خالد عزب

إيران .. إسرائيل .. الصراع على المستقبل

الأحد، 15 يونيو 2025 09:17 ص


قد يكون الصراع الإيراني الإسرائيلي حربًا في المنظور الراهن، لكنها حرب تحمل في باطنها الكثير من الدلالات والمعاني. هذه الدلالات تصب في خانة من له القوة العليا في المنطقة، فإيران الطامحة إلى الاعتراف بها كقوة إقليمية ذات حضور في السياسة الإقليمية، تواجه إسرائيل التي تمثل رأس الحربة للولايات المتحدة، فالأخيرة تأمل في استمرار الشرق الأوسط تحت ضغوط السياسات والمصالح الأمريكية.

لكن على إيران أن تدرك أنها، حين ساهمت في تحطيم قوة العراق، حطمت خط الدفاع الأول عنها في مواجهة إسرائيل، وبالتالي صارت هي في المواجهة. كانت حرب إيران والعراق في الثمانينيات من القرن العشرين حربًا استنزفت العراق وإيران لصالح إسرائيل، لذا على إيران أن تدرك أن إعادة بناء العراق اقتصاديًا وعسكريًا هي في مصلحة العراق أولًا، وإيران ثانيًا، والعرب ثالثًا. فإذا أرادت إيران أن تقوي جبهتها في مواجهة الغرب وإسرائيل، فعليها أن ترفع يدها عن العراق.

على الجانب الآخر، فإن الصواريخ الإيرانية التي طالت كافة أراضي فلسطين المحتلة جاءت كرسالة واضحة لإسرائيل، بأن الأسلحة الجديدة والطائرات المسيّرة تشكّل بُعدًا هجوميًا يخترق كل قواعد الدفاع الإسرائيلية ويهدد الداخل بصورة غير مسبوقة. بالرغم من غطرسة القوة الإسرائيلية، فإن مشهدين غيّرا مفهوم "القوة الخارقة" لإسرائيل:

الأول في 7 أكتوبر، حين نجحت حماس في إسقاط الهيبة العسكرية لإسرائيل، وهو ما مثّل مفاجأة مذهلة هزت كيانها، وجعلها كالأسد الجريح الذي ينتقم بكامل قوته ممن تجرأ على إسقاط هيبته بأسلحة خفيفة.

والمشهد الثاني يتمثل في استطاعة الصواريخ تهديد كافة الأراضي الإسرائيلية، فإسرائيل دولة ليس لها عمق جغرافي، لذا فإن هزيمتها ممكنة مستقبلًا، فهي، بالرغم من قوتها الاستخباراتية وتقنيات الدفاع لديها، إلا أن هذا لا يحمي الداخل الإسرائيلي.

إن الطموح الإيراني في التصنيع العسكري، ومن ثم تصدير السلاح الإيراني، يمثّل أكبر مكسب حققته إيران من هذه الحرب، ومن قبلها حرب أوكرانيا. كما أن إيران تطمح إلى اكتساب دور على الصعيد الإقليمي في ظل تقليص نفوذها في المنطقة. فالحرب الحالية هي حرب وجود بالنسبة لإيران، لذا ستقاتل فيها بكل ضراوة.

في المقابل، صارت الجبهة الداخلية في إسرائيل مهددة لأول مرة منذ حرب 1948، وفي حال طال أمد هذه الحرب، فقد ينشأ داخل إسرائيل تصدّع في الجبهة الداخلية، وهو ما قد يؤدي، حتى في حالة هزيمة إيران، إلى هزيمة استراتيجية ونفسية لإسرائيل، وهذا ما لا يتمناه المحللون في إسرائيل. فالخسائر الاقتصادية والبشرية، وسقوط هيبة القوة العسكرية لإسرائيل، سيمثّل كارثة على تماسكها مستقبلًا.

على الجانب الآخر، على إيران أن تدرك أهمية محيطها الجغرافي، فقد نجحت في إعادة العلاقات مع السعودية ودول الخليج، مما شكّل جبهة ضد الحرب الإسرائيلية على إيران. وقد أحسنت مصر بعودة علاقاتها واتصالاتها مع إيران، فإضعاف إسرائيل يصب في مصلحة مصر.

كما أن الأجيال الجديدة في إيران صارت تؤمن بإيران الحديثة المعاصرة القوية، حتى لو كانت هذه الأجيال ضد نظام الحكم. لذا، فإن رؤية الغرب ومعه إسرائيل أن هذه الحرب ستضعف النظام الإيراني وأنه سيسقط، تُغفِل الدرس الذي تلقّاه صدام حسين حين ظن أن إيران بعد الثورة الإسلامية باتت ضعيفة ومنقسمة، فكانت الحرب الإيرانية العراقية سببًا في التفاف الشعب الإيراني حول النظام الحاكم. هنا استدعت إيران روح التاريخ والخطابات حول عظمة إيران لتحفيز دورها.

إيران دولة ليست هينة، وبالتالي فإن الحسابات معها يجب أن تكون دقيقة. وبهذا يمكن تفسير مدى قدرة إيران على تلقي الهجمات وتحملها، ومن ثم الرد، وهو أيضًا عامل غائب عن المحللين الغربيين.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب