كيف استفاد علم المصريات من فك رموز حجر رشيد؟

السبت، 27 سبتمبر 2025 06:00 م
كيف استفاد علم المصريات من فك رموز حجر رشيد؟ حجر رشيد

محمد عبد الرحمن

بعد إلغاء استخدام اللغة الهيروغليفية وإغلاق المعابد المصرية القديمة في القرن الرابع الميلادي، تحولت الهيروغليفية إلى رموز مبهمة لا يفهمها أحد لأكثر من 1600 عام. وخلال تلك الفترة، وبسبب الجهل بلغة المصريين القدماء وعدم القدرة على قراءتها، ظهرت عشرات النظريات المغلوطة حول الأهرامات والحضارة المصرية، حتى جاء الاكتشاف الفارق مع حجر رشيد الذي فتح الباب لفك الشفرة.

مفتاح الحضارة المصرية

كان فك رموز حجر رشيد بمثابة المفتاح الذهبي لفهم الحضارة المصرية القديمة بعد أن ظلت محاطة بالغموض لقرون. فقد مكّن هذا الكشف من قراءة النصوص المدونة على البرديات والمعابد والتماثيل، مما سمح بترجمة علوم المصريين القدامى وآدابهم ونصوصهم المقدسة، فضلًا عن دراسة التاريخ والمعارك والأحداث السياسية بدقة علمية. كما فتح آفاقًا واسعة للتعرف على تفاصيل الحياة اليومية مثل: المنزل، والعائلة، وتربية الأطفال، وممارسات الطب والعلوم.

مساهمة حجر رشيد في تأسيس علم المصريات

فتح باب المعرفة: قبل فك رموز الحجر، كانت الكتابة الهيروغليفية غير قابلة للقراءة، وهو ما جعل معرفة الحضارة المصرية محدودة للغاية، فهم لغة الكتابة: وجود النص اليوناني على الحجر مكّن علماء مثل جان فرانسوا شامبليون من مقارنته بالنصين الهيروغليفي والديموطيقي، ودراسة الحضارة: ساعد فك الرموز في ترجمة آلاف النصوص القديمة، وكشف عن جوانب الفن والدين والعلم والحياة اليومية، وتأسيس علم المصريات: يعد فك رموز حجر رشيد البداية الحقيقية لعلم المصريات الحديث، بجانب استعادة اللغة القبطية: الربط بين النصوص المصرية القديمة واللغة القبطية أتاح فهمًا أوسع لمراحل تطور اللغة المصرية.

من الاكتشاف إلى التأسيس العلمي

احتاج الأمر أكثر من 20 عامًا بين لحظة اكتشاف الحجر خلال الحملة الفرنسية (1798–1801) وبين لحظة إعلان شامبليون نجاحه في فك رموزه عام 1822. ومن هنا وُلد علم المصريات كأحد أهم العلوم الإنسانية، ليكشف أسرار الحضارة المصرية العريقة ويزيح عنها ستار الغموض.

ومن اللافت أن اسم هذا العلم نفسه ارتبط بمصر، إذ قلّما نجد علمًا يُشتق اسمه من بلد بعينه، مثلما هو الحال مع مصطلح إيجيبتولوجي (Egyptology) الذي صكه علماء الحملة الفرنسية وأصبح متداولًا عالميًا بعد نجاح شامبليون في قراءة النصوص المصرية القديمة.

روّاد الجيل التالي

خلّف شامبليون وراءه جيلًا جديدًا من علماء المصريات في القرن التاسع عشر، من أبرزهم: الفرنسيان إيمانويل دي روج (1811–1872) و أوجست ماريت (1821–1881).، الألمانيان ريتشارد لبسيوس (1810–1884) و هينريش بروجش (1827–1894).

ويُعد لبسيوس من أهم الأسماء، إذ أسس أول معهد ألماني لدراسة علم المصريات في جامعة برلين عام 1842، كما أقنع الملك فريدريش ويليام الرابع بتمويل أول حملة ألمانية استكشافية علمية إلى مصر في العام نفسه.

أهمية علم المصريات عالميًا

يؤكد الباحثون أن دراسة علم المصريات ليست شأنًا محليًا فقط، بل تُعد الحضارة المصرية أساسًا للحضارات العالمية اللاحقة. فقد أسست مصر القديمة أول دولة بمؤسسات مركزية في التاريخ، واحتفظت بتراث أثري هائل عبر آلاف السنين، منقوشًا على الصخور أو محفوظًا داخل المقابر.

وعلى عكس كثير من الحضارات الأخرى التي ضاعت آثارها أو نُهبت، مثل روما وفينيقيا وآشور وبابل، ظلت آثار مصر شاهدة على تفاصيل دقيقة للأحداث التاريخية منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى اليوم. وهو ما جعل علم المصريات واحدًا من أهم وأغنى العلوم الإنسانية في العالم.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة