حالة من الحيرة وعدم اليقين تسيطر على أوروبا وحلفاء الولايات المتحدة بشكل عام جراء تصريحات وقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذى يؤسس لمبدأ أمريكا أولاً، في تحدي للقيم المشتركة التي بنيت عليها الشراكات أو التحالفات الأمريكية الأوروبية، وأكثر ما يزيد من هذه الحيرة والانقسام، خطة ترامب بشأن التفاوض على تسوية سلمية في أوكرانيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دون دعوة الأوروبيين للمشاركة.
صحيح.. تحرك الاتحاد الأوروبي لبحث سبل المواجهة لجعل استراتيجيتهم الدفاعية أقل اعتمادًا على الولايات المتحدة وأكثر مرونة وكفاءة، وبدأ الحديث عن ضرورة وجود جيش أوروبى وأيضا قدرت المفوضية الأوروبية أن الإنفاق الدفاعي سوف يتطلب خلال السنوات العشر المقبلة ما قيمته (500) مليار يورو.
وأعتقد، أن التخوف الأوروبى ليس من فراغ، فهم يرون أن التوصل إلى اتفاق سلام بشان أوكرانيا دون ضمانات قد يعزز من قوة روسيا، ومن شأنه أن يترك أوروبا في مواجهة مباشرة معها.
قد يكون فعلا الولايات المتحدة باتت في موقف قوى في السيطرة على الأوروبيين خلال العقود الماضية، وباتت أوروبا تعتمد على واشنطن كثيرا، لدرجة أنها أصبحت تابعا مطيعا للولايات المتحدة، لكن – فى اعتقادى – أن الاتحاد الأوروبي ما زال يمتلك العديد من الأوراق السياسية للتأثير على المفاوضات بشأن أوكرانيا منها، المساعدات العسكرية والعقوبات على روسيا، خاصة أن ترامب في النهاية لا يلتفت كثيرا للأمن الأوروبي، وإنما التركيز كله للولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ لمواجهة الصين.
وبالتالي ليس أمام الاتحاد الأوروبي إلا تحديد أولوياته بما يتماشى مع تحديات المستقبلية، والعمل على تطوير سياسة أوروبية مستقلة في بعيدًا عن الولايات المتحدة، لأن ترامب يتصرف فقط وفق ما تراه المصلحة الإستراتيجيّة للولايات المتحدة، دون اعتبار للمرجعيات التنظيمية الفكرية والأيديولوجية أو التاريخية التي وحدت المعسكر الغربي.
وأخيرا.. تصرفات ترامب ستجعل حلفاء الولايات المتحدة قبل خصومها يعملون على إعادة تقييم العلاقات مع الولايات المتحدة، ما يعنى رسم خرائط جيوسياسية جديدة..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة