في التاريخ الإسلامي شخصيات مهمة، دورها لا ينسى وأثرها لا يزول، ومن هؤلاء أحمد الموفق، وأخو الخليفة المعتمد، وقائد جيوشه وهازم الزنج فى ثورتهم الشهيرة.
الموفق بالله أبو أحمد محمد بن جعفر المتوكل على الله ابن محمد المعتصم بن هارون الرشيد (227 ـ 278هـ/842 ـ 891م). وقيل إن اسمه طلحة، الأمير العباسي وقائد جيش الخليفة المعتمد على الله.
ولد في بغداد من أم ولد للخليفة المتوكل على الله، وتربى تربية علمية، فكان عالماً بالأدب والأنساب والقضاء والفقه، غزير العقل، حسن التدبير كريماً حازماً، ذا مقدرة سياسية ممتازة، حتى إن بعضهم رأى بأنه المنصور الثاني لأنه لم يُعْرَف في ولد المنصور من هو أشبه به منه.
كان الموفق ولي عهد المعتمد على الله إلا أنه كان الخليفة الفعلي وإن كان اسم الخلافة للمعتمد، كان يجلس للمظالم، وعنده القضاة فينصف الناس.
يعتبر الموفق أبا الخلفاء الثاني بعد المنصور إذ أن الخلافة العباسية استمرت في عقبه حتى سقوطها على يد هولاكو خان عام 656 هجرية.
كما يعتبر الموفق باعث الحياة في الخلافة العباسية بعد أن أشرفت على السقوط بسبب حالة الفوضى التي سادت على يد الأتراك بين عامي 247 - 256 بعد مقتل الخليفة المتوكل وإستبداد الجنود الأتراك وقادتهم بالأمر وقتلهم للخلفاء المنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي واستقلال أمراء الأطراف بولاياتهم كالصفاريين في المشرق والطولونيين في مصر ولولا الخطر الذي شكلته ثورة الزنج على القادة الأتراك وإحساسهم أن الخطر سيحيق بهم لأنتهى أمر الدولة إلى الانحلال والزوال.
تحمل الموفق بالله أعباء كبيرة في سبيل تثبيت الخلافة إذا تمكن من القضاء على ثورة الزنج كما تمكن من إيقاع الهزيمة بجموع الصفاريين وزعيمهم يعقوب بن الليث الذي كان قد إقترب من بغداد في محاولة لإرغام الخليفة على الاعتراف بسلطانه على المشرق، كما تمكن أيضاً من الحد من توسع الطولونيين غرباً.
توفي الموفق عام 278 هجرية وكان سبب وفاته النقرس، وذلك بعد حياة حافلة بالأحداث الجسام، توفي الموفق في بغداد في خلافة أخيه المعتمد، وكان مصاباً بداء النقرس حتى إنه لم يكن قادراً على الركوب، فإتُخِذ لهُ سريرٌ عليهِ قبةٌ فكان يقعد عليه، ومعه خادمٌ يبرد رجله بالثلج. ثم صارت علة رجله داء الفيل وكان يحمل سريره أربعون حمالًا يتناوب عليه عشرونَ وربما اشتد به أحيانًا فيأمرهم أن يضعوه حتى قال لهم يومًا: قد ضجرتم وبودي أني واحد منكم أحمل على رأسي وآكل وأني في عافية قد أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق أسوأ ما فيهم أقبح حالًا مني .
توفي بالقصر الحسني ليلة الخميس لثمان بقين من صفر عام 278 هجرية وله تسع وأربعون سنة تنقص شهرًا وأيامًا. وقد قال عبد الله بن المعتز: لما مات الموفق كتب إلي عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يعزيني عنه فقال: إني أعزيك بالمنصور الثاني لأني لا أعرف في ولده أشبه به منه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة