صدر عن المركز القومى للترجمة، الترجمة العربية لرواية "بندول فوكو" للروائى الإيطالى الشهير أمبرتكو إيكو، ترجمة أمانى حبشى، ومراجعة حسين محمود.
والرواية بحسب المترجمة "ليست مجرد رواية بوليسية فحسب، فنحن أمام عدة كتب فى كتاب، عدة كتب تستعرض معارف متنوعة من ثقافات مختلفة، فهو ينطلق من أوروبا العصور الوسطى إلى البرازيل، حيث الديانات الإفريقية ثم إلى الشرق الأوسط، حيث الحروب الصليبية وجماعة الحشاشين".
وتدور أحداثها فى إحدى دور النشر، خلال مدة تصل إلى عشرين عامًا، وتستعرض فى إطار بوليسى رغبة ثلاثة من المحررين فى تأليف خطة تأسيس العالم، خطة تبرر أحداث التاريخ، وتبرر وجود البشر على سطح الأرض، وتبرر أيضًا وجودهم، تقودهم الخطة لمواجهات سواء على المستوى الخارجى أو الداخلى، مع جماعات منحرفة تبحث لنفسها عن غرض، ومواجهة مع النفس لفحص أسباب تلك الرغبة فى ابتداع الخطة.
وتشير أمانى حبشى إلى أنها فضلت ترجمة الرواية من دون هوامش، على الرغم من أنها تحتوى على عديد من الأسماء التاريخية والحركات الدينية والسياسية، والتى يتضح وجود تفسير لها فى سياق الرواية، وذلك لكى لا تعطل الهوامش متعة البحث لدى القارئ والتى تميز قراءة عمل مركب مثل هذا يحتوى معلومات لا نهاية لها عن العوالم الغامضة والسفلية، وبالرغم من أن الرواية لم تحظ بالنجاح نفسه الذى حظيت به "اسم الوردة" إلا أنها عادت مرة أخرى للبروز على السطح فى أعقاب نجاح رواية دان براون "شفرة دافينشى" والتى بدا مؤلفها متأثرًا بكثير من الأفكار التى تناولها إيكو عام 1988 فى "بندول فوكو".
وتعتمد الرواية فى إطارها وأفكارها على مجموعة التفسيرات والتأويلات الباطنية والصوفية عند اليهود، والاسم مشتق من كلمة عبرية تفيد معنى التواتر أو القبول أو التقبل أو ما تلقاه المرء عن السلف، أى التقاليد والتراث وكان يقصد بالكلمة أصلا تراث اليهود الشفوى المتناقل فيما يعرف باسم الشريعة الشفوية، وقد أطلق العارفون بأسرار القبالاة على أنفسهم لقب العارفون بالفيض الربانى .
تنقلنا الرواية أيضًا للعالم السرى لدور النشر، عمل المحررين، وطرق النشر والتوزيع، عالم المؤلفين الجدد وطرق التعامل معهم، العالم الخلفى للنشر، عالم خداع الذات، وخداع من لا موهبة له ويرغب فى النشر، ويتضح من الرواية وجود عالم خاص خفى ربما لا يعرف عنه أحد الكثير، ذلك العالم الذي تخلقه دور النشر، حيث تخترع دور النشر لهذا الغرض الموسوعات، بل والجوائز الأدبية لخداع من يرغبون فى النشر وهم لا يملكون أية موهبة، وتكشف أمانى فوزى حبشى أنها واجهت العديد من الصعوبات، أولها اعتماد المؤلف على كثير من الإحالات الأدبية، والتى لابد للقارئ أن يكون على دراية بها ليفهم ما يرمى إليه المؤلف، عادة ما تفقد تلك الإحالات (إذا كانت تعتمد على استخدامها الحرفى باللغة الإيطالية) أثناء عملية النقل إلى لغة أخرى، أو أن يحاول المترجم البحث عن السياق المقابل فى لغته التى تحمل معنى مشابه، قريب من المعنى الذى يرغب المؤلف الوصول إليه فى اللغة الأصلية، وقد حاولت أمانى حبشى ذلك فى العديد من المقاطع بالفعل أو أن أشير بطريقة ما إلى ما يقصده المؤلف فى متن الترجمة، إلا أنه لابد من الاعتراف بصعوبة الاحتفاظ بكل الإحالات الأدبية الحرفية عند النقل إلى لغة أخرى، وقد حاور الكثيرون إيكو بهذا الشأن، بل واتهموه بأنه لا يهتم كثيرًا بترجمة كتبه إلى لغات أخرى لما تحويه من كثير من تلك الإحالات، إلا أنه كان يجيب بأن الترجمة، والتى يهتم بها هو شخصيًا وكتب كثير من الدراسات عنها، هى عملية تفاوض "من باب انطوائها على التضحية بشىء ما، للحصول على شىء آخر وسط الفوارق المتفاوتة بين الأنظمة اللغوية"
أمبرتو إيكو أحد أهم رموز الثقافة الأوروبية المعاصرة ومنذ كتابه "منذ صدور كتابه (العمل المفتوح) عام 1962م وهو يحظى باهتمام كبير فى الفكر العالمى مع توالى أعماله الفكرية والفلسفية والأدبية ومنها (يوميات بالحد الأدنى) 1963 ثم (البنية الغائبة) 1968م ثم (نظرية فيعلم الرموز والعلامات) 1976م، و(حدود التفسير) 1990م، و(ست نزهات فى الغابة الروائية)1994م، و(أن تقول الشىء نفسه تقريبا) 2003م. وحققت روايته الأولى (اسم الوردة) نجاحاً كبيرًا ومنحته شهرة واسعة خارج دائرة النخبة المثقفة، وترجمت إلى 32 لغة ووزعت 15 مليون نسخة حسب إحصائيات إيكو. وتحولت إلى فيلم أخرجه الفرنسى جان كلود فيلما (1986) ثم قدم بعدها " بندول فوكو" 1988 و(جزيرة اليوم السابق) 1994م و(باودلو ينو).
وأمانى فوزى حبشى دكتوارة فى الأدب الإيطالى من كلية الألسن وحصلت على الجائزة الوطنية للترجمة من الحكومة الإيطالية عام 2003 على مجمل ترجماتها من الإيطالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة