"وليد وماهر وشاهر جمال محمد أحمد"، 3 أشقاء لم تعيقهم إصابتهم بعلة عدم اكتمال نمو أقدامهم، وجعلتهم من فئة "قصار القامة" عن نجاح حققوه مجتمعين بعرق جبينهم، واستطاعوا بعد رحلة معاناة تنقلوا خلالها من صعيد مصر وصولا لمدينة الزقازيق ثم العريش، التى فيها بدأوا مجتمعين بالبحث عن الرزق من كشك صغير، مرورا بتقلبات ومعاناة فى التجارة حتى أصبحوا خلال 20 عاما من كبار تجار شمال سيناء فى 3 مجالات مختلفة يعاونهم الآن أبنائهم وشقيق لهم.
رحلة معاناة بدأت من الصفر والمرض، كما أكد الأشقاء الثلاثة لـ"اليوم السابع" وهم يروون تجربتهم التى استهلوها بالتأكيد على أنهم يشكرون الله ليل نهار أنهم أصيبوا بإعاقة حرموا بسببها من الكثير لكنهم لم يحرموا من نعم الله وفضله عليهم، بعد أن حققوا ما عجز عنه أقران لهم فى كامل صحتهم وكل هذا بعرق وجهد ومعاناة لسنوات.
وأشار الأشقاء الثلاثة، إلى أنهم أبناء رجل بسيط كان يكسب قوت يومه من خلال البيع فى الأسواق للملابس والبضائع فى مدينة الزقازيق والأسواق المجاورة لها، بعد أن جاء من محافظة أسيوط بصعيد مصر يبحث عن رزقه، وكان نصيبه من الأولاد 4 وهم الثلاثة الذين ولدوا بشكل طبيعى ولكن بعد سنوات الطفولة ظهرت عليهم إعاقة تقوس القدمين وعدم اكتمال نموها، الأمر الذى أجبر والده على إجراء 3 عمليات لكل واحدا منهم بهدف استعدال القدمين ليتمكن من المشى عليها وكان هذا حال شقيقة رابعة لهما بينما ولد شقيق خامس لهما معافى تماما وهو "عمر".
قال "وليد" 45 سنة، إنه أكبر أشقائه ويشعر بمعاناته عند دخوله المدرسة ولكن والده لم يبخل عليه واشترى له دراجة ليتمكن من الوصول لمدرسته ثم للجامعة فيما بعد، وكان شاهدا على معاناة الوالد بعد ولادة اشقائه الاثنين وشقيقته الأصغر منه، وكذلك معاناة الوالدة التى كانت تحمل الاطفال مع الوالد ويتنقلون بها بين عيادات الأطباء بحثا عن علاج فى ظل ظروف مادية صعبة.
أضاف أنه شاء القدر، أن يلبى والدهم دعوة حضور فرح أحد الأقارب بالعريش، وفيها يقوم بحل خلاف بين زوجين على ملكية كشك، ولحل هذه الإشكالية حتى لا يصل للطلاق والانفصال وخراب البيت، تعهد بشراء الكشك منهما رغم انه لا يملك من المال شيئا، وعاد للزقازيق وكاد أن ينسى الكشك، لولا انه فوجئ أن الرجل وزوجته يحضران يطالبه بالحضور لاستلام كشكة وسداد ما تبقى من ثمنه.
أضاف وليد واصفا بدايات المعاناة، انه كان فى ذلك الوقت فى الجامعة وقت اجازة، وقال لوالده انه سيسافر معه وهو ويدير هذا الكشك، وبالفعل قام الوالد ببيع "ماعز" كان يربيها على السطح وتجميع ما استطاع من المال وسافرنا سويا للعريش، وأحضرت بضاعة بسيطة من مناديل ورق وخردوات، بينما عاد الوالد للزقازيق للمنزل وكانت فاتحة خير، حيث توسع المجال شيئا فشيئا وعند عودة الوالد بعد شهور لم يصدق ما تحقق من أرباح، ومن هنا بدأت الأسرة فى استئجار منزل بالعريش والاستقرار فيها وأصبح جميعنا فى هذا الكشك نتعاون فى البيع وتوسعنا فى إحضار البضاعة.
وتابع الحديث شقيقه الأصغر "ماهر" 39 سنة، بقوله انه شاء القدر أن يصدر قرار إزالة الكشك من الميدان، وقالوا لهم سنعوضكم بآخر فى أحد الأحياء البعيدة، لكنهم رفضوا، وبدأوا فى البحث عن محل للإيجار، وفيه عايشوا كثيرا من التقلبات والعمل فى كل أنواع التجارة، حتى وفاة الوالد وواصلوا مسيرتهم، وقرروا أن يشترون محلا صغيرا يغنيهم عن الإيجار، وبالفعل منه بدأوا فى بيع الأدوات المنزلية، واستطاعوا أن يتوزعوا ويضيفون أنشطة متواصلة فى مجال بيع الأجهزة الكهربائية ثم المفروشات، وخلال هذه الفترة تمكنوا من شراء منزل من دور واحد واستكماله 4 ادوار كل واحد منهم دور مخصص له وأسرته .
وتابع الحديث "شاهر" شقيقهم الأصغر 22 سنة، بقوله انهم حتى اليوم يعيشون أسرة واحدة، وكبيرهم بعد وفاة والده شقيقهم الأكبر، ووالدتهم ترعاهم وتتابعهم حتى بعد أن نجحوا فى السوق، لافتا إلى أن اشقاءه مصدر فخر له ورغم انه صغير ولم يعاصر كثيرا معاناتهم إلا انه يفاجئ بكم الحب من الناس فى مدينة العريش لهم فى كل مكان يتواجد فيه، ويعتبر انه واشقائه مميزين فى كل شيئ وهذا اكسبهم معرفة ومحبة بالجميع أكثر.
وعاد للحديث "وليد" مؤكدا أن سر نجاحهم من بعد توفيق الله، انهم عندما وصلوا للعريش قادمين من الزقازيق فى التسعينيات، استقبلهم أهلها بطيب وترحيب، ووجدوا فيها خير كثير ولم يقابلهم من يضيق عليهم أو يتنمر على إصابتهم ويجرح شعورهم ولو بكلمة وهذا شجعهم ورفع معنوياتهم وجعلهم يدينون دائما لمدينة العريش وسكانها بالفضل لما هم فيه نتيجة ماوجدوه من حب لهم .
واستكمل الحديث "ماهر" انهم الآن أصبحوا أرباب أسر لافتا انه أنجب 4 أطفال وهم جمال فى الثانوية العامة وعمر بالمرحلة الإعدادية، ورحمة بالثالث الابتدائي، ومحمد 5 سنوات، بينما شقيقه وليد له من الابناء "تقى" فى الاعدادية، ويصغرانها "أحمد وعمار وايه" وجميع ابنائهم فى كامل صحتهم ولياقتهم ولم يرثوا منهم أى إعاقة، ويعتبرون هذا "رضا" من الله و"عوضوا" ما أصيبوا به فى أبنائهم ونجاحهم فى تجارتهم.
اضاف انهم حتى اليوم يعملون بروح واحدة و يشرفون بأنفسهم على كل صغيرة وكبيرة فى تجارتهم، يبدأون عملهم بالخروج من بيوتهم فجرا متجهين لوالدتهم ويطلبون رضاه والدعاء لهم ولايغادرون محلاتهم إلا منتصف الليل، وخلال هذا الوقت يتقاسمون اللقمة على الغداء ولا يعرفون مصطلح القيلولة والراحة نهارا.
وأجمع الاشقاء الثلاثة انهم خلال رحلة معاناتهم يعتبرون أن هناك محطات لا ينسوها، بينها إجراء العمليات الثلاثة لكل منهم لاستعدال القدمين من التقوس، وقام بها الدكتور عصام الشريف فى أسيوط ووقتها كان الوالد حاله بسيط وهذا الطبيب لعب دورا فى التخفيف عن معاناتهم وتقدير ظروفهم وامنيتهم مقابلته إذا كان حيا وتقديم الشكر له.
الحديث مع الاشقاء الثلاثة لم يملك خلاله "وليد" شقيقهم الأكبر دموعه وهو يؤكد أن أشقائه أغلى شيء عنده، وبعد وفاة والده كان حريصا على أن لا يبتعدوا عن بعضهم حتى انه فى بداية مرحلة تحسن أحوالهم وشراء منزل لهم أصر على أن يستكمل أدواره، ويقوم باستكمال إجراءات زواجهما وبعد الاطمئنان عليهم تزوج هو، استطرد موجهة نصيحة لكل من يرى أى معاق أمامه أن يدرك أن الله أكرمه لأنه أعطاه ميزة وانتقاله وليس عيب أصيب به.
وبدوره أشار "عمر" شقيقهم الرابع والذى ولد طبيعيا، إلى انه مع اشقائه الثلاثة الذين يتوسطهم، ويعتبرهم وجه خير عليهم وانه لاينسى بداية الصفر وصولا لرقم وتميز فاعل فى المجتمع والسوق وتابع انه لا يستحى أن يقول انه لاينسى أن من فصول المعاناة التى مر بها انه كان "يبيع مناديل فى السيارات"، ويفتخر اليوم لما وصل واشقائه وهو فى معيتهم إليه.
مع شقيقهم
مع محرر اليوم السابع
يبيع
يتحدث
يستقبلون الزبائن
يقبل يده
مع شقيقهم وابنهم
الأشقاء الثلاثة وشقيقهم الرابع
الثلاثة
بتابعون عملهم
عمل متواصل
فى عملهم
الاخ الرابع
أحد الأشقاء
أحد الأشقاء
أحد الأشقاء
الابن جمال ماهر
الابن وعمه الاصغر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة