الوعي السياسي هو مفهوم يرتبط بمدى إدراك الأفراد للعوامل والأحداث السياسية وتأثيراتها على حياتهم ومستقبلهم، ولعل تحرك الأحداث السياسية بشكلٍ متسارع يدفعنا نحو مناقشة تلك التغيرات وأهمية رفع وعي الشباب بتلك القضايا والأحداث للنظر إليها بصورة أعمق، فدائمًا ما يراودني تساؤل وأنا أتابع تلك الأحداث، كيف للشباب أن تعلق على تلك الأحداث بصورة نمطية موجهة؟
تكمن الإجابة على هذا التساؤل في استعراض بعض النقاط، أولًا: يجب أن يكون الشباب على دراية أن الوعي السياسي أسسًا جوهريًا لا غنى عنه في رحلة التنشئة السياسية، مما يعزز فرص الشباب في أن يصبح قائد سياسي له دور فعال، ولعل الدولة المصرية تعمل جاهدة على قدم وساق من أجل بناء الإنسان وصناعة المستقبل بيد الشباب، لتقديم نماذج قادرة على التعرف على الحقوق والواجبات السياسية، وتقييم السياسات الحكومية، والمشاركة بفعالية في العمليات السياسية.
وبالنظر إلى محركات الرأي العام سنجد أن الشباب لهم دور فعال في تحريك الرأي العام وذلك من خلال استغلال قوة منصات التواصل الاجتماعي في دفع الرأي العام نحو أفكار موجهة ونشر أفكار قد تكون بعيدة عن الصدق، فتحريك الرأي العام يتطلب فهم كيفية توجيه هذه الآراء وتشكيلها بطريقة تؤثر على السياسة واتخاذ القرارات، مع الأخذ بالاعتبار آليات مكافحة الشائعات والتحقق من صدق المعلومات، وتأثير العقل الجمعي.
تبدأ عملية تشكيل الرأي العام من أساسيات التعليم مع الأخذ في عين الاعتبار دور الإعلام، فلابد من تقديم مناهج وبرامج تعليمية تهتم بتعزيز المعرفة والثقافة وتقديم خارطة طريق للشباب عن كيفية الحصول على المعلومات والتأكد من مدى صحتها، وبالنظر إلى دور الإعلام، سواء كان تقليديًا أو حديثًا مثل كوسائل التواصل الاجتماعي، فإنه يؤثر بشكل كبير على الوعي السياسي، من خلال تقديم الأخبار والتحليلات، والتعليقات على الأحداث السياسية مع استعراض وجهات النظر المتباينة، وترك الفرصة أمام المتلقي لتحديد رأيه واتجاهه، كما يمكن للإعلام توجيه كيفية فهم الأفراد للأحداث والقضايا السياسية.
لابد من تنشئة الشباب وتعزيز خبراتهم على أهمية المشاركة والتفاعل مع الأحداث المختلفة، سواء بالتعبير عن رأيهم أو إتاحة الفرصة لهم لتقديم مقترحاتهم في القضايا الاجتماعية، والسياسية والاقتصادية، الأمر الذي يعزز ثقة الشباب في أفكارهم وقرارتهم.
إن تقديم الفرص للشباب للمشاركة في تشكيل الرأي العام والقرارات السياسية يسهم في انتشار تلك الظاهرة الإيجابية بين الشباب، فالعدوى الإيجابية التي تصيب أفكار الشباب هي ما نستهدفه اليوم لتقديم نماذج سياسية متميزة، كما سيتيح الفرصة لفتح باب المناقشات ونماذج المحاكاة التي تحاكي الواقع السياسي والاجتماعي.
وبالنظر إلى أدوات واستراتيجيات تحريك الرأي العام السياسي على يد الشباب، سنجد أن تلك القضية تحتاج إلى نشر محددات التسويق السياسي لدى الشباب، والتأكيد على ضرورة المتابعة المستمرة للمشاهد السياسية العالمية والنقاشات بين الرؤساء ومتابعة القضايا المختلفة، لزيادة مستوى الوعي لديهم بشكل عملي ونظري.
وفي هذا الصدد أقترح إنشاء منصة رقمية معنية بمجابهة الشائعات، تستهدف تقديم جميع المعلومات والأخبار التي تنشر على منصات التواصل الاجتماعي بشكل مغلوط وتصحيح الصورة عنها، مما يشارك في تصحيح المعلومات ورفع الوعي وتحريك الرأي العام بشكل إيجابي، فنشر المعلومات والتثقيف حول القضايا السياسية والاجتماعية يمكن أن يعزز من الوعي، وزيادة فهم القضايا المعقدة وتشجيع المشاركة الفعالة في العملية السياسية، فمواجهة الإعلام المضلل يتطلب التحقق من المصادر وتعليم الأفراد كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والمزيفة.
بالإضافة إلى ضرورة تقديم عدد من البرامج التدريبية المتخصصة بالتحقق من المعلومات وآليات تكوين الوعي الجمعي وذلك لتهيئة عقول الشباب حتى تتمكن من كشف الحقائق، وعدم الانسياق خلف الشائعات دون معرفة صحتها ومصدرها، فلابد من أن يكون الوعي هو الركيزة الأساسية لفكر الشباب، وأن يتعلم التفكير بشكل نقدي وعقلاني، فالبعض يستهدف تحقيق انتشار وشهرة واسعة بغض النظر عن محتواها وأثرها، فالحفاظ على الحدود الثقافية والفكرية والاجتماعية هي الأساس الذي سينقذ المجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة