باريس تنعى بريجيت باردو.. أيقونة الجمال وأسطورة السينما الفرنسية

الأحد، 28 ديسمبر 2025 06:27 م
باريس تنعى بريجيت باردو.. أيقونة الجمال وأسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو

0:00 / 0:00
ا ش ا

فقدت فرنسا اليوم /الأحد/ إحدى نجومها السينمائية البارزة "أيقونة السينما "بريجيت باردو" عن عمر ناهز 91 عاما، تاركة مسيرة فنية وإنسانية استثنائية.. فقد أعلنت مؤسستها التي تحمل اسمها عن وفاتها اليوم، قائلة "تعلن مؤسسة بريجيت باردو ببالغ الحزن والأسى وفاة مؤسستها ورئيستها، السيدة بريجيت باردو، الممثلة والمغنية العالمية الشهيرة التي اختارت التخلي عن مسيرتها المهنية المرموقة لتكريس حياتها وجهودها لرعاية الحيوان ودعم مؤسستها".

أيقونة عالمية وتحرر المرأة في السينما
 

وتعد "بريجيت باردو" المعروفة أيضا بأحرف اسمها الأولى "بي بي" الأشهر في تاريخ السينما على مستوى العالم، فقد جسدت تحرر المرأة والحرية في السينما الفرنسية من خمسينيات إلى سبعينيات القرن الماضي، قبل أن تصبح رائدة في مكافحة اساءة معاملة الحيوان.

مسيرة فنية حافلة بالأعمال الخالدة
 

كانت النجمة "بريجيت باردو" ممثلة متميزة تجمع بين الصفات الحسية والدرامية، فقد لعبت دور البطولة في أكثر من 40 فيلما بين عامي 1951 و1973، أصبح بعضها أفلاما كلاسيكية ومن أشهر أفلامها "وخلق الله المرأة" عام 1956، فمنذ ذلك الفيلم ظهرت بريجيت باردو بإسلوبها المرح كي تأسر قلوب المعجبين في كافة أنحاء العالم.

شهرة دولية وتعاون مع كبار المخرجين
 

وعملت بريجيت باردو مع العديد من المخرجين الكبار، حيث لعبت أدوارا تتميز بالأناقة والحسية، وسرعان ما اكتسبت شهرة دولية، فمن خلال 45 فيلما وأكثر من 70 أغنية في مسيرتها المهنية الحافلة كانت "بريجيت باردو" واحدة من أشهر الفنانات الفرنسيات في العالم، فمنذ فيلم "وخلق الله المرأة" سطع نجمها، وحتى فيلم "الازدراء" عام 1963، كانت بريجيت باردو لمدة خمسة عشر عاما تقريبا أشهر ممثلة في العالم، ودائما ما كانت تجذب عدسات المصورين، وذلك قبل أن تعتزل في أوائل السبعينيات وتكرس حياتها للدفاع عن حقوق الحيوان بعد مسيرة حافلة بالنجاحات.

البدايات الفنية والانطلاقة السينمائية
 

وعن بداية مسيرتها الفنية، كانت بريجيت باردو التي وُلدت عام 1934، وتلقت تعليما صارما، اتجهت في البداية إلى الرقص الكلاسيكي وبعد ظهورها على غلاف مجلة "إيل" (Elle) لفتت انتباه المخرج مارك أليجري، ووقعت في غرام مساعده روجر فاديم وبفضلهما، بدأت مسيرتها السينمائية عام 1952، وهي في الثامنة عشرة من عمرها.

أفلام صنعت الأسطورة
 

وشاركت بريجيت باردو في العديد من الأدوار الثانوية مثل فيلم "المناورات الكبرى" للمخرج رينيه كلير، لكن تغيّرت حياتها جذريا عندما حصلت على دور البطولة في فيلم "وخلق الله المرأة" للمخرج روجر فاديم، وهو فيلم أثار جدلا كبيرا عام 1956، وجلب لها شهرة عالمية مفاجئة، ثم توالت نجاحاتها مع أفلام مثل "امرأة باريسية"، و"بابيت تذهب إلى الحرب" لكن فيلم "الحقيقة" لهنري-جورج كلوزو عام 1960، جذب ستة ملايين مشاهد إلى دور العرض، و اعتبرت بريجيت باردو هذا الفيلم الذي كان تصويره شاقا للغاية بالنسبة لها، أفضل أفلام مسيرتها الفنية. وقالت لمجلة "Vogue": "أظهر كلوزو موهبة سينمائية استثنائية بداخلي" وهو بالفعل فيلم رسخ مكانتها كأيقونة سينمائية فرنسية، ورغم نجاحها، ظلت بريجيت باردو تُشكك في قدراتها باستمرار. إذ أنصتت للانتقادات التي وُجهت إليها بأنها ممثلة سيئة، وسعت، منذ ستينيات القرن الماضي، إلى قبول أكثر العروض جرأة.

أدوار جريئة وصورة تتجاوز النمطية
 

وهكذا حصلت على دور البطولة في فيلم "حياة خاصة" للمخرج لوي مال، عام 1962، وهو فيلم مستوحى من حياتها الشخصية، حيث كانت تُلاحقها عدسات المصورين. وفي العام التالي، ظهرت في فيلم جان لوك جودار "الازدراء" (Le Mépris)، ما عزز من أسطورتها.

نجاحات جديدة وإشادة نقدية
 

وحاولت بريجيت باردو الخروج عن صورتها النمطية مرة أخرى في فيلم "تحيا ماريا!" وهو فيلم ساخر من إخراج لوي مال، وحقق نجاحا باهرا (3.4 مليون مشاهد في دور العرض) وكان بمثابة انتصار لبريجيت باردو، التي أشادت بها الصحافة لأدائها.

رمز وطني وتجربة غنائية
 

كما أصبحت بريجيت باردو رمزا وطنيا في فرنسا، واختير وجهها لتمثيل "ماريان" رمز الجمهورية الفرنسية وإلى جانب التمثيل، خاضت باردو تجربة الغناء بالتعاون مع سيرج جينسبورج، وقدّمت مجموعة من الأغاني أصبحت من كلاسيكيات الأغنية الفرنسية، من بينها "هارلي ديفيدسون" و"لا مادراج"، إحدى أشهر أغانيها، والتي استوحتها من منزلها في منطقة "سان تروبيه" بجنوب فرنسا.

رفض هوليوود والتمسك بفرنسا
 

كانت السينما العالمية تتهافت عليها لكن بريجيت باردو رفضت جميع السيناريوهات التي عُرضت عليها من بينها فيلم في خدمة جلالتها السرية"، و"قضية توماس كراون" الذي كُتب خصيصا لها، وفي هذا الصدد، قالت باردو لمجلة "Vogue": "كما تعلمون، أحتاج إلى البقاء في بيئتي الخاصة، وفي روتيني المعتاد، محاطة بأشخاص أعرفهم، وفي أماكن مألوفة بالنسبة لي ... لم يكن بإمكاني ببساطة الرحيل إلى الولايات المتحدة. حتى لو عُرض عليّ كل أموال العالم، كان ذلك مستحيلا".

قرار الاعتزال ونهاية المشوار الفني
 

واعتزلت باردو التمثيل بفيلم "قصة كولينو الملهمة والمبهجة" وبعد عامين من عرض الفيلم، أي عام 1975، أنهت مسيرتها الفنية نهائيا "إنه أفضل قرار اتخذته في حياتي" هكذا صرحت لصحيفة لوموند عام 2018، مضيفة "مجرد قراءة سيناريو كان يُثير قلقي، وطوال العشرين عاما التي قضيتها في صناعة الأفلام، كنت أشعر بتعب في معدتي " وفي مايو 2025، صرحت بريجيت باردو لقناة "بي أف أم تي في": "شعرتُ أنه لم يعد هناك قصص رائعة، ولا سيناريوهات جميلة، ولا حوارات جيدة، ولا مخرجين. هكذا اتخذتُ قرار الاعتزال" .

الدفاع عن حقوق الحيوان والعمل الإنساني

اهتمت بريجيت باردو بشدة بقضية مكافحة إساءة معاملة الحيوانات، وأطلقت دعوات من أجل الكلاب المهجورة .. تعرضت للسخرية، لكنها استمرت في مسيرتها الانسانية، وفي عام 1986، أسست مؤسسة "بريجيت باردو" للدفاع عن حقوق الحيوان.

تأملات في الحياة والموت
 

وفي هذا العام 2025، استضافت بريجيت باردو فريق قناة "بي أف أم تي في" في منزلها في "سان تروبيه" لتتحدث عن نشاطها في مجال حقوق الحيوان. كما تحدثت عن الموت، مؤكدة أنها لا تخشاه. وقالت "على العكس تماما .. الحياة الحالية تجعل الموت يبدو شيئاً استثنائيا".

ردود فعل واسعة بعد الرحيل
 

وعقب الاعلان عن وفاة بريجيت باردو اليوم، توالت ردود الافعال وكلمات التعازي، ليس فقط من الوسط الفني ولكن أيضا العديد من الشخصيات السياسية حرصوا على نعي أيقونة السينما الفرنسية مشيدين بمسيرتها الفنية والانسانية الاستثنائية.

ماكرون ينعى أسطورة الحرية
 

فقد أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن تعازيه في وفاة "بريجيت باردو". وقال في منشور على منصة إكس " أفلامها، صوتها، شهرتها الباهرة، أحرف اسمها الأولى، أحزانها، شغفها الكبير بالدفاع عن الحيوانات، ووجهها الذي أصبح ماريان (شعار الجمهورية الفرنسية) .. فقد جسدت بريجيت باردو حياة الحرية، وجود فرنسي، وحضور عالمي". وأضاف "لقد لامستنا .. ننعى أسطورة من هذا القرن".

وزارة الثقافة: إرث خالد
 

بدورها، قدمت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي تعازيها الخالصة في وفاة باردو ، قائلة في بيان "أيقونة السينما والفرنسيين، ومصدر إلهام لأعظم المخرجين، والمدافعة الدؤوبة عن قضية الحيوانات، بريجيت باردو توفيت عن عمر 91 عاما".

وأوضحت داتي أن باردو أصبحت في غضون سنوات قليلة أسطورة عالمية ورمزا للأنوثة المتحررة والحداثة المبهرة، مضيفة أنه في ذروة مسيرتها المهنية، اختارت أن تترك صخب التصوير لتكرس حياتها لقضية حقوق الحيوانات، وساهمت في تغيير نظرة المجتمع إلى حماية الحيوانات بشكل دائم. وقالت "ليست مجرد ممثلة، ولا ناشطة فقط، بل تترك بريجيت باردو وراءها ذكرى خالدة لأسطورة فرنسية ساهمت بشغف في تشكيل خيالنا".

إشادة إعلامية وإرث لا يزول
 

كما أعرب جيروم بيجلي، رئيس تحرير مجلة "باري ماتش"، عن تعازيه قائلا "بريجيت باردو هي تجسيد لآخر نجمة فرنسية، وآخر شخصية تربط بين الأجيال. لقد فقدنا جميعا شخصية مهمة اليوم".

وبعد رحيلها، تظل بريجيت باردو واحدة من أبرز أيقونات السينما الفرنسية في القرن العشرين، وتجسد أسطورة فنية وانسانية الأكثر حضورا وتأثيرا في الفن والمجتمع.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة