الحديث عن التحديات والأخطار التي تهدد الإقليم بات معلوما للجميع، في ظل تعدد بؤر الصراع والأزمات في المنطقة العربية وتعدد الصراعات في أفريقيا وتفاقم الأزمات عالميا، والأخطر تنامى تنافس القوى الكبرى على مٌقدرات المنطقة من خلال الاستثمار في صراعات وأزمات الشرق الأوسط من أجل تحقيق مكاسب أو مصالح حتى ولو على حساب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والمبادئ الأخلاقية، وهو ما اتضح جليا في تعاطى المجتمع الدولى ومنظماته مع العديد من الأزمات، ومنها الحرب على غزة وما يحدث في السودان وليبيا واليمن، وكذلك تعاطى الجميع مع نتنياهو الذى يعد مُجرم حرب بحكم من المحكمة الجنائية الدولية.
وهنا الكل ينظر إلى مصر باعتبارها ركيزة الاستقرار، والقوة الإقليمية التي تتمتع بالتاريخ والحضارة، وتمثل مركز ثقل سياسى واستراتيجى في المنطقة، بل أنها أصبحت قوة للاتزان الاستراتيجي، وهذا لن يحدث من فراغ ولا محل صدفة، وإنما بفضل رشد قياداتها وحكمة مسئوليها ونزاهة سياستها الخارجية رغم الضغوط التي تمارس ضدها والأزمات التي تحاك ضدها، لتصبح وسط حزام من النيران، لكنها بفضل شعبها الحكيم، واصطفافه الوطنى، وصلابة جبهتها الداخلية قادرة على الصمود وقادرة على تحقيق الردع الاستراتيجي وفرض ما تريد..
نعم، لم يحدث هذا من فراغ ولا من خلال شعارات جوفاء وعبارات رنانة، وإنما وفق تحركات كلها شرف ونزاهة وسياسية خارجية قادرة على تحقيق المصالح الوطنية عبر مبادئ الندية، وعدم التدخل في شئون الآخرين، واحترام السيادة، والتركيز على الاستقرار الإقليمي، مع بناء علاقات متوازنة مع القوى الدولية والإقليمية (الشرق الأوسط، أفريقيا، أوروبا) عبر اتباع نهج متزن ومنفتح بعيدًا عن الانزلاق في صراعات إقليمية، ودعم السلام والاستقرار، والمساهمة في حل الأزمات الإقليمية والدفع نحو الحلول السياسية المستدامة والحفاظ على علاقات متوازنة مع القوى الكبرى .
وأخيرا نقول، إذا كانت مصر نجحت وستنجح بفضل الله وبفضل تماسك شعبها ورشد قيادتها، إلا أن ما يحدث من غطرسة إسرائيلية على وجه الخصوص واستخفاف الكيان بالعالم كله، يتطلب تفعيل كل أوراق القوة، لكن في إطار عربي أشمل، وليس تحركاً فردياً، واتباع نهج سياسة مصر ودعمها ودعم مواقفها فمصر دائما بفعل قوة الزمن والتاريخ ومعطيات الأمر الواقع هى من تستطيع، لأن الخطر لا زال يهدد الأمن القومي العربي كله، في ظل تواصل اعتداء إسرائيل على الأراضي العربية في سوريا ولبنان واستمرار الحرب على غزة.. لذا على العرب أن ينتبهوا إلى، "إن لم يكونوا فاعلين فلم يتلفت أحد إليهم ولا إلى قضاياهم.. !!!"