جمال أسعد

البرلمان إفراز طبيعى للواقع

الإثنين، 05 أكتوبر 2015 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن البرلمان يمثل أهمية خاصة باعتباره السلطة التشريعية التى تقوم بالتشريع للسلطة القضائية، ويقوم بالمراقبة على السلطة التنفيذية باعتباره هو السلطة الشعبية التى تأتى عن طريق الانتخاب الحر المباشر، ناهيك عن أن هذا البرلمان المقبل هو الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق التى أعلنت بمشاركة القوى السياسية والشعبية، بعد إسقاط نظام الإخوان فى 30 يونيو. كما أن هذه الأهمية تؤكدها الآمال المنتظرة التى يجب أن يحققها هذا البرلمان لتأكيد قيم ومبادئ الثورة التى لم تتحقق بعد على أرض الواقع، كما أنه الاستحقاق الذى يدعم الشرعية الدستورية المكتملة فى مواجهة البعض فى الداخل والخارج الذين لا يريدون الخير للوطن.

ولكن هل الأحلام والأمانى والأمنيات تتحقق بعيداً عن العمل والجهد من أجل تغيير الواقع للأحسن، حتى يمكن تحقيق هذه الأحلام وتلك الأمنيات؟ وهنا يتناثر وينتشر القول إن البرلمان المقبل هو أهم وأخطر برلمان فى تاريخ مصر. نعم هو كذلك، ولكن هل البرلمان هذا سيكون بعيداً ومنفصلاً ومنبت الصلة بالواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى المعيش؟

بالتأكيد أن البرلمان هو الإفراز الطبيعى للواقع بكل سلبياته وبكل إيجابياته، فهل الواقع قد تغير للأحسن وكما يجب أن يكون؟ وهل تحول المجتمع (لا نقول لمجتمع ثورى بالمعنى العلمى والسياسى) ولكن هل تأثر هذا المجتمع بهبتى 25/30 كما يجب؟ وهل وصلت شعارات ومبادئ الثورة (التى ما زالت تحلق فى الفضاء الثورى ولم تتجذر واقعاً حتى الآن) إلى هذا الواقع حتى يتغير؟

فمن المعروف أن التغيير السياسى يتبعه تغيير اقتصادى لصالح التوجه السياسى المتغير كما يتبعهما تغير ثقافى وبالتالى اجتماعى، مع أن هذا يتم على فترات تراكمية بعيدة فما بالك فى التغيير الانتخابى وهو نتاج طبيعى وتالٍ لهذه المتغيرات، فهل حدث تغيير للأحسن فى هذه المجالات حتى نجد واقعاً انتخابياً متغيراً ومسايراً لما نريد ونتمنى؟

إذاً البرلمان المقبل لكى نعرف كنهه وكينونته لا نحتاج إلى عراف أو ساحر ولكن هى الرؤية السياسية وتحليل الواقع الذى سيفرز هذا البرلمان. فالواقع مزرٍ بكل المقاييس السياسية والانتخابية، فالواقع السياسى والحزبى وهو عمود الخيمة لأى انتخابات قد وصل إلى قاع المنحدر فلا سياسة ولا انتماء ولا أحزاب تمتلك أى علاقة جماهيرية، الشىء الذى أفقدها مبرر وجودها وبغيابها من الشارع كان البديل هو الواقع الانتخابى الموروث والمتراكم عبر السنين ومنذ إنشاء أول برلمان عام 1866. وهذا الموروث تكلس وتكرس فى فئات قروية إقليمية ونخبة ثورية مدنية (من المدينة) توارثت البرلمانات وما زالت حتى الآن ولو تغيرت الأسماء ولكن المنهج والمواصفات ما زالت كما هى، فقديماً كان الجنيه يقسم، نصف قبل التصويت والآخر بعده، ولكن الآن فالرشاوى الانتخابية مع الواقع الاقتصادى المتردى والدخول المنهارة، إن وجدت، والتدنى الاجتماعى والأخلاقى قد جعلها واقعاً معلناً بلا خجل، بل للأسف مقنناً، فبعد تحديد القانون لسقف الدعاية لنصف مليون جنيه فهذا تقنين لهذه الرشوة وتصريح بها.

فهل هذا الواقع يمكن أن يأتى ببرلمان آخر غير ما كنا نرى قبل 25/30؟ بل للأسف، وبكل وضوح، فما نراه حتى الآن هى نفس الأساليب شبه الرسمية والمنسوبة للأمن ما زالت تمارس، ومتى؟ بعد 25/30. وما زال الأمل فى بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تكون وطنا لكل المصريين بلا استثناء.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة