لاشك أن وباء كورونا كان كارثة بكل المقاييس للبشرية.. فعلى مدار عام ونصف خسر مئات الآلاف أرواحهم بسبب الفيروس وانهار اقتصاد دول كاملة وانهارت شركات وصناعات فى غضون أشهر قليلة. لكن هذا لم يمنع البعض من تحقيق مكاسب مادية هائلة مستفيدين من الأوضاع الجديدة التى فرضها الوباء.
وقال تقرير لمنظمة أوكسفام البريطانية إن من بين الرجال العشرة الأكثر ثراء، الذين زادت ثرواتهم بمقدار 540 مليار دولار منذ مارس 2020، مؤسس موقع أمازون جيف بيزوس ومؤسس شركة تيسلا إيلون ماسك ومؤسس موقع فيسبوك مارك زوكربيرج.
وبحسب التقرير، حقق بيزوس حتى سبتمبر 2020 مكاسب كانت لتمكنه من منح مكافأة قدرها 105,000 دولار لجميع موظفى أمازون وعددهم 876 ألفاً، مع احتفاظه بنفس مستوى ثرائه قبل تفشى الوباء.
وقال التقرير إن القيمة الإجمالية لثروات 10 من الأغنياء قد زادت منذ تفشا وباء كورونا بقيمة 540 مليار دولار، وهذا المبلغ يكفى لحماية كافة سكان العالم من الوقوع فا الفقر بسبب الفيروس، وتحمل تكلفة اللقاح للجميع. وأظهر تقرير أوكسفام أن إجمالى ثروات أصحاب المليارات هؤلاء تعادل إنفاق حكومات دول مجموعة العشرين من أجل التعافى من الفيروس.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التى لحقت بالعديد من الشركات الكبرى والصغرى فى الولايات المتحدة وحول العالم، فإن الأرقام كشفت عن فجوة هائلة بين ما جناه بعض الرؤساء التنفيذيين للشركات الأمريكية وما حدث للعاملين العاديين بها.
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز فى تقرير لها الشهر الماضى عن حصول بعض الرؤساء التنفيذيين للشركات الأمريكية على ملايين الدولارات على الرغم من أن شركاتهم كانت الأكثر تضررا فى 2020 بسبب جائحة كورونا.
وتحدثت الصحيفة عن شركة بوينج، وقالت إن عام 2020 كان سيئا بشكل تاريخى لها. فقد تم إيقاف طائراتها 737 ماكس طوال أغلب العام بعد حادثى تصادم، وضرب الوباء أعمالها، وأعلنت الشركة خطط لتسريح 30 ألف من العاملين بها، وسجلت خسائر بلغت 12 مليار دولار. ومع ذلك حصل رئيسها التنفيذى ديفيد كالهون على حوالى 21.1 مليون دولار تعويض.
من ناحية أخرى، نجت شركة "خط الرحلات النرويجية" بالكاد خلال العام. فمع توقف صناعة الرحلات البحرية، خسرت الشركة 4 مليارات دولار وأبعدت 20% من موظفيها. ولم يمنح ذلك الشركة من مضاعفة أجر رئيسها التنفيذى فرانك ديل ريو ، ليحصل على 36.4 مليون دولار.
وفى مجموعة هيلتون، حيث تم تسريح ما يقرب من ربع موظفى الشركة بعد خسائر بلغت 720 مليون دولار، كان العام جيدا لرئيسها التنفيذى كريس ناسيتا الذى حصل على تعويض فى عام 2020 بلغ 55.9 مليون دولار.
وتذهب الصحيفة إلى القول بأن الثروات المتباينة للرؤساء التنفيذيين توضح الانقسامات الحادة فى دولة على حافة طفرة اقتصادية لكن لا تزال تعانى من التفاوت الحاد فى الدخل. فأسواق الأسهم مرتفعة والأثرياء ينفقون بحرية لكن الملايين لا يزالوا يواجهون مصاعب كبيرة. ويقوم المسئولون التنفيذيون بسك الثروات بينما يصطف العاملون المسرحون فى بنوك الطعام.
وقالت السيناتور إليزابيث وارين، الديمقراطية عن ولاية ماسوشستس التى اقترحت ضرائب جديدة على أصحاب الثراء الفاحش، إن العديد من هؤلاء الرؤساء التنفيذيين قد حسنوا الربحية من خلال تسريح العمال، فحفنة صغيرة من الأشخاص الذين لمعوا طوال الطريق صعدوا إلى القمة على حساب الكادحين يحصلون على كل المكافآت فى حين ترك الآخرين خلفهم.
وبالنسبة للرؤساء التنفيذيين الذين يمتلكون حصصا فى الشركات العملاقة، كانت المكاسب أكثر وضوحا. فثمانية من أغنى 10 أشخاص فى العالم هم من الرجال الذين أسسوا أو أدراوا شركات تكنولوجيا فى الولايات المتحدة، وأضاف كل منهم مليارات الدولارات هذا العام، وفقا لبلومبرج.
فجيف بيزوس، مؤسس موقع أمازون للتجارة الإلكترونية الذى شهد ارتفاعا كبيرا فى الأرباح مع بقاء الناس فى منازلهم، تبلغ ثروته الآن 193 مليار دولار. كما بلغت ثروة لارى بيدج، أحد مؤسسى جوجل، 103 مليار دولار بزيادة قدرها 31 مليار فى الأشهر الأربعة الماضية فقط، حيث تحسنت ثروات شركته خلال الوباء.
وتقول نيويورك تايمز إن الفجوة بين تعويض المسئول التنفيذى وأجر العامل العادى فى المتوسط كان يتنامى على مدار عقود. فالرؤساء التنفيذيون لكبرى الشركات يجنون الآن فى المتوسط 320 ضعف ما يحصل عليه العامل العادى، وفقا لمعهد السياسة الاقتصادية. وفى عام 1989، كانت النسبة 61 إلى 1. ومنذ عام 1978 حتى عام 2019، زاد التعويض 14% للعاملين العاديين، لكنه زاد بنسبة 1167% للرؤساء التنفيذيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة