للدين قيم أساسية، ثابتة لا تتغير، فالدين يعطي الأساس، الذي تُبنى عليه الحياة، أو القواعد المتينة التي يُشيّد عليها قيم فرعية، قد تتبدل مع الزمن، ولا غبار في ذلك، إذا كان الأساس صلب وقوي، فطبيعة الحياة عامةً، هي أن تتبدل وتتغير، فلا شيء يبقى على حالة واحدة، إن الحركة، هي القانون الأعم الثابت في الكون الهائل، وقد راع الدين هذه الطبيعة الكونية الإنسانية، فكلنا بشر، كلنا إنسان، ورغم ذلك لا يتشابه اثنان في كل شيء، إذا كان هناك تشابه، حتى في التوءم المتطابق، لأن هناك اختلافات، إن لم تكن في الظاهر، ففي الباطن، فالإسلام أعطى لنا القواعد، التي تصلح للجميع، أو يشترك فيها الإنسان أينما كان، أعطى لنا الأساس الفطري، ثم ترك لنا وضع ما يتغير، ويتبدل من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، وهذا يعني أن الإسلام راع في المقام الأول، تلك الفطر الإنسانية، والخصائص العامة، التي تشمل الجميع، ولا تختلف باختلاف الزمان والمكان، أم أن نضع تقاليد وعادات وأفكار، ونجعلها قواعد، أو نجعلها دين سماوي منزل، فذلك العبث الذي يضر بنا، فليست التقاليد التي تختلف وتتنوع دينا، ولا هي مقدسة، وقد تكون واجبة وضرورية في زمن ما، وقد يكون الإقلاع عنها في زمن واجب وضرورة، فلا نعتقدها عقيدة ملزمة، لكل جيل، ولكل عصر، ومن يتركها يكون في عقيدتنا، تخلى عن الدين، وعن العقيدة، إن التعصب الأعمى، حتى ولو كان للخير، قد يسوق الإنسان إلى طريق الشر، للغلبة على غيره، فالإنسان دائما ما يختلق الأعذار لنفسه؛ ليبيح لها ما يكمن فيه من شر، فإن لم يتزن، ويُحكم علقه، في مناصرته للخير، قد يجر عليه وابِل، من صنوف الشر، وهو يعتقد في قرارة نفسه، أن ما يفعله هو عين الصواب، وواجب مقدس، حين يدافع عما يؤمن به، حتى لو اضطر إلى ممارسة الخديعة، في مواجهة الخصم، وكثير ممن يؤمن ذلك الإيمان، ولا يعطون غيره أهمية، ولا قيمة، يلجأون إلى تلك الطرق الملتوية، هنا يجب أن نفرق بين ما هو تقليد وعادة، وأن التخلي عنها، لا يعتبر تخلي عن الدين، وعن العقيدة، أن نفرق، وأن نضع الجذور، فهناك الثوابت العامة، التي لا يختلف مسلم في أمر العقيدة، إن هناك ألاف من التقاليد البالية العتيقة، من يدخلونها في نطاق الإيمان والكفر، فمن يؤمن بها، كان مؤمنا مسلما، ومن يعترض عليها، أو يرفضا كأنما يرفض الإسلام، ويرفض العقيدة، إذ إنه يكفر بها، ولا يلقي لها بالا وإعتبارا.
لم يكن دور المرأة، في عصر النبوة، دور المرأة القابعة في زوايا البيت، ليس لها إلا أن تحلب شاتها، وتعد الطعام لزوجها، وتصلي فرضها، ثم لا شيء بعد ذلك، لم يخبرنا تاريخ عصر النبوة، ولا الأحداث، بشيء من هذا، لم يخلو بيت النبي من رأي لنسائه، في مواقف عديدة من حياته، أو سيرته الشريفة، لم تكن حياة النبي مطموسة المعالم، جافة لا روح فيها، إنما كانت حياة إنسانية كاملة، فيها ما فيها من طبائع أو عادات، وحركة تحسها عندما تقرأ في سيرته صلى الله عليه وسلم، كانت المرأة، التي خرجت من تحت عباءة الإسلام، امرأة وإنسانة، جعلها الإسلام تقف على قدم المساوة مع الرجل في أمر العقيدة والإيمان، ليعملا سويا، ويعمرا سويا، ويقودان جهاد الحياة معا، كل يعطى من ملكاته وما وهبه الله من فطرة سليمة.
جاء الإسلام ليهدم ما صنعته الجاهلية، في عقول الأمم، وهدم أفكارها التي لا تليق بقيمة الإنسان، وقدره عند الله، إنه ليس صراع بين جنس وجنس، ولا نوع نوع، إنما هو التكامل الذي أشار إليه ديننا الحنيف، وأمرنا بالسير به، والأخذ بقوانينه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة