واصل الرئيس جمال عبد الناصر حديثه فى اجتماعه مع رؤساء الصحف المصرية، وكان النقاش حول: «كيف تستطيع الصحافة أن تبنى المجتمع؟.. كان الكاتب الصحفى حلمى سلام رئيس تحرير مجلة الإذاعة ضمن المشاركين، ونشر الكاتب الصحفى رشاد كامل شهادته حول الاجتماع فى كتابه «صحافة الثورة، ذكريات لا مذكرات».. «راجع، ذات يوم ،29 مايو 2020».
توجه «كامل» بسؤال إلى «سلام» عن حقيقة ما ذكره مصطفى أمين فى كتابه «لكل مقال أزمة» بأنه كتب فى سبتمبر 1950 مقاله «البحث عن قائد»، وأن عبدالناصر قال فى اجتماعه عقب تأميم الصحافة برؤساء تحرير الصحف والمجلات، إن هذا المقال أثر فيه كثيرا قبل قيام الثورة.. رد سلام: «لا أتذكر هذا أبدا، ولا أذكر أن عبدالناصر قال شيئا كهذا للأستاذ مصطفى أمين، ولك أن تسأل أحد الزملاء الذين حضروا ومازالوا أحياء.. ربما يكون أحدهم سمع ما لم أسمع.. اسأل إحسان عبدالقدوس أو فتحى غانم أوحتى هيكل، أما الذى أذكره جيدا وخاصا بالأستاذ مصطفى أمين، أن عبد الناصر قال يومها إنه سيرفع الرقابة عن الصحف، ووقف مصطفى أمين وطلب استمرارها، لأن وجود الرقيب أدعى إلى الأمان، وأذكر أن عبدالناصر قال يومها: خلاص طالما أنتم عاوزين الرقابة تبقى تفضل».
يضيف سلام: «فى حديث عبد الناصر إلينا أذكر قوله أنه أعطى تعليمات للرقيب ألا يقرأ مقالات فكرى أباظة «رئيس تحرير المصور وقتها» أو يشطب له حرفا منها إذا قرأها.. ثم توجه بالسؤال إلى فكرى: هل شطب الرقيب لك كلمة؟.. كانت المفاجأة فى رد فكرى بطريقته الساخرة: ياه كتير ياريس.. دا أنا باكتب بدل المقال الواحد، اتنين، وثلاثة علشان الرقيب يوافق على مقال منها.. ده أنا زى ما يكون بياع لب».. يتذكر سلام: «تغير وجه عبد الناصر وامتقع لونه، لكنه عبر كلمات فكرى سريعا». يؤكد سلام: «أكد عبد الناصر أن الصحافة من حقها بل من واجبها أن تنقده، وقال: بصراحة احنا مش عاوزين التسبيح، النظام كنظام ثابت، وقائم ومدعم الأركان، وعلى هذا الأساس فإن واجبكم إذ وجدتم أى وضع غير مستقيم أن تنتقدوه، ويجب أن يشعر الناس أن فيه نقد، وفيه عيون مفتوحة، وإلا كل واحد مسؤول يبقى متصور نفسه متغطى ولا أحد يراه.. امسكوا قطاعات الدولة، إذا كان فيه حتة خربانة قولوا إن الحتة دى خربانة، لكن متجيش مثلا تقول إن إسكندرية ميتة زى ما حصل فى جريدة.. طيب ازاى نصحى إسكندرية اللى ماتت.. طلع بعد كده إن فيه ناس عملوا حفلة وطلعوا عشر ستات متصورين، والله إذا كان كده نحط فى كل مديرية عشر بنات ونصحى البلد.. هل إسكندرية هى الكام بنت اللى يسهروا بالليل ويروحوا يرقصوا «الروك آندرول» «ونشاتشاشاه» والكلام ده، ولاهى الناس اللى بيروحوا يشتغلوا ويشيلوا على أكتافهم، لازم نشوف مشاكلنا الحقيقية».
يتذكر سلام: «أشار عبدالناصر إلى الانتقاد والبناء، وقال: فيه مواضيع بناءة طلعت على الجمعيات التعاونية، وعلى أزمة المساكن، والوحدات المجمعة، والإصلاح الزراعى كلها أظهرت عيوبا، كلها مواضيع بناءة، كمان حاجات كتير اتقالت على الإدارات الحكومية وكانت نقد بناء».. يضيف سلام: «لم يترك عبد الناصر صغيرة ولا كبيرة فى شؤون الصحافة إلا وكان له عليها عتاب أوملاحظة، فمثلا كان غاضبا على الموضوعات الصحفية التى تهاجم الفنانين بغير وجه حق.. وقال: الفنانين لهم رسالة زى الصحافة تمام، بالأغنية، باللحن، بالسينما، بالصورة، بالتمثال، نعتبرهم رأس مال كبير جدا، ولهم أثر كبير.. كان فيه فكرة أنهم يمنعوا الأغانى والمغنيين بتوعنا من التعامل مع محطة لندن، ولكن كونك تفتح لندن وتسمع عبد الحليم حافظ وتسمع عبد الوهاب فى رأيى مكسب عظيم، ولابد أن ندعم طبقة الفنانين بحيث نمكنهم من أداء رسالتهم».
يضيف سلام: «تركز غضب عبدالناصر حول الاهتمام المبالغ فيه بالجريمة والجنس والخيانة، وقال «المجتمع اللى عاوزين نبنيه مش هو مجتمع الجرائم، يعنى الست اللى طالبة الطلاق لأن قلب جوزها واجعه كلام لا يجوز، يعنى إيه ده؟.. لا أتصور إن الجنس يبقى باستمرار موضوع مناقشة أمام الأولاد والبنات.. إيه الفلسفة اللى وراء هذا؟.. والله إذا كانت عميقة يمكن لسه أمامنا مائة سنة عشان نوصل لها».. يتذكر سلام: «تحدث عبدالناصر عن مجلة صباح الخير وعن الرسوم الكاريكاتورية بها، وأشار إلى غلاف رسمه الرسام الكبير حجازى، وقال: «الصورة الكاريكاتورية اللى بتمثل الزوجة أنها خاينة وحطت ثلاثة فى الدولاب.. أنا مش متصور أن مجتمعنا فيه زوجة بتحط ثلاث رجالة فى دولاب، وعشان كده بتحط له تكييف فى الهواء».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة