تمر اليوم الذكرى الـ577، على ميلاد الإمام جلال الدين السيوطى، إذ ولد فى 3 أكتوبر من عام 1445، يعد فضلاً عن كونه فقيهًا ومحدثًا ومتكلمًا ومفسرًا ولغويًا ونحويًا وأديبًا وشاعرًا ومؤرخًا وفيلسوفًا.
كان منهج السيوطى فى الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه، فإذا ما توفِّى انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه (محيى الدين الكافيجي) الذى لازمه السيوطى أربعة عشر عامًا كاملة، وأخذ منه أغلب علمه فى التفسير والأصول والعربية والمعاني، وأطلق عليه لقب (أستاذ الوجود). ومن شيوخه (شرف الدين المُنَاويّ) وأخذ عنه القرآن والفقه، و(تقى الدين الشبلي) وأخذ عنه الحديث أربع سنين، وأخذ العلم أيضًا عن شيخ الحنفية (الأقصرائي) و(العز الحنبلي)، و(المرزباني) و(جلال الدين المحلي) و(تقى الدين الشمني) و(علم الدين البلقيني)، وغيرهم.
ولم يقتصر تلقى السيوطى على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء اللاتى بلغن الغاية فى العلم، منهن (آسية بنت جار الله بن صالح الطبري)، و(كمالية بنت عبد الله بن محمد الأصفهاني)، و(أم هانئ بنت الحافظ تقى الدين محمد بن محمد بن فهد المكي)، و(خديجة بنت فرج الزيلعي)، وغيرهن كثير.
ألف الإمام السيوطى -رحمه الله- الكثير من المُؤلفات، وقسم مؤلفاته لسبعة أقسام فى كتابه "التحدث بنعمة الله"، وهي: ما تفرَّد بها ولا يستطيع أحد مماثلتها، ومنها ما يَسهل مشابهتها، وذات الحجم الصغير وتتكون من كراس إلى عشر كرّاسات، ومنها ما هو مختصر بكرّاس واحد، ومنها ما يتحدث عن الفتاوى، ومنها ما لا يعتمدها ولا يأخذ بها، والشروحات.
ويقال إن مؤلفات السيوطى زادت على الثلاثمائة كتاب ورسالة، عدَّ له بروكلمان (415) مؤلَّفًا، وأحصى له حاجى خليفة فى كتابه (كشف الظنون) حوالى (576) مؤلفًا، ووصل بها البعض كابن إلى أن السيوطى ألف عددا كبيرا من الكتب والرسائل إذ يذكر ابن إياس فى «تاريخ مصر» أن مصنفات السيوطى بلغت ست مائة مصنف. وقد ألف فى طيف واسع من المواضيع تشمل التفسير والفقه والحديث والأصول والنحو والبلاغة والتاريخ والتصوف والأدب وغيرها.
بينما قال الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، إن الإمام جلال الدين السيوطى له مؤلفات شديدة الخصوصية والنوعية، من بينها "تحفة الكرام فى خبر الأهرام"، حيث يمثل رؤية مبكرة قبل 500 سنة بعناية علماء الإسلام بالآثار، والهرم والمعابد الفرعونية، واصفا إياه بالموسوعة فى إطلاعه ومعرفته، كما ترك عند وفاته 1164 مؤلفا فى مختلف ميادين العلوم والمعارف.
فى سنواته الأخيرة، قرر الإمام السيوطى اعتزال الناس، وتفرَّغ للعبادة والتصنيف لمَّا بلغ من العمر الكثير، فبقى فى منزله فى القاهرة فى منطقةٍ تسمى روضة المقياس، وترك الإفتاء واعتذر عنه، وبقى معتزلا الناس حتى توفاه الله.
توفى الإمام السيوطى فى منزله بروضة المقياس على النيل فى القاهرة فى 19 جمادى الأولى سنة 911 هـ، الموافق 20 أكتوبر 1505 م، ودفن خارج باب القرافة فى القاهرة، ومنطقة مدفنه تعرف الآن بمقابر سيدى جلال نسبة إليه، وقبره معروف هناك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة