بيشوى رمزى

عقل أردوغان "طار" إلى القمر

الخميس، 18 فبراير 2021 03:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الصعود إلى القمر".. حلم جديد، أو ربما وهم آخر، يحاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أن يمنى نفسه به، وهو ما يبدو في تصريح مثير للجدل، حول نجاح أنقرة فى غضون أعوام قليلة، حيث يتزامن مع ظروف اقتصادية قاسية تعانيها بلاده، دفعت إلى تآكل الطبقة المتوسطة، بينما ازداد الفقراء فقرا، إلى الحد الذى دفعت قطاعات كبيرة من الأتراك إلى الشكوى في مختلف المنابر، سواء الإعلامية أو السياسية، جراء صعوبة الحياة، وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية، لأسرهم وذويهم، بينما تتواتر الاتهامات على "الخليفة" المزعوم وعائلته بممارسة الفساد، والحصول على ملايين الدولارات جراء الكسب غير المشروع، مما يساهم في زيادة الاحتقان بين الشعب.
 
بينما يبقى النظام التركى في مواجهة أزمة دولية، تتجلى في "انقلاب" حلفائه عليه، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، فدول القارة العجوز تبدو مستاءة إثر سياسات الابتزاز التي تمارسها أنقرة بصددهم، سواء فيما يتعلق بتصدير المهاجرين، إلى دول القارة العجوز، وما يمثله هذا الملف من عبء اقتصادى وسياسى، بالإضافة إلى ما يحمله في طياته من تهديدات أمنية، خطيرة، بسبب احتمالات تسلل عناصر متطرفة إلى أراضيهم، وهو الأمر الذى ترجمته العديد من الهجمات الإرهابية التي استهدفت العواصم الأوروبية، في الآونة الأخيرة، مما دفع إلى مواقف قوية من الدول القائدة في الاتحاد الأوروبى تجاه أنقرة.
 
إلا أنه بعيدا عن التعارض الصريح بين تصريح أردوغان، والواقع الصادم الذى تعانيه تركيا في الداخل والخارج، يبقى التزامن بين "الوهم" الذى يسعى أردوغان إلى الترويج له، من جانب، ووصول مسبار الأمل إلى كوكب المريخ، في انجاز علمى وتاريخى سوف يشهد له التاريخ لعقود قادمة من الزمن، من جانب أخر، يمثل انعكاسا صريحا لـ"العقدة" التي يعانيها "السلطان" المزعوم، جراء النجاح الإماراتى، ليس فقط لكونه قادم من دولة الإمارات، على خلفية الخلاف الكبير بين البلدين في السنوات الأخيرة، وإنما أيضا لكونه نجاح تحققه دولة عربية، استطاعت أن تكتب اسمها من جديد في كتب التاريخ بحروف من ذهب.
 
"عقدة" أردوغان من العرب تبدو في العديد من المواقف والتصريحات التي سبق وأن أطلقها في العديد من المناسبات الدولية، ربما أبرزها، في دعوته المريبة بإلغاء جامعة الدول العربية، والتي شاركه فيها عدد من مسئولي نظامه، واستبدالها بمنظمة بما أسماه "الجامعة الإسلامية"، وذلك خلال مشاركته في المؤتمر التركى العربى، والذى عقد في إسطنبول في عام 2016، في انعكاس صريح لـ"أزمة الهوية" التي تعانيها أنقرة، في علاقتها مع محيطها الإقليمى.
 
أزمة "الهوية" التي يعانيها أردوغان، لا تقتصر في جوهرها على عداوته المعلنة لكل ما هو عربى، بينما تمتد إلى مناطق أخرى، من بينها سعيه لاقتناص عضوية الاتحاد الأوروبى، منذ اليوم الأول لصعوده إلى السلطة، قبل 18 عاما، ربما ليساهم إضفاء الهوية الأوروبية على الشخصية التركية أبعادا جديدة، من شأنها تمكينه من القيادة الإقليمية في الشرق الأوسط، على حساب القيادات التاريخية في المنطقة، وعلى رأسها مصر والمملكة العربية السعودية، إلا وقوف الغرب الأوروبى له بالمرصاد لتحقيق حلم الانضمام للتكتل القارى، ربما دفعه إلى استحداث "الهوية" الإسلامية، وهو ما يبدو في دعوته لاستبدال لفظ "العربية" بـ"الإسلامية" عند حديثه على الجامعة العربية.
 
وهنا يمكننا ترجمة "الهلع" الذى يعانيه "الخليفة" المزعوم عندما تتمكن الدول العربية من تحقيق إنجاز سياسى أو اقتصادى أو علمى، بل ويسعى إلى الاستحواذ على ثرواتهم، وهو ما يبدو بوضوح في المساعى التركية للسيطرة على مناطق النفط في سوريا والعراق، بالإضافة كذلك إلى محاولاته لمزاحمة اليونان وقبرص في ثرواتهم في منطقة شرق المتوسط، في انعكاس صريح لحالة العجز، التي تعانيها دائرة صنع القرار في أنقرة لتحقيق تنمية تذكر من شأنها تحسين الأوضاع الاقتصادية في المستقبل القريب.. لذا فيبدو أن "عقل" أردوغان على موعد قريب مع القمر.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة