تمر اليوم الذكرى الـ79، على رحيل رجل الاقتصاد الوطنى طلعت حرب باشا، إذ رحل فى 13 أغسطس من عام 1941، عن عمر يناهز 74 عاما، كان لرجل الاقتصاد الوطنى مواقف كبيرة سواء فى الاقتصاد أو فى الحياة الفكرية المصرية، وترك خلفه إرثا فكريا واقتصاديا هائلا جعله واحدا من أعلام الوطن فى القرن العشرين، لكن تبدو واحدة من أكبر معاركه على الإطلاق كانت معركته مع المفكر الراحل قاسم أمين حول قضية تحرير المرأة.
تفجرت خصومة بين قاسم أمين وطلعت حرب، ظهرت عام 1889، بعد صدور كتاب الأول "تحرير المرأة" فرد عليه طلعت حرب بكتاب "تربية المرأة والحجاب"، فجاء فى الكتاب الأخير أن الناس يرفضون أفكار قاسم أمين لأن رفع الحجاب والاختلاط أمنية تتمناها أوروبا منذ قديم الأزل لهزيمة مصر من خلال تحرر نسائها، وتابع طلعت حرب فى كتابه قائلا: "أسمينا الكتاب تربية المرأة والحجاب، وهو اسم كنا نتمنى أن يجعله حضرة قاسم بك أمين عنوانا لكتابه فإنه أليق من اسم تحرير المرأة"، وساند "حرب" فى خصومته لقاسم، الزعيم مصطفى كامل حيث أثنى عليه فى مقال له فى جريدة اللواء عام 1900.
لم تكن خصومته الفكرية مع قاسم أمين على قضية التحرير الأدبى للنساء وإنما كانت تتمركز حول مخاطر هذه الطفرة الطارئة التى لا مبرر لها فى حياة النساء وما وراء هذه الطفرة من شر قد يستغله الدخلاء لتحقيق مصالح مادية ومعنوية، خاصة وأنه يعتبر أن قاسم أمين قد انطلق فى قضية تحرير المرأة من المرجعية الغربية التى تسعى للنيل من الهوية الإسلامية.
بالرغم من موقف طلعت حرب من دعوات قاسم أمين وكتاباته، إلا أن نقطة الخلاف كانت فى فكرة السفور الذى كان يعتبره البعض عائقاً لحرية المرأة وطالب بإزالته، فكان طلعت حرب يعتبر أن القضية الرئيسية لا تتعلق بحجاب المرأة إنما فى تعليمها، والتى أشار إليها فى كتاب "تربية المرأة والحجاب"، وبالرغم من أفكار طلعت حرب التى اعتبرها البعض نوعاً من الرجعية إلا أن البعض وصفها بأنها تميل إلى الاعتدال.
لكن المراجعات الفكرية لطلعت حرب، اختلفت بعد نحو 30 عاما من تلك المعركة الفكرية مع "أمين" اختلف رأيه وسارت كل أفعاله عكس اتجاه ما يقول، فكان أول الداعمين للسيدة لطيفة النادى، أول سيدة تقود طائرة وتحلق بها وحدها عام 1933، بل وبدأ اقتحام عالم التمثيل والسينما عام 1925، لاعتقاد بأن الفنون صناعة وطنية أصيلة، وإنشاء استوديو مصر عام 1934 لينتج عددا من الأفلام الكلاسيكية المصرية أهمها فيلم وداد لكوكب الشرق أم كلثوم.
وبحسب الكتاب، يبدو أن طلعت حرب أدرك بعد ثلاثة عقود، ألا يمكنه بناء مجتمع ونصف طاقته معطلة، وبعدما كان ينظر للمرأة على أن خلعها حجابها وعملها انتصار للاستعمار، راهن على المرأة وأوفد بعثات دراسية لأوروبا لتعلم فن الإخراج وصناعة السينما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة