كيف أعاودك وهذا آثر فأسك..
هل يعرف الرئيس الأمريكى ترامب هذا المثل العربى القديم وحكايته..؟ بالتأكيد لا يعرفه ولم يسمع به حتى. فلو كان قد حاول أن يقرأ حكايته، لأدرك أن عرضه على إيران بعد ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، عرض مثير للسخرية والعبث. فالمثل يطلق على من لا يفى بعهده لمن عاهده.
فما بالك بمن خدع مرتين، فى الأولى اجتماعات هنا فى مسقط وهناك فى روما سوف تفاجئ طهران باعتداءات للطيران الإسرائيلى على منشآت سيادية فوق أراضيها واغتيال قادة وعلماء قبل يومين فقط من اجتماع محدد له بين الوفود الإيرانية والأمريكية فى العاصمة العمانية مسقط بعد يومين فقط من العدوان الإسرائيلى..!
وفى الثانية يخدع ترامب ايران بالاجتماع الوهمى بين الترويكا الأوروبية (فرنسا - ألمانيا – إيطاليا) فى جنيف ويصرح بأن هناك فرصة ومتسع من الوقود للتفاوض حول البرنامج النووى الإيرانى وبعدها بساعات تتفاجأ طهران بالضربة الأمريكية على مفاعلات أصفهان وفوردو ونطنز وخروج ترامب بعدها ليصرح بأن كل شيء انتهى وحان الآن وقت السلام..!!
قبلها أربك ترامب العالم بتصريحاته المتناقضة والمتسمة بالعظمة والتباهى والنرجسية.. حتى أنه طالب بمنحه جائزة نوبل للسلام ونيران الحروب مازالت مشتعلة فى فلسطين المحتلة وأوكرانيا وايران، رغم تصريحاته يوم تسلمه السلطة فى 20 يناير الماضى بأنه سيوقف الحروب ويسعى إلى إقامة السلام فى المناطق الساخنة وتصور العالم أن الحرب الروسية الأوكرانية سوف تتوقف فى الليلة الأولى عقب خطاب ترامب. فاشتعلت جبهة حرب جديدة بين إسرائيل وإيران..!
ترامب حير علماء النفس والمتخصصين بأفعاله وتصرفاته وتصريحاته والبعض اهتم بالتحليل النفسى الظاهرى لشخصية الرجل الحاكم للإمبراطورية الأمريكية الأكبر فى العالم عسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا. مع الأخذ فى الاعتبار أن التحليل النفسى لشخصية دونالد ترامب يتطلب الحذر والتوازن، خاصة أن أى تحليل من هذا النوع يعتمد على معلومات متاحة للعامة، ولا يمكن اعتباره تشخيصاً طبياً رسمياً. مع ذلك، العديد من علماء النفس والمراقبين السياسيين حاولوا تحليل شخصيته بناءً على سلوكياته العامة، خطاباته، وتاريخه المهنى والشخصى.
أحد أساتذة الطب النفسى فى جامعة جونز هوبكنز الأمريكية وهو الدكتور جون جارتنر، قال إن ترامب "يُظهر علامات خطيرة لاضطراب الشخصية النرجسية المصحوب بجنون العظمة". وآخرون، مثل البروفيسور دان ماك آدامز، أجروا تحليلات لشخصيته من منظور علم النفس التطورى والسياسى، وخلصوا إلى أن ترامب يمثل نموذج "البطل المتمرد" الذى يتحدى المؤسسات ويعد بالتغيير الجذرى.
ويحدد علماء النفس أهم السمات البارزة فى شخصية ترامب وأهمها النرجسية، فالرئيس الأمريكى يظهر العديد من سمات اضطراب الشخصية النرجسية بالتركيز الشديد على الذات. والحاجة الدائمة للإعجاب والإطراء. والشعور بالعظمة والتميّز. والتقليل من شأن الآخرين. السمة الأخرى هى العدوانية والاندفاع، بأسلوبه الهجومى فى النقاشات والمناظرات، وردود أفعاله السريعة والاندفاعية، بما يشير إلى الميل لاستخدام العدوان كآلية دفاعية. وغالبا ما يرد على النقد بالهجوم الشخصى أو التهكم.
السمة الثالثة، البراجماتية الشديدة والانتهازية، فترامب يميل إلى استخدام الخطاب الذى يلبى مصالحه فى اللحظة، بغض النظر عن التناقضات السابقة. ويعكس هذا مرونة أخلاقية عالية، وأحيانًا لا مبالاة بالحقائق الموضوعية.
والسمة الشخصية الرابعة هى الشعبوية والاستثنائية، ترامب يستخدم لغة شعبوية بسيطة ومباشرة. ويصور نفسه على أنه "المنقذ" أو "الرجل القوي" الذى يمثل الشعب ضد النخبة.
وهو ما يتماشى مع نمط الزعيم الكاريزمى الشعبوى الذى يعتمد على إثارة العاطفة لا المنطق.
أما السمة الخامسة فهى الرغبة الدائمة فى السيطرة على السرد، الإعلام، وحتى من حوله، وهو ما قد يشير إلى قلق داخلى من فقدان السيطرة أو الضعف، مع المبالغة أحيانًا فى رواية إنجازاته لتأكيد قوته ومكانته.
عموما ووفقا للدراسات النفسية، فالتحليل النفسى عن بعد لا يرقى إلى التشخيص، وكثير من المحللين يستخدمون النماذج النفسية التفسيرية كأدوات لفهم السلوك، وليس لإطلاق الأحكام المرضية.
إذا رغبت، يمكننى تقديم مقارنة بينه وبين زعماء آخرين من حيث الأنماط النفسية.
المقارنة النفسية بين دونالد ترامب وزعماء آخرين يمكن أن تسلط الضوء على اختلافات عميقة فى أنماط القيادة والشخصيات، مما يساعد فى فهم كيف تتشكل السياسات العامة، الخطاب السياسى، وحتى العلاقة مع الجمهور. إليك مقارنة بين دونالد ترامب وثلاثة زعماء بارزين من فترات وسياقات مختلفة:
خلاصة الأمر أننا – كشعوب المنطقة وحتى الشعوب الأوروبية- أمام رئيس مختلف للولايات المتحدة الأمريكية أقرب إلى نمط الزعيم الشعبوى النرجسى الذى يسعى لإثارة الجدل والحفاظ على ولاء جماهيرى عاطفى ويتمتع بميزات نفسية خاصة جدا تركز على الاعجاب والانتصار الشخصى وتضخيم الإنجازات وتقليل الفشل واتخاذ القرارات السريعة.