أحمد التايب

العراق.. وحلقات النار المرتقبة

الأحد، 31 أغسطس 2025 12:20 ص


في خضم التوتر المتصاعد بين إيران وإسرائيل، تتجه القوات الأمريكية في العراق إلى إعادة تموضع جديدة، استعداداً لمواجهة سيناريوهات على الصعيد العسكرى والاقتصادي، فيما بدا أن العراق يتحفظ على طلبات إيرانية بتعزيز التعاون الأمني على الحدود المشتركة، مع التوجه نحو تعطيل قانون الحشد الشعبى انتظارا لمعرفة ماذا سيحدث بشأن نزع حزب الله في لبنان.

لكن ما يجب الانتباه إليه، أن التغييرات الجارية في مواقع وانتشار القوات الأمريكية تأتى بشكل وبطريقة محسوبة لإعادة توزيع دقيقة تتماشى مع خريطة المخاطر الأمنية المستجدة في العراق ومحيطه، وتأتى فى ظل أهداف الولايات المتحدة نحو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع عودة النفوذ الأمريكى والاتجاه نحو تقليص النفوذ الصينى والروسى.


صحيح، التحركات الأمريكية تجرى في إطار الاتفاق الأمني الموقع مع حكومة محمد شياع السوداني في سبتمبر  2024، والذي ينص على انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية حتى نهاية عام 2026، لكن الانسحاب في هذا الظروف يُنذر بعدة سيناريوهات مُحتملة، خاصة لو تم استثمارها لصالح قوى النفوذ، منها، إمكانية تنامي نشاط الجماعات الإرهاببة مع وجود آلاف المعتقلين وأسر عناصر التنظيم في السجون والمخيمات وفى المناطق النائية، نعم القوات العراقية طورت خبراتها في مواجهة الإرهاب، وأصبحت أقوى مما كانت عليه فى السابق، لكن غياب الدعم للوجستي والاستخباراتي والتقني الأمريكي قد يشكل تحدياً كبيراً.


فضلا عن أن من المحتمل تجدد الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وتوسع دائرة المواجهة، ما يُعرض العراق لضربات إسرائيلية مباشرة، قد تطال القصف على مواقع الحشد والجماعات المحسوبة على طهران، غير أن الانسحاب الأمريكي قد يُزيد تنامي النفوذ التركي في العراق على حساب تراجع النفوذ الإيراني في تحدي جديد صارخ للسيادة العراقية.

وما يجب وضعه عين الاعتبار أيضا، هو أن الاتفاق الأمني الإيراني العراقى، قد يكون ورقة جديدة في لعبة النفوذ الإقليمي، فبالنسبة لإيران، هو خطوة لتعزيز عمقها الاستراتيجي؛ وبالنسبة للولايات المتحدة، تهديد مباشر للنفوذ الغربي في العراق؛ أما بالنسبة لبغداد، فهو اختبار حقيقي لمدى قدرتها على التوفيق بين الضغوط الخارجية وحماية سيادتها الداخلية.


وبالتالي، فإن فشل المفاوضات والمطلب الأمريكي الساعي إلى حل "الحشد الشعبى" سيبقى نقطة صراع مستمر، خصوصا مع التعند والتحدي الإيراني، فطهران تعتبر الحشد جزءا من "حلقات النار" التي تحيط بها دفاعياً ضد إسرائيل وأمريكا في حال توسع نطاق الحرب.
وهنا، ندق ناقوس خطر، إذا لم يحدث اتفاق سياسي داخلي وتوحد وإعادة ترتيب البيت العراقى، قد تنطلق شرارة نزاع داخلي يدفع بتدخل خارجي مباشر، خاصة أنه بعد 7 من أكتوبر 2023، وحرب غزة، فإن الخطاب الأمريكي والإسرائيلي، يعمل هلى إزالة الفواعل المسلحة في المنطقة، وتفتيت المحاور الداعمة للمقاومة، ومحاسبة من شارك في 7 أكتوبر، في ظل الوصول إلى شرق أوسط خالِ من النفوذ الإيراني، وبالتالي: العراق جزء من هذه الخارطة وسيكون ساحة ضغط لتحجيم أي نفوذ مسلح خارج الدولة.

إذن، المشهد في العراق يعكس اختلال ميزان النفوذ بين واشنطن وطهران داخل العراق، فبينما تضغط الولايات المتحدة لعرقلة تشريع قانون يمنح الحشد الشعبي صلاحيات إضافية، تجد إيران صعوبة في تحريك الحكومة العراقية بالاتجاه الذي ترغب به، الأمر الذي يعزز فرضية اعتمادها المتزايد على الفصائل المسلحة في أي مواجهة مقبلة، وبالتالي العراق يقف أمام اختبار جديد لسيادته وسط تناقضات معقدة..




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب