"أنا شايف نفسي راجل ناجح عندي 6 أولاد يشرحوا القلب، بديهم حرية وبعاملهم أنهم أصحابي بس لو أدتهم حرية أكبر من كدا الدنيا هتخرب".. بنبرة حادة تملؤها الحب الممزوج بالخوف على أبنائه، بدأ النجم خالد النبوي بهذه الكلمات برومو مسلسله الجديد إمبراطورية ميم ضمن موسم مسلسلات رمضان 2024، هذا المسلسل الذي ينتظره الآلاف في مصر والوطن العربي، ولعل السبب الرئيسي هو ثقة هذا الجمهور الكبيرة في اختيارات النبوي التي دائمًا تحلق بعيدًا عما اعتدنا عليه، فكلنا ثقة أننا سنشاهد عملاً رائعًا وممتعًا.
وقد يتضح خلال برومو العمل المجهود الكبير المبذول بالمسلسل، فيتضح علاقة النبوي بأولاده خلال البرومو بين المواقف الكوميدية تارة والمواقف الجادة القاسية تارة أخرى، فالحقيقة أن معظمنا يعرف قصة الرواية الأصلية للكاتب العظيم إحسان عبد القدوس، والتي قد عرضت من قبل كفيلم سينمائي لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وتربي علي هذا الفيلم جيل كامل فكان يبث بعض من القيم والأخلاق المهمة، ولكن الكثير كان لا يعرف أن بطل الرواية الأصلية هو رجل وليس امرأة وبسبب عشق فاتن حمامة لتلك الرواية الهامة والتي كانت عبارة عن خمسة عشر صفحة فقط قررت أن تقدمها وأن يتم تعديلها ليكون بطلها امرأة.
ومن المؤكد أن إعادة تقديم الرواية التي قدمت من قبل كفيلم يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية هي مغامرة كبيرة وتحدٍ عظيم، ولكن من يقوم بهذه المغامرة ويقبل هذا التحدي، هو الذي أعتاد المجازفة والدخول في تلك التحديات هو النجم خالد النبوي.
في وقت ليس ببعيد عندما سنحت لي الفرصة "وكانت بالمناسبة فرصة عظيمة" أن أتحدث مع النجم خالد النبوي فسألته لماذا تميل إلى تقديم الروايات في أعمالك وهذه المنطقة يخشي منها الكثير من النجوم لأنها مغامرة، فجاء رده كيف يكون لدينا روايات وقصص لكتاب عظماء مثل إحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم وبهاء طاهر ونجيب محفوظ ولم نستغلها فنحن لدينا تراث عظيم لابد من استغلاله وتقديمه.
الحقيقة أن هذا الرد ليس غريبًا علي شخص قد تربي على القراءة والثقافة، فمنذ أن كان طفلاً صغيرًا وكان والده يحضر له روايات وكتب لكبار الكتاب، فتخيل أن أول رواية يقرأها النبوي وهو صغير كانت "الأم" لمكسيم جوركي، بالإضافة لكتب وروايات لدوستويفسكي، فهذا دليل أن لديه مخزون ثقافي لا حصر له تجعله يميل لهذا النوع من الأعمال التي نجح فيها نجاحًا كبيرًا حتي بدأ البعض بتلقيبه بنجم دراما الروايات الأدبية.
"داود باشا بن يزيد المصري" فمن منا لا يحبه في "حديث الصباح والمساء" لرواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، وكانت بداية النبوي في الأعمال الدرامية المأخوذة عن روايات، فأجبرنا النبوي أن نعشق تلك الشخصية ونسير معها علي ضفاف الحب من أول نبرة صوته وتنهيدته وحنانه الذي حرم منه ولكنه كان يعطيه لكل من يقابله، فداود تملك منا ومن مشاعرنا أحببناه وشاهدنا فيه الأخ والأب والحبيب، ولعل حديث الصباح والمساء كان دليل قاطع على نجاح هذه الأعمال، بالرغم أنه ليس من العدل أن نقارن الرواية بالعمل الدرامي لأن الرواية تتركنا لخيالنا نرسم شخصياتها ونغوص معها في عالمنا نحن وعندما تتحول للعمل الدرامي نري تلك الشخصيات من لحم ودم أمامنا فتوقف لدينا الخيال، ولكن في الحقيقة أنها فرصة قوية وعظيمة لوصول تلك الرواية لشريحة كبيرة جدًا فبحسبة بسيطة كم منا قرأ الرواية قبل أن تعرض علي التلفزيون وكم منا شاهد المسلسل هذا المسلسل الذي أصبح أيقونة عظيمة في الدراما المصرية.
بعد نجاح هذا المسلسل توقف النبوي عن تقديم هذا النوع من الأعمال لمدة لا تقل عن 16 عامًا، فربما كان يبحث النبوي عن رواية أخرى تلمسه، وربما لم تستهويه شخصية مثل داود باشا، حتى ظهر "محمود عبد الظاهر" في واحة الغروب تلك الضابط الثائر الذي يحب وطنه ويرفض احتلال الإنجليز لها فيحكم عليه بالنفي مدي الحياة في واحة سيوة، تبعثرت مشاعره وتبعثر وجدانه وكان من أهم مقولاته "أفهم أي معني للموت، لكن ما دام محتمًا فلنفعل شيئًا يبرر حياتنا، فلنترك بصمه علي هذه الأرض قبل أن نغادرها" الحقيقة أن هذا الشخصية لم تكن سهلة أبدًا ولم نتخيل شخص أخر غير النبوي يقدمها وأبدعت أمامه النجمة منه شلبي التي قدمت دورًا من أعظم أدوارها علي الإطلاق.
ومن الظاهر أن النبوي قد أخذ عهدًا علي نفسه ألا يترك هذا الإرث العظيم من الروايات، فقدم بعد واحة الغروب بسنوات قليلة مسلسل "راجعين ياهوي" عن قصة الراحل أسامة أنور عكاشة، فدور بليغ أبو الهنا الذي قدمه النبوي كان يعتبر دورًا جديدًا عليه فهو رجل الأعمال الناجح المغرور الذي يعشقه النساء، قدمه بخفة دم فأحببنا بليغ وأحببنا مغامراته ومواقفه وهدفه في لم شمل العائلة من جديد.
ولم يمر وقتًا طويلاً حتي وقع الاختيار على رواية إمبراطورية ميم ننتظرها بشغف، ويقدم فيها النبوي دور مختار الأب الذي وجد نفسه أمام مسئولية تربية 6 أبناء بمفرده، وفي وسط هذه المسئولية يلوح له الحب من جديد، وبين صراعات وتحديات ومواقف كوميدي وأخري قاسية ننتظر مختار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة