أكرم القصاص

المسؤولية السياسية والموقف العربى فى مواجهة تحديات خطرة

الخميس، 13 فبراير 2025 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو بالفعل أن التحديات التى تواجهها المنطقة العربية هى نتاج تفاعلات وتحولات تكونت على مدى شهور الحرب، انتهت إلى إعلان مخططات أمريكية وإسرائيلية تفتقد للمنطق وتعتبر جرائم حرب، وكل هذا يجعل هناك أهمية لأن تتحمل الأطراف المختلفة المسؤولية  فى التعامل بسياسة ومسؤولية، وتتخلى عن عمليات استعراضية وتصرفات فى الواقع تؤثر بالسلب على المواقف العربية وتبدو خالية من المسؤولية، وإذا كان هناك من يطالب الدول العربية باتخاذ مواقف حاسمة فى مواجهة التهديدات أو المخططات المطروحة للتهجير أو التصفية، فإن على الأطراف المنسوبة للمقاومة أن تستوعب التحولات الضخمة التى تشهدها المنطقة منذ ما بعد 7 أكتوبر.


ومن ميزات هذه المواجهة أنها أظهرت مواقف الدول العربية الفاعلة، فقد اتخذت مصر والدول العربية مواقف حاسمة بما يستلزم شعورا بالمسؤولية التى تدعم موقفا عربيا واضحا ضد التهجير.


والمقابل تفتقد بعض أطراف المقاومة للمسؤولية فى التعامل مع التحديات وبدت أحيانا جزءا من الارتباك وإضعاف الجبهات بالفعل باستمرار الصراع والتصادم بين الفصائل وتفضيل المصالح الخاصة على القضية الرئيسية.


على مدى شهور الحرب على غزة، كانت الميزة المهمة هى أن القضية الفلسطينية أصبحت فى الواجهة بعد أن تراجعت لأسباب الصراعات الداخلية والانفصال، وارتفعت المطالبات بأن تسعى الفصائل الفلسطينية إلى التقارب والتوحد فى مواجهة تحديات وتحولات خطرة، لكن بقيت الصراعات تفرض نفسها أكثر من السعى للوحدة، والاستمرار مع سلوكيات سياسية تتجاهل التحولات الكبرى التى أنتجها طوفان الأقصى، وتفضيل التباهى بانتصارات وهمية وتجاهل عملية تقييم للنتائج، وقد صدرت بعض التصريحات من قبل بعض فصائل المقاومة بأن عملية طوفان الأقصى لم تدرس جيدا، أو أنها تضمنت حسابات غير صحيحة لم تراع التوقيت أو النتائج.


بل إن الأخطاء استمرّت أحيانا بعد وقف إطلاق النار فى الإصرار على استطلاع قوة لم تستعمل فى مواجهة العدوان، وتتجاهل حجم الخسائر وأعداد الضحايا، خاصة من الأطفال، بجانب أن الظهور فى استعراضات بالسلاح والسيارات منح الأطراف المتطرفة ومنهم ترامب ونتنياهو الحديث عن استمرار التهديد والحديث عن تهجير لمن ترى أنهم يهددون السلام بما يغذى مزاعم الاحتلال حول التعرض للتهديد، بل إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، استغل الاستعراضات فى تبرير  المطالبة بالتهجير، وهو ما يضاعف من التأكيد بأن المتطرفين فى كل المعسكرات هم من يغذون تجارة الحرب والصراع.


من بين النقاط اللافتة فى مضاعفة التوتر، هى استعراضات أخرى للقوى الإقليمية التى ظهرت فى بداية الأحداث وواجهت هجمات ومواجهات إقليمية وانتهت إلى نتائج خطرة أضعفت جبهات حزب الله وإيران، بل وانتهت إلى فتح المجال لاحتلال أراض سورية من قبل الاحتلال الإسرائيلى، بعد اختراقات واغتيالات لقيادات الصف الأول والثانى فى حزب الله، وتنفيذ اغتيال إسماعيل هنية رئيس حركة حماس الأسبق، فى إيران، وتنفيذ اغتيالات داخل غزة لقيادات الصف الأول والثانى وعلى رأسهم يحيى السنوار ومحمد الضيف وآخرون من القيادات العسكرية والسياسية، التى تدخل ضمن خسائر المواجهة غير المسبوقة.


الشاهد هو أن التحديات التى فرضتها تداعيات طوفان الأقصى، على مستوى الدمار الشامل والإبادة التى اتبعها الاحتلال، متخذا من هجمات 7 أكتوبر ذريعة لشن حرب إبادة، والسعى لجعل غزة مكانا غير صالح للحياة، وواجه سكان غزة حربا إجرامية من دون أن يمتلكوا أى غطاء أو سلاح غير أجسادهم، وفى النهاية كان البطل هم المواطنون العاديون الذين واجهوا الموت من دون امتلاك أى أدوات حماية، وبعضهم تم تهجيرهم مرات بين الشمال والجنوب، وهؤلاء هم من يقاوم مخططات التهجير والتمسك بالأرض حتى لو من دون سقف، بل إنهم عادوا إلى ركام بيوتهم ، دافعين ثمن مناورات تجار الحرب فى كل الجبهات.


وبعد 15 شهرا على بدء الحرب على غزة، كانت الغاية الأهم هى وقف الحرب، وبمعنى آخر وقف العدوان، لأنها كانت حربا غير متكافئة من حيث الإمكانات والدعم الذى حصل عليه الاحتلال من الولايات المتحدة وبعض الحلفاء، بينما ظلت المواجهة من الطرف الآخر تتركز فى الاستعراض وتضخيم المكاسب والتقليل من حجم المأساة التى واجهها الضحايا من الأطفال والمدنيين، فى المقابل كان الاحتلال مع كل الجرائم التى ارتكبها يقدم نفسه باعتباره هو الطرف الذى يتعرض للعدوان، وهى مفارقة رصدناها بالفعل حيث يقدم المعتدى مظلومية بينما يرتكب مجازر، فى مقابل معتدى عليه يتباهى بانتصارات، وهو فرق واضح فى طريقة تسويق السياسة، وإن كانت الاعتداءات الإسرائيلية وحرب الإبادة كانت أوضح من أن يتم إخفاؤها فى ثوب المظلومية.


لكن مع هذا فإن هذه الفروق فى التسويق بين معتد يقتل ويبكى وضحية يتباهى بانتصارات، وهو مايفرض إدراكا لما يجرى وتفهما للملفات والتحولات الكبرى فى المنطقة، ومن جهة الدول العربية فإنها تمتلك أوراقا مهمة يمكنها توظيفها للدفاع عن أمنها القومى ، فإنها أيضا تحتاج إلى تفهم وعمل سياسى جاد بالتعامل مع مسارات متعددة، يهددها التفرق والصراع، وتقويها الوحدة والعمل المشترك.


اليوم السابع

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة