قرأت لك.. " برتراند راسل" كيف فكر الفيلسوف الإنجليزى فى الأخلاق والسياسة؟

الخميس، 30 أبريل 2020 07:00 ص
قرأت لك.. " برتراند راسل" كيف فكر الفيلسوف الإنجليزى فى الأخلاق والسياسة؟ برتراند راسل
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقرأ معا كتاب "برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدًّا" تأليف إيه سى جرايلينج، ترجمة إيمان جمال الدين الفرماوى، والصادر عن مؤسسة هنداوي، وينطلق الكتاب من كون برتراند راسل أحد أشهر وأهم فلاسفة القرن العشرين.
 
برتراند راسل

 ويرى الكتاب أن راسل من بين قلةٍ من الفلاسفة أصبحت أسماؤهم معروفة للعامة، وأصبحوا في حياتهم وأعمالهم تجسيدًا للتراث الفكري العظيم الذي يمثِّلونه، وقد قامت السمعة التي تمتع بها راسل بين معاصريه على تعدُّد إسهاماته — الخلافية في أغلب الأحيان — في النقاشات الاجتماعية والأخلاقية والسياسية والتعليمية. 
وفي هذا الكتاب الذي يعرض لحياته وأعماله، يُطْلِعنا إيه سي جرايلينج على إسهامات راسل في مجالى الفلسفة والمنطق، علاوةً على آرائه الواسعة النطاق بشأن التعليم والسياسة والحرب والأخلاقيات الجنسية.
 
ويقول الكتاب، أسهم راسل إسهامًا كبيرًا فى المناقشات التى دارت حول الأخلاق والسياسة والدين والتعليم وقضايا الحرب والسلام، ولم ير هذه الإسهامات باعتبارها إسهامات فلسفية بالمعنى الضيق للكلمة، فكما يوضح الفصل السابق، كان يرى الفلسفة باعتبارها فرعًا فنيًّا من فروع المعرفة يتناول الأسئلة المجردة التي تُعنَى بالمنطق والمعرفة والميتافيزيقا، وهذه المناقشات الأخرى فى المقابل — فى رأيه — عبارة عن قضايا تتعلق بالعاطفة والرأى، وترتبط بالنواحى العملية للحياة. 
وقد أقر "راسل" بإمكانية وجود تحليل للخطاب الأخلاقى والسياسى في إطار صوريى، أي كدراسة منهجية تتناول منطق الخطابات الأخلاقية والسياسية بدلًا من جوهرها، ولكن ما كان يهمه هو القضايا العملية والمشكلات الواقعية، خاصةً بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى.
 
ومع ذلك تصدى راسل فى بعض كتاباته لعرض أساس الأخلاق، لم يكن يحاول صياغة نظرية جديدة، بل اكتفى بوجهات النظر الثانوية التي (بعد أن أصبح اهتمامه بالقضايا العملية اهتمامًا جديًّا) كانت تتَّسم بطابع "نظرية العواقبية" أى إنها كانت ترى أنه يجب الحكم على القيمة الأخلاقية لأفعال الناس والحكومات بالنتائج.
 وفي الوقت نفسه — وليس على نحوٍ متسق مطلقًا — كان يكتب وكأنه كان يؤمن بالقيمة الأخلاقية الجوهرية لأشياء معينة، مثل الخصال الشخصية كالشجاعة والشهامة والأمانة.
 وقدم كذلك — في بعض كتاباته الأولى — وجهة نظر غير متسقة كذلك مع هذه الآراء، مفادها أن الأحكام الأخلاقية عبارة عن أقوال مُضمرة معبرة عن الموقف الذاتي. 
والمشكلة الأساسية التي واجهت راسل هى كيفية التوفيق بين جانبين متعارضين: من ناحيةٍ، الإخلاص لمعتقدات أخلاقية يؤمن بها بثبات وحماس، ومن ناحيةٍ أخرى، ما يبدو من انعدام وجود مبررات للحكم الأخلاقى، وازدادت الصعوبة التي تواجهه في تحقيق هذا التوفيق بفعل موقفه المتشكك حول ما إذا كانت المعرفة الأخلاقية موجودة أساسًا.
 
ولعل أفضل طريقة لوصف إسهام راسل في المجال الأخلاقي هو القول بأنه كان معلمًا أخلاقيًّا معنيًّا برفع مستوى الأخلاق عند الناس أكثر مما كان فيلسوفًا أخلاقيًّا، وكان شأنه شأن أرسطو من قبله يرى الأخلاق والسياسة مستمرين، فلا فارق فى النوع بين الحكم الأخلاقى أن الحرب شر والمطلب السياسي لتحقيق السلام، من ثَمَّ نجد أن فكر راسل عن الأخلاق والسياسة والمجتمع يتَّسم بالسلاسة والاتساق، مما يفسر سبب تناولها معًا في أشمل كتبه عن هذه المسائل، وهو كتاب "المجتمع البشري في الأخلاق والسياسة".
وفي السياسة كان "راسل" طيلة حياته راديكاليًّا وليبراليًّا من دون مغالاة، وبعد الحرب العالمية الأولى أصبح عضوًا في حزب العمال وترشَّح فى سباقَين انتخابيَّين كمرشح للحزب، وقد مزَّق بطاقة العضوية في ستينيات القرن العشرين في استياء من دعم هارولد ويلسون للحرب التي شنتها أمريكا في فيتنام. ولكنه لم يكن اشتراكيًّا بالمعنى العتيق للكلمة، إذ لم تقنعه الماركسية حين درسها في ألمانيا في تسعينيات القرن التاسع عشر أثناء الإعداد لكتابه الأول: "الديمقراطية الاجتماعية الألمانية" (كانت "الديمقراطية الاجتماعية" تعني الماركسية آنذاك، وكان معارضًا بالفطرة للاتجاه للمركزية الذي تنادي به الاشتراكية حسب مفهومها آنذاك — وكانت تلك هي السمة الوحيدة تقريبًا للاشتراكية التي طُبقت بالكامل في الدول السوفييتية — ولذلك جذبته أكثرَ الاشتراكيةُ النقابية، وهي شكل لا مركزي من الملكية والسيطرة التعاونية يحكم الناس أنفسهم بموجبه في ظروف — على المستوى المثالي — تدمج حياتهم الاجتماعية والترفيهية والعملية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة