حالة من الجدل الواسع بعد قرار النيابة العامة، إخلاء سبيل ربة منزل بمنطقة المعصرة ضبطها زوجها فى أحضان عشيقها ابن الجيران والذى قفز من الدور الرابع خوفا منه وسقط جثة هامدة، وذلك بعد أن تنازل الزوج أمام نيابة حلوان عن حقه فى تحريك دعوى جنائية ضد زوجته بممارسة الزنا.
بداية الواقعة جاءت بتلقى قسم شرطة حلوان بلاغا بمصرع شاب 32 سنة سقط من الطابق الرابع "شبه عاري" فى منطقة المعصرة، وانتقل ضباط القسم إلى مكان الحادث، وتم الاستماع إلى أقوال شهود عيان، وتفريغ الكاميرات الموجود أعلى واجهة المحلات المجاورة، وتم تحرير محضر بالواقعة وإحالته إلى النيابة العامة للتحقيق، وكشفت التحريات أن الشاب المتوفى كان فى أحضان عشيقته فى غرفة نومها فى غياب زوجها، ثم فوجئ بعودة الزوج من العمل مبكرا، فحاول الهروب من شرفة الغرفة فقفز من الطابق الرابع ولفظ أنفاسه الأخيرة.
واقعة المعصرة الأغرب في قضايا "الزنا"
وبمواجهة الزوجة المتهمة بالتحريات وأقوال الشهود، اعترفت بممارسة الرذيلة مع ابن الجيران، وتم القبض عليها ووجه لها زوجها فى البداية تهمة ممارسة الزنا، وبعدها تنازل عن المحضر فقررت النيابة إخلاء سبيل الزوجة وحفظ القضية، ونقل جثة الشاب المتوفى إلى مشرحة زينهم وانتداب طبيب شرعى للتأكد من الوفاة.
ومن المعلوم أن كافة الديانات السماوية اتفقت على تحريم وتجريم "الزنا" سواء بزواج أو دون زواج، وذلك صيانة للأخلاق والفضيلة عند البشر وتطهيراً للنفس من الرذيلة، ولكن اختلفت التشريعات الوضعية فى نظرَتها إلى هذه الجريمة، فمنها من جرمها كالمشرع الفرنسي، والذى ما لبث وأن ألغى العقوبة، فقد اعتبر أن تجريم مثل هذا الفعل لا طائل منه، فمن لم تردعه أخلاقه عن ارتكابها، لن تردعه أى عقوبة، واكتفى بما أقره المشرع الإنجليزى أى بالطلاق والتفريق كجزاء عادل إذا ما طلب الزوج ذلك.
هل تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته "المتهمة بالزنا" ينصرف إلى عشيقها؟
والمادة 274 عقوبات خاصة بجريمة - زنا الزوجة - والمادة 277 فهي خاصة بجريمة - زنا الزوج - فلا يجوز تحريك ورفع الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا بنوعيها، إلا إذا قدمت شكوى من قبل الزوج ضد زوجه الزانى، وقد أجاز القانون في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية للشاكي أن يتنازل عن شكواه في أي حالة كانت عليها الدعوى طالما لم يصدر فيها حكم بات.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية تتعلق بالسؤال هل تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته الزانية ينصرف إلى الطرف الآخر في الزنا "العشيق"؟ فى الوقت الذى نصت فيه المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه: "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 274و277 من قانون العقوبات، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون" – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.
المشرع اعتبر أثار التنازل تمتد الاستفادة منه للزوجة فقط دون العشيق
فى البداية - الأصل أنه إذا تعدد المتهمون في الجريمة الواحدة، وكانت الشكوى لازمة ضد بعضهم دون البعض الآخر، قيدت حرية النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوي ضد من خصه القانون بالشكوى دون غيره من المتهمين فعله أو شركاء، وكذلك الشأن بالنسبة للتنازل عن الشكوى، إذ يقتصر أثره ضد المتهم الذي قدمت ضده ابتداء فلا ينصرف إلى غيره من المتهمين الذي لم يستلزم القانون لتحريك الدعوى ضده شكوى، وكل ذلك على اعتبار الطبيعة الاستثنائية لقيد الشكوى بحسبانه خروجا عن أصل حرية النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوى، مما يجب قصره في أضيق الحدود دون توسع أو قياس، وليس في الفقه والقضاء في هذا الشأن خلاف – وفقا لـ"فاروق".
رأى محكمة النقض فى الأزمة
غير أن محكمة النقض فى الطعن المقيد برقم 7586 لسنة 66 قضائية تتحفظ بشأن جريمة الزنا، إذ ترى أن تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته الزانية ينتج أثره بالنسبة لشريكها نظرا للطبيعة الخاصة لجريمة الزنا، ولأن إدانة الشريك يعني بطريقة غير مباشرة إدانة الزوجة التي انقضت دعوي الزنا ضدها بالتنازل، فضلا عن أن إجرام الشريك فرع من إجرام الفاعل، فإذا تم محو إجرام الأخير، وجب بالتبعية محو إجرام الأول، وتطبيقا لذلك قضت بأنه: "لما كان الثابت من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها أن الزوج المجني عليه قدم إقراراً يقر فيه بتنازله عن شكواه ضد زوجته وبتنازله عن الحكم المطعون فيه، كما يبين أنه ولدى سؤاله فى المحضر، قرر بتنازله عن شكواه ضده زوجته وبارتضائه معاشرتها له".
لما كان ذلك، وكان المشرع قد أجاز بما نص عليه في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية للزوج الشاكى فى دعوى الزنا أن يتنازل عن شكواه فى أى وقت إلى أن يصدر فى الدعوى حكم بات غير قابل للطعن بالنقض، ورتب على التنازل انقضاء الدعوى الجنائية، ولما كانت جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة، وذلك لأنها تقتضى التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً وهى الزوجة، ويعد الثانى شريكاً وهو الرجل الزانى، فإذا تمت جريمة الزوجة وزالت آثارها بسبب من الأسباب, فإن التلازم الذهنى يقتضى محو جريمة الشريك أيضاً، وذلك لأنه لا يتصور قيامها مع انعدام ذلك الجانب الخاص بالزوجة، وإلا كان الحكم على الشريك تأثيماً غير مباشر للزوجة التى عدت بمنأى عن كل شبهة إجرام، كما أن المعدل المطلق لا يستسيغ بقاء الجريمة بالنسبة للشريك على محوها بالنسبة للفاعلة الأصلية، لأن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلى.
وتؤكد: التلازم الذهنى يقتضى محو جريمة الشريك
والواجب فى هذه الحالة أن يتبع الفرع الأصل مادامت جريمة الزنا لها ذلك الشأن الخاص الذى تمتنع معه التجزئة، وتجب فيه ضرورة المحافظة على شرف العائلات، لما كان ما تقدم، فإن تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته ينتج أثره بالنسبة لشريكها الطاعن، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه، والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية للتنازل، وذلك بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليها التى لم تكن طرفاً فى الخصومة الاستئنافية، ومن ثم لم يكن لها أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليها أثره.
خبير يوضح الآثار المترتبة على تنازل الزوج عن شكواه لزوجته
يُضيف "فاروق" - هذا القضاء محل نظر لأنه خالف أصلا مستقر حاصله أن نطاق التنازل عن الشكوي يتحدد بما تلزم ضده الشكوى ابتداء، ولقد اشترط القانون الشكوى بالنسبة للزوجة الزانية، ولكنه لم يشترطها بالنسبة لشريكها، فإذا كانت الدعوي قد بوشرت ضد الزوجة الزانية بناء علي شكوى زوجها وضد عشيقها طبقا للقواعد العامة التي لا تشترط الشكوى لمباشرة الدعوي ضد شريك الزانية، فإن تنازل الزوج عن شكواه ينحصر أثره في زوجته الزانية وحدها، ولكنه لا يؤثر علي مركز الشريك، فلا يستفيد من تنازل الزوج عن شكواه.
أما التذرع بأن إدانة الشريك يعني بطريقة غير مباشرة إدانة الزوجة التى أضحت بمنأى عن كل إجرام فليس بشىء، ذلك أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل عن الشكوي لا يعني إباحة الجرم، وإنما فحسب انغلاق حق الدولة في العقاب، بل أن مسايرة الطعن سالف الذكر يفضي إلي خلف أي رميها بإثبات الأمر ونقيضه في آن واحد، ذلك أن التنازل عن الشكوى بعد تقديمها يقتضي وقوع جريمة الزنا والقول بان التنازل يجعل الزوجة بمنأي عن أي إجرام ينفي عن الزنا وصف الجريمة – الكلام لـ "فاروق".
كما أن القول بأن إجرام الشريك فرع من إجرام الفاعل وتابع له، مما مقتضاه أن محو الجريمة بالنسبة للفاعل يستتبع محوها للشريك مردود عليه بأنه من المقرر أن عدم عقاب الفاعل لعله تخصه كالتنازل عن الشكوى، لتوافر صفة الزوج فيه من الأسباب الخاصة المتعلقة به والتي لا ينصرف أثرها إلي شريكه طبقا للمادة 42 من قانون العقوبات، وفي النهاية فإنه ولئن كان صحيحا أن طبيعة علاقة الزوجية والحرص علي سمعة العائلات يقتضي معاملة جريمة الزنا معاملة خاصة، فإن السبيل إلي ذلك هو دعوة المشرع لتعديل أحكامه لا الحلول محله وتقرير أحكام لم ينص عليها.
العقوبات المقررة والأثار المترتبة على التنازل
ومن حق الزوج التنازل عن دعوى الزنا لأن العبرة بالحكم النهائى، حيث أن إثبات واقعة الزنا يترتب عليه إسقاط حقوقها من حضانة الأطفال والنفقات، كما أن الزوج من حقه التنازل فى أى مراحل من الدعوى حتى بعد صدور الحكم النهائى، كما أن "زنا الزوجة" من القضايا التى اشترط فيها القانون شكل معين للدعوى وهو الشكوى خلال 3 أشهر من اليوم الأول لعلم الزوج إضافة إلى أن إقامتها يكون بنفسه أو توكيل خاص لإقامة دعوى زنا وليس توكيل عام قضايا كما هو المعهود فى رفع الدعاوى.
وبناء على إقامة الدعوى فمن حق الزوج التنازل لأنه حقه الوحيد خالصًا له وليس للمجتمع أو أى شخص علاقة به، كما أن بعض الأزواج قد يكون له رؤية خاصة فى تجنب "الفضائح" أو حرصه على الأبناء، وفى تلك الحالة يرى القانون أن الأمر خالص للزوج فقط، كما أن عقوبة الزنا سنة، والعقوبة تسقط بعد مرور 3 أعوام من صدور الحكم، كونها جنحة سواء غيابيا أو حضوريا.
وينص قانون العقوبات في مادة 276، على أن عقوبة جريمة الزنا هي السجن 6 شهور للزوج وسنتين للزوجة، لكن في حال تنازل الزوج، يتم وقف تنفيذ العقوبة حتى لو أصدر حكمًا نهائيًا على المتهمة بالزنا، كما ينص قانون العقوبات المصري بمواده من المادة 273 وحتى المادة 276 عقوبات على أن هناك تفرقة بين الزوج والزوجة في تطبيق عقوبة الزنا نفسها، فإن تحريك دعوى قضائية ضد جريمة الخيانة الزوجية بالزنا سواء للزوج أو الزوجة لابد أن تقدم من أحد الزوجين ضد الأخر، هذا فضلًا عن اشتراط ضبط الزوج في منزل الزوجية أو في منزل اتخذه لنفسه وقام بارتكاب هذه الجناية.
كما تنص المادة 276 من قانون العقوبات ذاته، أنه يجب توافر عدد من الأدلة على جريمة الزنا مثل التلبس، وليس هنا معناه مشاهدة المتهم وهو يرتكب جريمة الزنا، لكن لابد أن يكون في حالة تدل على ذلك مع وجود أوراق مكتوبة من المتهم تثبت عليه هذا الأمر واعتراف المتهم بالجريمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة