إنها ترحل من كل شيء، إلا الذاكرة التى تحملها معك فى كل مكان، أرانى يئست وعاد طيفها يؤلمنى، أبعد كل هذه السنوات؟ تدور الأرض دورتها، وتعدو الأيام وتقف هناك، إنها أشياء لا تُنسى، تبقى محفورة فى القلب، وتظل تُطل برأسها من حين لآخر، تُطل لتطمئن على أنها مازالت تتحكم وتبقى، أن موضعها ثابت، لا يتزحزح، آسف على الوقت الذى مر بلا جدوى، يحرث فينا الأمل، ثم هو يخذلنا، ويشق بعصاه رأسنا، ويشطرها نصفين، أترى يقودنا إلى أين أتدري؟ أتعرف إنك دائما تائه، أشعر بيأس شديد يحوم حول رأسى المكلوم، إنها رحلت كما ترحل الأشياء، وباقية حيث تبقى قى الذاكرة، لا تترك له متنفس، إلا جحيم الفراق، أترانى أريد أن أنساها بالفعل؟ أم أنى أخادع نفسى، كى تعود من مرفأ الوداع.
لا أريد إلا أن أعود لنفسى ثانية، أعود إلى هناك، الشاطئ القديم، الأغنيات التى أحببتها، وعاشت فيا زمنا، ولا تريد أن تغادر، أريد أن أكون أنا الأعلى صوتا، فى دنيايا التى أحببتها وعشقتها، أن أعيش بداخلها، من حقى أن أحتفظ بها فى نفسى، وأنا أريد الرجوع، إننا نتعاون من أجل العودة، من أجل البقاء على ساحة الموت، أحيانا نعانى الحرمان، الذى يطل برأسه من خلف كل جدار، أحتاج إلى أن أكون أنا بلا زيادة ولا نقصان، بلا تبديل، ولا تحريف، بلا قصور، كم أحتاج من الوقت، كى أعود إلى نفسى التائه، أريد أن أكون أنا بلا رتوش، ولا تغيير، يعترنى من الداخل، أو الخارج. هل تشعر بألم فى صدرك؟ أن صدرى لا يعرف إلا الألم، إنه فرن، صهد ناره تحرق حياتى كلها، وكيف إذن تعود؟ وما هى رؤيتك كى تعود؟ وهل تجد نفسك بعد طول الغربة؟ وطول السفر والهجرة؟ هجرة الروح والنفس والقيود، الغربة الساكنة منذ أعوام؟ ألا تستطيع أن تكمل حياتك بهذا الطارئ الجديد؟ أنت تطلب المستحيل، أن العودة صعبة. أعلم ذلك، ولكن لا مفر منها بالنسبة لى، كيف تطلب منى أن أكون غيرى، وأن أعيش بأشياء، ليست لى، ولا صلة لى بها، إنك تطلب مستحيلا، قد يكون هذا بسيط، لمن لا هوية لهم، ولا يعرفه شاطئ، يرسو عليه، ولكنى أعلم من نفسى الكثير، ما يشقيها، وما يسعدها، كيف أتجاهل كل هذا، لأكون غير بالإكراه، أن الرحيل قادم، والهجرة مكتوبة، فوق الجبين، العين التى لا تراها يستشعرها القلب، ويحس بها.
إنك مضطرب الخاطر، مضطرب الفؤاد، فكر فى الأمر مليا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة