حظى الفضاء الشاسع الذى يحيط بكوكبنا باهتمام البشر منذ آلاف السنين، ويحاول العلماء والوكالات المختصة بدراسة شئون الفضاء بأبحاث مستمرة للخوض فى أسرار هذا العالم الذى لازلنا لا نعلم عنه الكثير بالرغم من تقدم العلوم، ولمحاولة الخوض بعمق فى هذا العالم لجأ العلماء لبناء المحطات الفضائية مثل "محطة الفضاء الدولية ISS" التى تم بناءها فى النصف الأخير من القرن العشرين، وهى محطة تدور على ارتفاع 400 كيلو متر عن سطح كوكب الأرض وبسرعة 28 ألف كم فى الساعة، ويتم الإشراف عليها بتعاون دولى.
وكالة الفضاء الدولية
وهدف المحطة هو استقبال الإنسان ليمضى أوقات طويلة فى الفضاء، وإجراء التجارب خارج منطقة الجاذبية الأرضية وهى متواجدة فى الفضاء منذ 14 عامًا، وقد شاركت 5 وكالات فضاء فى بناءها " ناسا (الولايات المتحدة)، وروسكوزموس (روسيا) ووكالة الفضاء الأوروبية (الاتحاد الأوروبى)، وجاكسا (اليابان)، ووكالة الفضاء الكندية (كندا)"، وذلك بموجب تعاون دولى بقيادة الولايات المتحدة وروسيا وتمويل من كندا واليابان و10 دول أوربية، ولم يتم بناء هذه المحطة مرةً واحدة، بل تم تجميع القطع بشكل متتالى وإضافة مزايا جديدة إليها، حتى وصلت لـ14 وحدة وقد وضعت كل وحدة فى المدار إما عن طريق مكوك فضاء أو صاروخ.
صورة للساحل الغربى للولايات المتحدة الأمريكية من وكالة الفضاء الدولية
ويبلغ وزن محطة الفضاء الدولية ما يقارب نصف مليون كيلو جرام وعرضها أكبر من عرض ملعب كرة القدم ويعد مدارها من أكثر المدارات انخفاضًا بالنسبة للكرة الأرضية، وتدور حول الأرض كل 90 دقيقة وترى شروق الشمس 16 مرة يوميًا وحيث إنها تقوم يوميًا بعمل 16 مدار على كوكب الأرض، تحصل المحطة على طاقتها من الألواح الشمسية التى تنتج نحو 84 كيلو وات من الكهرباء وتعد ثانى ألمع الأجسام فى السماء ليلاً بعد القمر نظراً لحجمها وقربها من الأرض.
إعصار فلورنس من الفضاء
أنهار الثلج من الأرجنتين كما تبدو من الفضاء
وعلى مدار سنوات تواجد المحطة فى الفضاء، دخل أكثر من 200 شخص من الدول المختلفة المحطة، وتم إطلاق 187 رحلة فضائية من كوكب الأرض لها، لكنها لا تستوعب تواجد أكثر من 6 أشخاص فقط على متنها نظراً لضيق ممراتها وكمية الطعام وعدد غرف النوم التى تناسب فقط هذا العدد، وتعد مركبات "سويوز" الروسية هى الطريقة الوحيدة لنقل رواد الفضاء من وإلى المحطة، لأن الروس لهم اليد العليا فهم المسئولون عن نقلهم أو إرجاعهم، وتستخدم الصواريخ الفضائية بشكل دورى لتوصيل الأطعمة والأدوات للعلماء الذين يعيشون على سطح المحطة.
الرواد الستة الذين يعملون حالياً على متن المحطة فى الفضاء
ويقوم بقيادة المحطة حالياً رائد الفضاء "ألكسندر جيرست"، وهو أول ألمانى، وثانى أوروبى، يتولى قيادة محطة الفضاء الدولية فى الرحلة الاستكشافية رقم "56" التى بدأت فى يونيو 2018 لمدة 6 أشهر ومعه 5 رواد فضاء من جنسيات أخرى من بينهم امرأة، ويعملون جميعًا على متن المختبر المدارى حالياً، ورغم أن هذه هى المرة الأولى التى يقود فيها "جيرست" الذى يبلغ من العمر 40 عاماً، المحطة، إلا أنه سبق أن عمل على متنها فى العام 2014.
الرائد ألكسندر جيرست يرتدى بدلته استعدادا للخروج من المحطة
ويهتم "ألكسندر" إلى جانب باقى رواد الفضاء الذين يرافقوه على متن المحطة حالياً بمشاركة متابعيه بصور خلابة من الفضاء أو لكوكب الأرض تقوم بالتقاطها كاميرا مثبته خارج كابينة المراقبة لمحطة الفضاء الدولية، كما يهتم بشرح مبسط للعديد من العادات اليومية لطاقم المحطة التى تفعلها أنت بسهولة ويسر على كوكب الأرض كحلاقة الذقن أو قياس الوزن، ولكنها تعد عملية معقدة فى الفضاء نظراً لانعدام الجاذبية.
وفى هذا التقرير يرصد "اليوم السابع"، جانب من يوميات 6 علماء يعيشون خارج هذا الكوكب أعضاء الرحلة رقم "56" وهم "ريكى، درو، ألكسندر، سيرينا، وسيرجى"، وذلك من خلال صفحاتهم على "إنستجرام".
الاحتفال بعيد ميلاد ابنه الرائد أوليج
الرائد ألكسندر خلال عمله فى المحطة
أوليج يقوم بقص شعر زميلة على المحطة
كيف يتم حلاقة الشعر فى الفضاء
وقال "أوليج أرتيمييف"، أحد العلماء الـ6، إنه عندما يريد أحد منهم قص شعره، فإنه يستخدم مكنة حلاقة الشعر العادية والتى تكون ملحقة بخرطوم يشبه الخرطوم المتصل بالمكنسة الكهربائية، لتقوم بشفط الشعر لأنه لن يسقط على الأرض بل سيظل يطير فى الهواء لانعدام الجاذبية على المحطة، ومن المواقف الأخرى، أنه فى الـ12 من الشهر الحالى وخلال تواجدهم على المحطة تزامن عيد الميلاد الأول لابنة الرائد "أوليج"، فقام زملاؤه بالاحتفال به على المحطة وأقاموا حفلة لها.
بينما يشرح "درو فوستل"، أهمية أن يتدرب كل منهم على الدراجة الرياضية لأن هذه التمرينات تحافظ على صحة وعضلات القلب والساق، حيث أنهم لا يستخدمون أرجلهم كما يفعلوا على كوكب الأرض، ويمزح "درو" فى فيديو له وهو يقود الدراجة "إن أروع جزء حول ركوب الدراجة فى الفضاء هو أنك لست بحاجة إلى مقعد!".
وأوضح "درو"، أنهم يقومون بعمل تمرينات يومية لمدة ساعتين، لأنه لابد من أن يكون لدى رواد الفضاء عضلات قوية تمكنهم من التنقل فى انعدام الوزن والقدرة على تحريك أعضائهم فى البدلة الفضائية أثناء خروجهم خارج المحطة والتى يمكن أن يصل عدد ساعات ارتداءها إلى 6 ساعات، ولكى يستطيعوا أيضًا أن يمشوا فى وضع مستقيم ومتوازن عندما يعودوا إلى الأرض، ويحرص الرائد "درو" على توضيح العديد من الحقائق الفضائية أو فيديوهات الحياة اليومية لهم من المحطة فى فيديوهات قصيرة ينشرها على حسابه على "إنستجرام".
كذلك حرص عدد من رواد الفضاء على نشر صور لإعصار فلورنس منذ وجوده فى المحيط وحتى وصوله أراضى السواحل الأمريكية، إلى جانب صور وفيديوهات للدول والمعالم الطبيعية كالجبال والأنهار حول العالم التى يتم التقاطها من الفضاء.
صورة للنهر فى السنغال كما التقطتها المحطة
بدوره، قال "ألكسندر" قائد الرحلة، إنهم يتدربون على عمليات الإنعاش والتى تختلف فى الفضاء عن الأرض، حيث أن الطرف الذي يقوم بها يكون طائراً فى الهواء لذلك تكون صعبة جداً، كما يتدربون على الإخلاء فى حالات الطوارئ مثل الحرائق أو الجو السام، فالحياة فى محطة فضائية تتطلب اليقظة طوال الوقت، أما عن كيفية قياس وزنهم فيقومون بالنوم على جهاز يشبة الإسطوانة، ويهزون أجسامهم عليه ليحصلوا على وزنه أجسادهم، كذلك نشر "ألكسندر" صورة له وهوه يقوم بأعمال صيانه لجهاز يعمل على إزالة غاز ثانى أكسيد الكربون من المحطة حتى لا يتعرضون للاختناق وهو من أهم الأجهزة فى المحطة وأفضل طريقة لتعلم كيفية بناء نظام داعم للحياة لسفن الفضاء المتجهة للقمر ولكوكب المريخ.
اختبار للرئة
التدريب على الإخلاء فى الطوارئ
الرائد ألكسندر خلال اعمال التنظيف التى يقوم بها كل يوم سبت
تدريب على كيفية إنعاش القلب فى الفضاء
صيانة جهاز إزالة ثانى أكسيد الكربون
قياس العضلات بالموجات فوق الصوتية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة