سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21 سبتمبر 1917.. الحكومة البريطانية تواصل تأكيدها على أنها مصدر الولاية على عرش مصر وتستقر على اختيار الأمير أحمد فؤاد الأول سلطانا خلفا لحسين كامل

الأحد، 21 سبتمبر 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21 سبتمبر 1917.. الحكومة البريطانية تواصل تأكيدها على أنها مصدر الولاية على عرش مصر وتستقر على اختيار الأمير أحمد فؤاد الأول سلطانا خلفا لحسين كامل أحمد فؤاد الأول

سعيد الشحات

انشغل السلطان حسين كامل، أثناء مرضه وقبل وفاته بسنتين، بمن يخلفه على عرش مصر، وكانت رغبته الخاصة أن يكون خليفته هو ابنه الوحيد كمال الدن حسين، وبذل كل الجهود لأجل ذلك، لكن الابن كان زاهدا فى العرش، فى الوقت الذى توافد على العاصمة أمراء بيت محمد على يطمع كل منهم فى أن يستولى هو على العرش، وكان على رأسهم الأمير أحمد فؤاد، حسبما تذكر الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «مصر فى الحرب العالمية الأولى»، مضيفة: «آثار ذلك سخط العارفين بأخلاق هذا الأمير وبعده عن الوطنية».

لم يرفض الأمير كمال الدين حسين خلافة والده لأسباب وطنية، وفقا لتقدير سعد زغلول باشا فى الجزء السادس من مذكراته، ويكشف فيه: «زرت الأمير كمال الدين أمس، وخرجت من لدنه أقل إعجابا به من دخولى عنده، لأنى فهمت أنه متنازل عن العرش الذى يؤول إليه من أبيه، ولكنه ليس متنازلا عنه إذا آل إليه عن طريق آخر، فقد قال لى: «إذا انقرضت عائلة محمد على ولم يتبق عنها إلا هو، فإنه يطالب بعرش مصر، لأن جده اكتسبه عن الحسام (السيف)»، يضيف سعد باشا: «غاية ما فهمت من هذا، أنه ما دام العرش فى العائلة العلوية، فإنه يفضل أن يكون أميرا على أن يكون سلطانا، ولكنه إذا دار الأمر فيه بينه وبين أجنبى اختار نفسه على الأخير الأجنبى».

يؤكد سعد باشا أن إعجابه بكمال الدين حسين قل، والسبب «أنه قال، إنه لا وطن له، ولا يعرف إلا أنه مسلم فقط، وإنه يحب مصر، ولكنه يكرهها لأن موقعها الجغرافى يحتم ألا تكون لنفسها، ولا بد أن تكون تابعة لدولة أخرى، وإنه يفضل الإنجليز على غيرهم».

تذكر لطيفة سالم، أن إنجلترا أخذت فى البحث عن إيجاد خلف للسلطان حسين كامل يكون مرضيا عليه من المصريين وراغبا فى التعاون مع السلطات الإنجليزية، وقادرا على الطاعة، وتضيف: «كان الأمير فؤاد فى العاصمة منذ أيام مرض السلطان حسين، ورفض ابنه للعرش، فاستحسنه الإنجليز وبدأت الحكومة فى تسوية ديونه، ولم يكن السلطان حسين راضيا عن فؤاد كوريث للعرش فى الوقت الذى كان فيه الوزراء غير ميّالين إليه أو راغبين فيه، فقد كانت شخصيته ضعيفة، ولم يكن محبوبا من أحد ولا يوثق فيه».

تعطى لطيفة سالم دلائلها على عدم رغبة المصريين فى «فؤاد»، فتنقل عن سعد باشا، قوله: «فهمت من رشدى أن السلطان لا يود أن يزوره الأمير فؤاد، وفهمت من عدلى أنه لا يود أن يشتغل مع رشدى إذا كان يسلك مع فؤاد مسلكه مع السلطان، لأن للبرنس فؤاد ميولا لا تتفق مع مصلحة البلاد، فلو لم يجد من المقربين عنه ما يقضى بتعديلها استمر فيها، بالإضافة إلى أنه لم يكن أكبر أفراد الأسرة الخديوية، ولكن لم يسيطر عليه الكره الشديد للإنجليز، لهذا رأت الحكومة الإنجليزية تعيينه لأنها اعتبرته أسلس قيادة من أى مرشح آخر مع علمها بأنه كان ضئيل الشهرة، وإذا تولى عرش السلطنة فلن يحصل بتأييد من الشعب، أو يكون له نفوذ كبيرة عليه فهو قضى شطرا طويلا من حياته فى الخارج، لا سيما فى إيطاليا، كما لم يكن له أصدقاء فى البلاط لذا فهو سيضطر - كما اعتقدت إنجلترا - أن يستند دائما عليها، فاختارته ليكون مطواعا سهل الانقياد».

يذكر الدكتور يونان لبيب رزق فى كتابه «فؤاد الأول، المعلوم والمجهول» أنه فى 21 سبتمبر ، مثل هذا اليوم، 1971، وقبل أقل من ثلاثة أسابيع من وفاة السلطان حسين كامل «9 أكتوبر 1917»، كان رأى الحكومة البريطانية قد استقر على أن يكون الأمير أحمد فؤاد هو الوريث، غير أنها اشترطت قبل ذلك أن يعلن الأمير كمال الدين حسين عن موقفه برفض العرش، إذ لم ترغب أن تضع الأخير فى موقف يبدو معه وكأنه قد سلب حقه مما يخلق رأيا عاما غير محبذ لأن يكون فؤاد هو الوريث، ومن ثم طلبت من ممثلها فى القاهرة أن يحصل أولا على تنازل صريح من ابن السلطان حسين، وبعد إجراء اتصالات عديدة بين السير وينجت المندوب السامى البريطانى فى القاهرة ورئيس الوزراء رشدى باشا، جرت محاولات حث الأمير كمال الدين على إعلان تنازله عن العرش، وهو الأمر الذى تم دون صعوبة، ووضعت صيغة حطاب التنازل بين المندوب السامى ورئيس الوزراء، ولم يكن على الأمير كمال الدين سوى أن يوقع، ولم يتأخر فى ذلك ليصبح الأمير أحمد فؤاد سلطانا على مصر باسم «فؤاد الأول».

تؤكد لطيفة سالم، أنه وضح فى بلاغ إنجلترا لفؤاد التدخل البريطانى السافر، فقد اعتبرت نفسها مصدرا لولاية العرش بقولها فى البلاغ: «إن حكومة صاحبة الجلالة البريطانية تعرض عليكم تبؤ هذا العرش السامى».




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب