من "المعجزة" إلى "أرض لا تنبت الزهور".. محمود دياب إرث مسرحى لا يُنسى

الإثنين، 25 أغسطس 2025 03:00 م
من "المعجزة" إلى "أرض لا تنبت الزهور".. محمود دياب إرث مسرحى لا يُنسى محمود دياب

كتب ـ محمد عبد الرحمن

تمر اليوم الذكرى الـ 93 ميلاد الكاتب المسرحي والأديب الكبير محمود دياب، الذي وُلد في 25 أغسطس عام 1932، ويُعد واحدًا من أبرز رموز الأدب والمسرح المصري والعربي في ستينيات القرن الماضي. عُرف دياب بموهبته الفريدة في صياغة النصوص المسرحية والقصصية، واستطاع أن يترك بصمة واضحة في المشهد الثقافي المصري بما قدمه من أعمال تحمل رؤى إنسانية واجتماعية عميقة.

بدأ مشواره الأدبي عام 1960 بقصة قصيرة بعنوان "المعجزة"، التي لاقت نجاحًا كبيرًا وحصدت جائزة مؤسسة المسرح والموسيقى. ثم توالت أعماله الإبداعية، فقدم مجموعة من القصص القصيرة منها "خطاب من قبلي"، والتي حصل بها على جائزة نادي القصة عام 1961، ما أكد مكانته ككاتب موهوب وصاعد بقوة.

لم يقتصر إبداع دياب على القصة القصيرة فقط، بل تميز في كتابة المسرحيات التي عالجت قضايا المجتمع المصري والعربي بعمق وبساطة، ليصبح أحد أهم الأسماء التي أثرت الحركة المسرحية في عصرها، واستمرت أعماله إلى اليوم مصدر إلهام للقراء وصناع المسرح.

من أبرز أعمال محمود دياب المسرحية: "البيت القديم"، "الزوبعة"، "الغريب"، "الضيوف والبيانو"، "ليالي الحصاد"، "الهلافيت"، "باب الفتوح"، "أهل الكهف 74"، "الرجل الطيب في ثلاث حكايات" تشمل "رجال لهم رؤوس" و"الغرباء لا يشربون القهوة" و"اضبطوا الساعات"، "دنيا البيانولا" الغنائية، و"أرض لا تنبت الزهور".
أعماله المسرحية الهامة:

"البيت القديم" (1963)

كانت أول أعماله المسرحية وحازت على جائزة المجمع اللغوي المصري وتم تقديمها في مصر والسودان وسوريا والعراق، تدور أحداث المسرحية حول أحمد المهندس، الشاب المنحدر من أسرة فقيرة تقيم في حي شعبي، والذي يقع في حب ميرفت، الفتاة الغنية الأرستقراطية. سعيًا للارتقاء بمستواه الاجتماعي، يقنع أحمد أسرته بالانتقال إلى حي أرقى، ويخطب ميرفت، ليكتشف لاحقًا أنها فتاة سطحية بلهاء، مجرد دمية في يد والدتها. ومع تسلسل الأحداث، يوقن أحمد أنه ارتكب خطأً كبيرًا، وتُترك النهاية مفتوحة، لكنها توحي بعودة الأسرة إلى بيتها القديم.

" الغرباء لا يشربون القهوة " (1966)

تدور أحداثها حول هوية المواطن التي يتم سلبها من الغرباء، حيث تقدم قالبا من الكوميديا السوداء حول رجل في مواجهة مجموعة من الغرباء يحلون عليه ضيوفا في بيته ويسعون للاستيلاء عليه وعلي هويته ويدخل معهم في صراع من أجل الحفاظ علي حقه. وأوضح متولي أن المسرحية تناقش قضية الحرية بشكل تراجيدي بحت.

"ليالي الحصاد" (1968)

من مسرحياته المهمة، تدور المسرحية حول شخصية "البكري"، الرجل الذي تبنّى فتاة تُدعى "صنيورة" ورباها منذ صغرها، حتى أصبحت محور حياته، لا يستطيع العيش من دونها. ورغم قسوة البكري وهيبته بين أهالي القرية، الذين يكنّون له الاحترام لأنه مداويهم حتى بطرق صعبة كالكي، فإن حياته المنعزلة مع صنيورة تثير الأحاديث والهمسات بين الناس، أحداث المسرحية تجري في ليلة صيفية واحدة، على طريقة الليالي السامرية في القرية، حيث يتكشف موقف كل شخصية تجاه صنيورة، رجالًا ونساءً، بين الإعجاب والعشق والغيرة والرفض. ومع موافقة البكري على تزويجها لطالبيها واحدًا تلو الآخر، ورفضهم لها تباعًا، لا تنكشف فقط حكاية صنيورة، بل تنفضح النوايا الخفية للشخصيات الأخرى، في مواجهة تعكس الصراع بين الخضوع والتمرد، وبين الرفض والانتصار.

"الهلافيت" (1970)

مسرحية أخرى من أعماله المبكرة، تدور أحداثها حول مجموعة من الفلاحين الفقراء في قرية ريفية يواجهون الظلم والاستغلال من قبل أعيان القرية ويتخذون قراراتهم ليطالبوا بحقوقهم ويستعيدوا إنسانيتهم وهوياتهم الضائعة. تميزت المسرحية بطرحها لقضايا اجتماعية هامة وقدرتها على التعبير عن الصراع الطبقي ونضال الإنسان ضد القهر والاستغلال.

"باب الفتوح" (1970)

من أبرز مسرحياته، تُعرف بأنها من الأعمال الهامة في المسرح العربي، يمزج الكاتب فيها بين التاريخ والحاضر ليعيد طرح قضايا الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وقد تم عرضها في مصر والمسرح الحديث، تتناول المسرحية قضايا وطموحات الشباب المعاصر، حيث يكلف بطلها، الفارس أسامة بن منصور، بإيصال مطالبهم إلى القائد صلاح الدين الأيوبي، مثل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، تُعتبر المسرحية من الأعمال المسرحية العربية الهامة التي تدعو إلى الثورة والتمسك بالمبادئ.

"دنيا البيانولا" (1974)

مسرحية غنائية قدمها على مسرح البالون، في قالب موسيقي غنائي، تدور المسرحية حول بيت قديم يُعرض للبيع ويتحول فيما بعد إلى متاجر، حيث يتناول فكرة التفريط في أي شيء مهما كانت قيمته وتاريخه مقابل المال.

"أرض لا تنبت الزهور" (1979)

من أعماله المسرحية البارزة، تتكون المسرحية، الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، من فصول ثلاثة، تبدأ بزبداى (العاشق الأول) ينتظر الملكة ليخبرها بأن جذيمة جاهز للعرس الدامى، وتنتهى بالملكة منتحرة بالسم تحت قدمى (العاشق الأخير). التزم دياب بإكراهات الحادثة التاريخية وموجباتها؛ فلم يغير فى إطار الحكاية شيئا، لكنه استثمر موجهات الفن المسرحى وقدراته فتلاعب بالتفاصيل الدقيقة للشخصيات وتطور بنائها الدرامى، وظهور ذلك فى حواراتها ومصائرها؛ فجرد الزباء من جمال الروح بفعل تسلط روح الانتقام؛ لذلك رفضت عاشقها وكبير جندها، وقبلت خدعة قصير وهى تعرف أنها صائرة إلى حتفها؛ لأنها رأت أن وجودها يتعس قومها، وجعل حوارها مع عمرو محاولة يائسة لإنقاذ امرأة سمت نفسها إلهة الانتقام، من شاعر حالم بالزهور، لكن الزباء تحسم الأمر، وتقتل نفسها رافضة كل الحلول، صدق محمود نسيم: «وهكذا نسج دياب فى الذاكرة الأدبية نصه الأخير وعلامته الباقية ليذوى جسمه مستوحدًا فى حجرة مغلقة».




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة