، بل ويتحمل الصعاب من أجل بلوغ الهدف؛ فلا أغلى من وطن يعيش في القلوب، وما أهم من أن ندرك ما يكال، أو يمكر بنا؛ فلا ثقة في كيان غاصب، ولا أمان لدول قدمت له كافة المساندة؛ كي يهلك الحرث والنسل.
إن المساس بالأمن القومي المصري لا يقبله، أو يتقبله المصريون، وحالة التأهب دالة على أن جموع الشعب رافضة لتهجير الفلسطينيين بشكل قاطع، وقبول مصر وقيادتها لتهجير الفلسطينيين داخل سيناء يُعد ضربًا من المستحيل؛ فقد أكد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على ذلك بلسان مبين، ووضح أن هذا الموقف من ثوابت الدولة المصرية التي تحافظ على نصرة القضية الفلسطينية منذ فجر تاريخها.
من يصرون على تهجير الفلسطينيين سوف يدفعون ثمنًا باهظًا لا ريب؛ فالشعوب الصامدة هي الأقوى ومواقفها تحدد مستقبلها، وهذا الشعب لاقى من المعاناة والمآسي ما يجعله يقف بقوة أمام محاولات تهجيره؛ فدون شك لا يتردد في أن يقدم مزيدًا من الدماء والشهداء من أجل قضيته العادلة، وأرى أنه لا يجب أن يقبل عقلاء العالم بما يمارس من ظلم بين على هذا الشعب المكلوم؛ فقد واجه ما لا تتحمله الجبال.
إن استقرار المنطقة مرهون بحل الدولتين بناءً على حدود عام (1967)، وغير ذلك لن تشهد المنطقة استقرارًا، ولن تنعم بأمن وأمان، وستظل في حالة من النزاع والاضطراب المستدام، وسيبقى الكره والبغض متوارث من جيل لآخر، ومصر لا تشارك قطعًا في تكريس وتوطيد ظلم على شعب شقيق، بل تعمل بكل قوة من أجل نصرة الأشقاء، والمواقف في جلها واضحة ولا تقبل التشكيك.
والمدهش أن هناك استنكارًا لموقف مصر من قبل من يدعوا للتهجير ويحض عليه؛ فمصر لها موقف ثابت منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها أحداث النزاع وشنت الحرب الضروس على الشعب الفلسطيني الأعزل؛ حيث شملت كافة التصريحات المصرية الرسمية الرفض التام لفكرة التهجير، وعبر الشعب أيضًا عن موقفه سلفًا، وما زال الموقف كما هو لم ولن يتغير.
نُعلن للعالم بأسره أن مصر، وقيادتها، وشعبها، ومؤسساتها على موقفها تجاه التهجير، والمتمثل في الرفض القاطع الذي لا يقبل التفاوض، أو المزايدة، أو التهديد، أو ممارسة ما من شأنه يحقق المأرب للمحتل، وما يمارسه الإعلام الإسرائيلي والمساند له من شن حملات ممنهجة، على الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعلى مؤسسات الدولة، نؤكد أنها لن تنال من عزيمتنا، وإرادتنا، وصمودنا على موقفنا التاريخي.
نقول لأبواق الكذب، ومروجي الشائعات، وملفقي التهم، وباثي الأباطيل، إن ما تقومون به لن يجدي نفعًا، ولا يحدث أثرًا في النفوس؛ فالجميع يدرك جرائم الكيان، ويتفهم مآرب أصحاب الفكرة المرفوضة، ويعلم نوايا التوسع غير المشروع، ويستوعب اغراض الهيمنة، ونؤكد أن مصر وقيادتها صاحبة موقف مشرف نبيل، لا ترتضي أن يشوه تاريخها الناصح بممارسات غير إنسانية في كليتها، وتتسبب في ظلم لا يمحى من ذاكرة الشعوب ما بقيت الحياة.
إن الحسم المصري يغلق باب التكهنات، والتوقعات، ويسد مداخل المزاعم، ويفضح أكاذيب، وأباطيل إعلام تل أبيب، ومن يدعمه، ويروج لفكرته، سواءً أكان مواليًا أم مستخدمًا.. حفظ الله بلادنا الحبيبة وشعبنا العظيم ومؤسساتنا الوطنية وقيادتنا السياسية أبدَ الدهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة