التوجيه الرئاسى بفصل مدمنى المخدرات، حتما ولا بد يسبقه إتاحة العلاج من التعاطى، فرصة أخيرة أتاحتها الحكومة للمتعاطين عبر المراكز العلاجية من الإدمان التى تقوم عليها وزارة التضامن، تضاعف عدد المراكز من 12 مركزًا فى عام 2015 إلى 22 مركزًا فى عام 2018، وسيتم إضافة 5 مراكز علاجية جديدة خلال العام الحالى فى المنيا ومطروح والفيوم والإسكندرية وسوهاج لتصل إلى 27 مركزًا علاجيًا مجهزة تمامًا وتتمتع بالسرية المطلقة.
الأرقام بحوزة وزيرة التضامن، الدكتورة غادة والى، جد خطيرة وتؤشر على انتشار إدمان المخدرات على نحو مخيف بين طبقات سفلية فى المجتمع، إنجازا تم تقديم استشارات علاجية لنحو 116 ألف مريض مدمن خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بتكلفة مليون و600 ألف جنيه، وخلال الشهرين الماضيين فقط، بعد التوجيه الرئاسى، تم الكشف على أكثر من 8 آلاف موظف فى 8 وزارات وإحالة 279 موظفًا متعاطيًا للنيابة الإدارية مع إيقافهم عن العمل.
الأرقام تجسد الوجه البشع لخطر المخدرات، تخيل النسبة بين السائقين المهنيين الذين يحملون رخص قيادة سارية سجلت 12 فى المائة نزولا من نسبة 24 فى المائة مع بدء الحملة على المخدرات 2015، وانخفضت النسبة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من 12 فى المائة بين سائقى أتوبيسات المدارس من 12 فى المائة إلى 2.7 فى المائة، لا تزال الأرقام مقلقة رغم هذا الجهد العلاجى المشكور.
التعاطى منتشر على نحو لافت، والإدمان درجة أخيرة فى سلم التعاطى، ورغم الحملات الأمنية على أوكار المخدرات، والضبطيات بالأطنان، وملايين الأقراص، إلا أن التعاطى يزيد بمعدلات مزعجة، والبحث عن قرص مخدر بات عرضًا يوميًا لطائفة من المضروبين بالكيوف، الذين إذا لم يجدوا المخدرات لاخترعوها، وينفقون عليها إنفاق من لا يخشى الفقر، المخدرات أصلا تجلب الفقر.
خطة نشر مراكز العلاج من الإدمان من الأولويات، ومضاعفة عدد المراكز ونشرها فى المدن والمراكز، فى المستشفيات العامة، والوحدات الصحية والمستوصفات ضرورة قومية قصوى، جهد مشكور من وزيرة التضامن أن تصل إلى عدد 27 مركزًا فى ثلاث سنوات، ولكن نحتاج إلى مضاعفة هذا الرقم لإتاحة العلاج بما يضمن نجاح الحملة على المخدرات.
خلاصته، تجسيد التوجيه الرئاسى الحميد على الأرض، يتطلب إتاحة فرصة أخيرة للعلاج، فتح طاقة نور أمام المتعاطين ضرورة حتى لا يكفروا بالمجتمع، فى الأخير هذا مواطن مريض مثل أى مواطن مريض، ويستحق فرصة علاج، وبالمجان، والإدمان مأساة حياتية تعانيها الأسر، التى ضربتها المخدرات، فصل الموظف دون إتاحة فرصة أخيرة للعلاج يصبح أقرب لموت وخراب ديار، عقاب المدمن أخشى يعاقب به أسرته، ولا تزر وازرة وزر أخرى، الأسر تعانى من كلفة الإدمان، دمار، وستعانى مضاعفًا مع فصل العائل بسبب الإدمان.
فرصة أخيرة لوجه الله، فرصة لمن يخشى على عائلته، لمن يخشى على رزقه ورزق عياله، فرصة لمن يخشى على حياته، نوبة الصحيان التى أطلقها الرئيس فى أعقاب حادثة محطة مصر محذرًا، الرئيس طلب فصل المدمن لما يمثله من خطورة داهمة على حياة الناس، لكن التوجيه يقينا واضح بعلاج المتعاطين.. هذا مريض يعالج لا يذبح.
أخشى أن حماس البعض فى الرئاسات الوظيفية لتوجيه الرئيس وغضبته على المدمنين أن يعملوا سيف الفصل فى الرقاب، افصلوا المدمنين الذين لا يرجى منهم شفاء، هؤلاء لا يستحقون شفقة ولا ذمة، ولكن عالجوا المتعاطين، أنقذوهم حتى لا ينضموا جماعات إلى طائفة المدمنين، فلا نربح شفاء مجتمعيا يرجوه الرئيس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة