نيتشه بين الحياة والرحيل.. كيف كانت مسيرته ونهايته؟

عاش الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه حياة مليئة بالتحديات الصحية والأدبية، حيث تخلّى عن وظيفته كأستاذ في جامعة بازل عام 1879 بسبب الأمراض المزمنة، وانتقل للعيش في أماكن متفرقة بأوروبا بحثًا عن الراحة والصحة، قبل أن يصاب بانكسار عقلي في أواخر عام 1889.

تفرّغ خلال هذه الفترة لكتابة أعماله الفلسفية الرئيسية مثل "هكذا تكلم زرادشت"، لكنه لم يحظ بشهرة واسعة في حياته. قضى سنواته الأخيرة في رعاية والدته وشقيقته بعد انهياره العقلي، وتوفي في 25 أغسطس 1900.

بدأ نيتشه حياته المهنية كأستاذ في اللغة اللاتينية والفلسفة في جامعة بازل بسويسرا عام 1869، لكنه استقال عام 1879 بسبب أمراضه، وأمضى العقد التالي في التنقل بين أماكن مختلفة مثل فرنسا وإيطاليا وسويسرا، بحثًا عن ظروف مناخية صحية تخفف من معاناته الصحية المستمرة مثل صداع شديد ودوار.

في 3 يناير 1889، أصيب الفيلسوف فريدريك نيتشه بانهيار عصبي في تورينو بعد حادثة شهيرة يُقال إنه احتضن خلالها حصانًا يتعرض للجلد، السبب الدقيق لانهياره غير مؤكد، لكن بعض الباحثين رجّحوا إصابته بمرض الزهري، خلال أيامه الأولى بعد الانهيار، أرسل نيتشه رسائل غريبة عُرفت باسم "رسائل الجنون" إلى أصدقائه، موقّعة أحيانًا باسم "ديونيسوس" أو "المصلوب"، مما دفعهم لإدخاله إلى مستشفى للأمراض النفسية.

نُقل نيتشه لاحقًا إلى رعاية والدته في ناومبورغ عام 1890، بعد فشل محاولات العلاج، في تلك الفترة بدأ أصدقاؤه بنشر بعض أعماله مثل "نيتشه ضد فاغنر"، فيما تأجل نشر كتبه الأكثر راديكالية، المفارقة أن هذه الأزمة كانت بداية الاهتمام الواسع بفكره وأعماله.

في البداية شُخِّص انهيار نيتشه بأنه نتيجة تفاقم مرض الزهري، وهو ما كان الرأي الطبي السائد آنذاك، فيما رأى بعض المفكرين مثل جورج باطاي ورينيه جيرار أن أسباب الانهيار قد ترتبط بصراعاته الفكرية وشخصية، خاصة مع ريتشارد فاغنر. لاحقًا ظهرت تفسيرات أخرى مثل الاضطراب ثنائي القطب والذهان والخرف الوعائي.

بين عامي 1898 و1899، أصيب نيتشه بسكتات دماغية أدت إلى شلل جزئي وفقدان القدرة على الكلام والمشي، ثم خزل نصفي. وفي أغسطس 1900، أصيب بالتهاب رئوي أعقبه نزيف دماغي حاد، فتوفي في 25 أغسطس ودُفن بجوار والده في لوتزن، وألقى صديقه بيتر غاست كلمة التأبين معلنًا: "سيكون اسمك مقدسًا للأجيال القادمة."