رواية "الخاتن" لـ أدهم العبودى تكشف معاناة الإنسان من كردستان إلى المحروسة

الجمعة، 23 ديسمبر 2016 07:00 ص
رواية "الخاتن" لـ أدهم العبودى تكشف معاناة الإنسان من كردستان إلى المحروسة غلاف رواية الخاتن
كتب ياسر أبو جامع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بمفتتح "للملائكة والقمر والشّجر والرب" يبدأ الروائى أدهم العبودى روايته الأحدث "الخاتن"، حيث يقول: "لعلى أراكم تنتظرون الحكاية، تتساءلون كيف نازعتنى الأوطان بين أنيابها ونسرتنى وكيف عاقرتُ الخرافات؟ يستأثر بكم شغفُ التلصّص على عبث المصائر، لا بأس، أراكم تصغون بكاملِ أسماعكم، بوافر الفضول المطلّ من أعينكم، إذن أنصتوا مليًّا، ولا تنزعجوا، الحكايات فى نهاية الأمر عظةٌ للبعض، وتسريةٌ لبعضٍ آخر".

ثم يبدأ العبودى سرد حكايته وخريفه البعيد، حيث تدور أحداث "الخاتن" فى بدايات القرن الماضى، عندما دكّت قوّات الحلفاء مدن "كردستان" ومن ثمّ تمّ تقسيم "كردستان" إلى أربع دول، وهُجّر الكُرد، مفصلة ما حدث فى تلك الحقبة، حتى تشعر أن "العبودى" قدم لتوه من ذاك العصر ومن تلك البلاد.

الرواية تتناول سيرة أحد الأكراد الذين هاجروا من مدينته "نوشهر" الكُردية إلى برّ "مصر"، عن طريق الصّحراء ومفرداتها، عبر علاقته بماضيه المندثر مع أطلال مدينته المحترقة التى مات فيها ذويه وتفحّموا، وهواجسه التى ظلّت تؤرّقه لنهاية الأحداث، عبر رحلة مليئة بالإسقاطات والإحالات.

كما تتطرق الرّواية إلى تراث المجتمعات المنغلقة وعاداته السيئة، خاصة تجاه الأنثى، واصفاً- فى مشهدية شاعرية محملة بإحساس الفتاة الذى يعصر القلب- إجراء عملية الِختان وما تتركه من تحوّلات نفسية، ومصيرية لحياة الأنثى، فيضع "العبودى" القارئ بين صوره وسطوره عاصراً فؤاده وفاتحاً عينه على بشاعة هذا الجرم فى حق المرأة وحق المجتمع والإنسانية كلها.

"الخاتِن" رواية ذات طبيعة مأساوية، تمزج الواقع المرير بالخيال الصادم، تدور بين الماضى والحاضر، بين الأزمنة، بين الاسترجاع والتخيّل، وتطرح تساؤلات عن كُنه أعماق النفس البشرية، وتحوّلاتها من سوادٍ إلى سواد أعظم، وهل يُمكن أن تؤثّر العلاقات العابرة على أقدار الشخوص؟ هل يُمكن أن تهجر الملائكة أرض البشر؟ هل يُمكن أن نكاشف الرّب عمّا تختزله أرواحنا من شكوى؟ كيف نتحوّل من لا شىء إلى عدم مطلق؟ وكيف تهون الأوطان على أنظمتها؟ كيف يُمكن أن يختِن النظام وطنًا بأكمله؟

تمتدّ المأساة بديمومة الأسى نفسه، الأسى البشرى، لا يستطيع أن يستعيض الفرد بماضيه أى أمل، رحلة نحو العبث، نحو الخرافة، نحو أسطرة الواقع قسرًا جرّاء الحسرة، رحلة نحو كلّ ما يتفرّع إلى المأساة بأكثر من وجه وأكثر من معايشة.

وكان الدكتور شاكر عبد الحميد، قال فى قراءته للرواية، إنه مثلما تبدأ رواية الخاتن" بفعل عنيف وقاسٍ ومؤلم مدمر للجسد الإنسانى والنفس البشرية، كذلك تنتهى الرواية بالحرق والدم والنيران والموت، مشيراً إلى أن الرواية اهتمت برصد وتصوير الحضارات الغابرة والذكريات المعتمة المتعلقة ببقايا تلك الحضارات، الموجودة هناك على الجدران وعلى المعابد وداخل نفوس البشر وعلاقاتهم ومعتقداتهم.

تجدر الإشارة إلى أن رواية "الخاتن" صدرت عن دار "مصر العربية" للنشر والتوزيع بداية العام الجاري، وتعتبر العمل الخامس للعبودى بعد "متاهة الأولياء"، والمجموعة القصصية "جلباب النبي" الفائزة بجائزة إحسان عبد القدوس عام 2011، ورواية "باب العبد" الفائزة بجائزة الشارقة عام 2012م، ورواية "الطيبون" 2014.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة