تتطلع الشعوب دائما إلى دور النخب فى إنقاذها من الفتن والمحن والأزمات وتجاوز عقبات وآفات الزمان وفساد البشر، ولكن الواقع يقول أن النخبة المصرية أصبحت سبب مصيبة مصر وأزماتها وسوءاتها الحالية، بل أدت أفعال النخبة المصرية إلى إدخال مصر فى بحر من الأزمات بدلاً من السباحة والعبور إلى بر الأمان.
فالمتابع لما يقوله من يطلقون على أنفسهم النخبة يجد أن هذه الفئة تمسك بمعول هدم يحطمون به كل ما أفرزته الثورة من إنجازات، حيث يفكرون فى مصالحهم فقط، سواء دينية أو إقتصادية أو سياسية، وبدأ كل منهم يبحث عن أقصر الطرق التى تقوده إلى السلطة سواء كان يستحق ذلك أم لا.
لم تأتى تصرفات وأحاديث النخبة على قدر الحدث الذى تعيشه مصر لأسباب كثيرة فى مقدمتها أن الكثير من الشخصيات المحسوبة على النخبة انضمت إليها بفعل فاعل، فقد استغلوا الثورة فى الصعود على أكتافها إلى عالم الأضواء والشهرة وحاول كل منهم أن يجعل من نفسه ضحية للنظام السابق وأنه ثورجى من الطراز الرفيع بالرغم من أن الكثير منهم كان عميلا مزدوجا يتواصل مع الأمن ويظهر أمام الناس بطل مغوار، وجماعات أخرى كانت تحرم على نفسها السياسة وتحرم الخروج على الحاكم وفجأة أصبحت تعتبر نفسها صاحبة باع طويل فى النضال، ومذيعين وشيوخ دين كانوا يتمتعون بالنعيم فى دول العالم وعادوا مؤخراً ليعلنوا أنهم كانو ضحايا النظام فى محاولة منهم للحصول على قطعة من التورتة المصرية، بالرغم من أنهم كانوا يدعون للنظام السابق ليل نهار ولم يتحدثوا طوال حياتهم بكلمة ضده. كما تحول بعض رجال الإعلام الذين كانوا يقبلون أيدى سيدهم صفوت الشريف إلى ملائكة يدًعون أنهم يضحون بحياتهم الآن من أجل انقاذ مصر بالرغم من أن تاريخهم ملطخ بالنفاق والرياء، بل أن بعضهم ليس له تاريخ يذكر وخرج علينا كنبت شيطانى.
إن الغالبية العظمى من النخبة الحالية من الصعاليك المتسلقين على أكتاف الثورة يعتمدون فى تصرفاتهم وإدعاءاتهم على أن ذاكرة الشعب المصرى ضعيفة، ولكن يجب أن يعلموا أن الشعب الذى أزاح جبالاً من الظلم قادر على أن يزيح كل هؤلاء المنافقين والمتسلقين من على أكتافه بيسر وسهولة.
إذا كانت العديد من الشخصيات تمسك بمعول الهدم، فإن شخصيات وتيارات أخرى إختزلت قضية خروج مصر من أزماتها وتجاوز محنتها فى السيطرة على مسجد هنا أو هناك ومن له حق الخطابة، مثلما حدث مع الشيخ حافظ سلامة الذى اختزال كل جهاده الكبير فى الصراع مع الدولة من أجل عودة مسجد النور إلى حوزته، وغدا الصراع على المنابر كأنه وجاهة وليس لصالح الوطن نشر الدين الصحيح، كما تمسك الأقباط بمواقف وكلمات لأشخاص يدرك الجميع أنهم لايمثلون إلا أنفسهم، بل طالب الأقباط بقانون موحد لدور العبادة وعندما بدأ القانون يرى النور وجدنا موجات الإعتراض عليه والمطالبة بتغييره بما يحقق مصالح وأغراض معينة وكأن الغالبية العظمى من السكان من الأقباط وليس المسلمين، فقد دفعت الفوضى الجميع للحصول على أكبر قدر من المنافع والحقوق سواء كان يستحقها أم لا.
إن غياب النخبة الحقيقية وأصحاب الفكر عن الساحة واستيلاء بعض الشخصيات والتيارات على المنابر السياسية ووسائل الإعلام، يؤكد أن النخبة المتسلقة تمارس ما كان يفعله النظام السابق ولكن بشكل مختلف وطريقة مغايرة، كما أن حجم التناقض والاختلاف والجهل الذى يخرج أحياناً من النخبة المصرية المتسلقة يكشف أن الثورة يتم اختطافها من أشخاص يحكون عن أمجادهم الزائفة وأنهم تعرضوا للظلم والبطش فى عهد النظام السابق بالرغم من أن الكثير من الوقائع كشفت أن ما يمارسونه كان تمثيلة، فكيف لشخص يدعى أنه من المعارضة ضد النظام السابق ويتفاجىء الجميع أنه أحد مهندسى موقعة الجمل؟، وكيف لشخص كان يقبل أيدى الوزراء ومذيعون يمدحون فى النظام ليل نهار وآخرون يبكون من فرط حبهم وانتمائهم للرئيس السابق ونظامه ثم يتحدثون الآن كأنهم منَ قاموا بالثورة، ولولا جهودهم وأفكارهم مانجحت الثورة، بل لولا برامجهم الثورية ماكان للثورة أن تقوم.
إن الكثير من النخبة يستخفون بعقول الشعب لدرجة تؤكد أن هذه النخبة منزوعة الحياء وتلعب بكل الأوراق لتحقيق مآربها على حساب الشعب، لذا من الأفضل لهذه النخبة المتسلقة الإنسحاب والإنزواء وترك الشعب يعمل وينتج والمتخصصين يفكرون وأصحاب الكفاءات والمهارت يعدون للمستقبل لإنقاذ البلاد بدلاً من المهاترات التى تحدثها النخبة المتسلقة التى كشفت تصرفاتها أنها لاترتقى إلى الثورة، بل إنتهزت الثورة مثلما كان النظام السابق ينتهز الشعب.
المشكلة أن الكثير من الشخصيات والجماعات العربية استغلت فوضى النخبة وبدأت تتحدث عن الوضع فى مصر وكأنها جزء من الحدث، بل أصبحت توجه المجتمع نحو تحقيق أغراض معينة ومصالح محددة فى محاولة منهم لفرض أشخاص بعينهم على المصريين، للآسف لم يكن لهؤلاء وأمثالهم من النخبة التى صعدت على أكتاف الثورة أن يتدخلوا فى شأن مصر أو يتحدثوا بإسم المصريين أو يصعدون إلى المنابر ويستولون على الميكرفونات والأقلام لولا فوضى المشهد النخبوى والصراع بين التيارات المختلفة التى تجعلنا نرى التغيير ولا نشعر به بالرغم من سقوط نظام استبداى ولكن تم استبداله بنظام فوضوى يبحث عن مصالحه فقط على حساب مصر والمصريين.
إن مصر فى حاجة إلى عقول بناءة تبنى على أرض الواقع وليس على شاشات التلفزيون أو صفحات الجرائد أو منابر المساجد لان العمل وحده من ينقذ مصر ويدخلها إلى المستقبل بينما يدخلنا الكلام فى بحر الصراع الفقر والديون.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة