وقف الرئيس الأمريكى «ليندون جونسون» على باب البيت الأبيض يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلى «ليفى أشكول» بالتحية العبرية «شالوم»، وذلك أثناء الزيارة التى كان «أشكول» يقوم بها إلى أمريكا ما بين 3 مايو، مثل هذا اليوم، إلى 20 مايو عام 1964، وفقا للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الانفجار -1967».
كان «جونسون» أثناء هذه الزيارة يستكمل مدة رئاسة رئيسه «جون كنيدى» الذى أغتيل يوم 22 نوفمبر 1963، يذكر هيكل: «كان نائب «كنيدى» وبنص الدستور كان مطلوبا منه أن يكمل مدة رئيسه الأصلى، وكان كثيرون يعايرونه أثناء تكملته لرئاسة كنيدى، بأنه رجل دفعته المصادفات بطلقة مسدس إلى المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض».
كان لدى «القاهرة» وساوس من «جونسون»، زادت بعد انتخابه رئيسا، وشغله منصبه فى الأيام الأولى من عام 1965، وذلك لعلاقاته الحميمية أكثر من اللازم بإسرائيل وبمناصريها من يهود أمريكا، حسبما يذكر هيكل، مضيفا: «ثم اعتماده المتزايد على حماقة القوة حسب وصف «ويليام فولبرايت» رئيس لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، ثم هذا التورط إلى أقصى الحدود فى فيتنام، ثم علاقته الظاهرة وغير الظاهرة بمصالح مالية كبرى فى الشرق الأوسط بينها شركات البترول العاملة فى ولايته الأصلية «تكساس» وفى العالم العربى ذات الوقت».
يؤكد هيكل، كانت زيارة «أشكول» مختلفة فى كل تفاصيلها عن زيارات غيرها قام بها رؤساء وزراء إسرائيل إلى العاصمة الأمريكية، ويوضح هذا الاختلاف، قائلا: «وقف «جونسون» على باب البيت الأبيض يستقبل «أشكول» بالتحية العبرية «شالوم» ثم أقام له أكبر دعوة عشاء شهدها «البيت الأبيض»، بعد التجديدات الكبيرة التى أدخلت عليه بإشراف «جاكلين كنيدى» «زوجة كنيدى»، وزاد عدد المدعوين عما تحتمله قاعة العشاء الكبرى فى البيت الأبيض، فأقيمت حلبة الرقص فى البهو الخارجى، وافتتح الرئيس الأمريكى مهرجان الرقص بدعوة «ميريام» زوجة «أشكول» إلى الرقص معه، وظل يدور بها ثلاث رقصات كاملة، ودعى الموسيقى الكبير «ميشا المان» وهو يهودى مهاجر من الاتحاد السوفيتى إلى العزف بعد العشاء، واختار «المان» أن يخصص برنامجه كله لمعزوفات من موسيقى «باخ» وهو المؤلف المفضل لدى «أشكول».
يضيف هيكل: «بعد العشاء قدم «أشكول» لجونسون هدية تمثل كرة من النحاس مصبوبة فى وعاء من الفضة، قال إنها من كنوز الملك سليمان، وأن تاريخها يرجع إلى القرن العاشر قبل الميلاد، ثم قدم له ساعة مكتب من الذهب تحمل بدلا من الأرقام اثنى عشر رمزا يمثل كل واحد منها قبيلة من قبائل إسرائيل».
يؤكد هيكل، أن الحفاوة فى الاحتفال كان من الممكن أن تكون أمرا بسيطا يمكن أن يعزى أمره إلى فرط الرغبة فى المجاملة، لكن التفاصيل التى جاءت بعده عن اللقاء الذى دار على انفراد بين «جونسون» و«أشكول» لم تكن بسيطة، فقد سمعت همسا فى واشنطن تفاصيل عن المحادثات التى أشارت إلى أن «أشكول» طلب من «جونسون» أسلحة تضمن لإسرائيل التفوق بنسبة ثلاثة إلى واحد على الدول العربية الأربع المحيطة بإسرائيل «مصر، سوريا، الأردن، لبنان»، وكان الأساس الذى بنيت عليه هذه النسبة بالغ الغرابة.. كانت السياسة الأمريكية تقيم التوازن فى التسليح بين العرب وإسرائيل على أساس أن تكون قوة إسرائيل معادلة تماما لقوة كل الدول العربية المحيطة بها، وكانت حجة «أشكول» الآن فى هذه النسبة الجديدة التى طلبها أن الدول الأربع المجاورة هى التى ستبدأ بشن الهجوم، وسوف تلحق بها بقية الدول العربية، وبما أن عدد الدول الأعضاء فى الجامعة العربية فى ذلك الوقت ثلاثة عشرة، فقد كانت نسبة الأربع إلى المجموع هى الثلث».
يضيف هيكل: كان أشكول فى واشنطن يقدم منطقا حسابيا أغرب ليبرر تفوقا بنسبة ثلاثة إلى واحد على الدول الأربع التى لها خطوط مع إسرائيل، وكان الأسوأ من ذلك أن الأخبار التى سرت على استحياء فى واشنطن كانت تشير إلى أن الرئيس الأمريكى على استعداد لقبول هذه الحسبة الملتوية التى قدمها إليه أشكول، ولم يترك أشكول مجالا للشكوك فى مؤتمر صحفى عقده غداة اجتماعه المنفرد، وردت فى أقواله عبارة لافتة للنظر قال فيها: نعم، إن إسرائيل تريد أن تتوسع، فإذا كنا نعتبرها وطنا ليهود العالم فإنها لابد أن تتسع لكل واحد منهم حتى وإن لم يكن ينوى الهجرة إليها فى الوقت الحاضر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة