في مشهد لا يخلو من الإثارة والتشويق، استيقظت منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة على واحدة من أكثر وقائع السرقة غرابة، بعدما اكتشف صاحب محل للمشغولات الذهبية أن محله تحوّل، في ساعات الليل، إلى ما يشبه مغارة علي بابا، اختفت منها كميات كبيرة من المجوهرات دون أن يلحظ أحد شيئًا.
البداية كانت ببلاغ تلقاه قسم شرطة الدرب الأحمر من مالك محل مشغولات ذهبية كائن بدائرة القسم، أفاد فيه باكتشافه سرقة كمية كبيرة من المشغولات من داخل المحل، في واقعة أثارت الذهول نظرًا لعدم وجود كسر بالأبواب أو النوافذ، وهو ما فتح باب التساؤلات أمام رجال الأمن حول الطريقة التي نُفذت بها الجريمة.
الداخلية تكشف تفاصيل سرقة محل مجوهرات الدرب الأحمر
على الفور، انتقلت الأجهزة الأمنية إلى محل البلاغ، وبدأت فرق البحث الجنائي في فحص مسرح الواقعة بدقة، وسط إجراءات أمنية مشددة، ومعاينة فنية كشفت عن مفاجأة غير متوقعة، بعدما تبين وجود كسر أعلى سطح المحل، وفتحة أعلى ماكينة الباب الجرار، استخدمها الجاني للدلوف إلى الداخل دون إثارة الانتباه.
طريقة التنفيذ أعادت إلى الأذهان مشاهد السينما، حيث بدا أن الجاني خطط لجريمته بعناية، مستغلًا ارتفاع السقف وبعده عن أعين المارة، لينفذ مهمته بهدوء، ويجمع كميات ضخمة من المشغولات الذهبية، قبل أن يختفي في ظلام الليل، تاركًا خلفه محلًا خاليًا إلا من علامات العبث أعلى السطح.
رجال المباحث بدأوا سباقًا مع الزمن، فتم تفريغ كاميرات المراقبة في محيط المكان، وفحص سجل المترددين على المنطقة، إلى جانب توسيع دائرة الاشتباه، خاصة أن طبيعة الجريمة تشير إلى أن مرتكبها على دراية بمداخل ومخارج المنطقة، ويملك خبرة سابقة في مثل هذا النوع من الوقائع.
ومع تكثيف التحريات، وتبادل المعلومات بين أجهزة الوزارة المعنية، نجحت فرق البحث في تضييق الخناق على أحد العناصر الإجرامية، وهو عاطل له معلومات جنائية، يقيم بدائرة قسم شرطة الدرب الأحمر، وعلى مقربة من محل المجوهرات محل الواقعة، ما عزز من فرضية تورطه في الجريمة.
الخيوط قادت رجال الأمن إلى خارج القاهرة، بعدما كشفت التحريات عن محاولة الجاني الهروب بعيدًا عن مسرح الجريمة، والاختباء لدى أحد أقاربه بمحافظة المنيا، في محاولة للإفلات من الملاحقة الأمنية، والاحتفاظ بالمسروقات لحين تهدئة الأوضاع.
وبعد تقنين الإجراءات، داهمت قوة أمنية مكان اختباء المتهم داخل مسكن نجل عمه بدائرة مركز شرطة بني مزار بالمنيا، وتمكنت من ضبطه، في عملية أمنية محكمة أنهت رحلة هروب قصيرة، لكنها كانت مليئة بالتفاصيل المثيرة.
وبمواجهة المتهم بالأدلة التي جمعتها أجهزة البحث الجنائي، أقر بارتكابه الواقعة على النحو الذي كشفت عنه التحريات، مشيرًا إلى أنه نفذ السرقة بعد كسر سقف المحل والتسلل من أعلى ماكينة الباب الجرار، واستولى على المشغولات الذهبية، قبل أن يهرب بها خارج القاهرة.
كما أرشد المتهم عن مكان إخفاء المسروقات، حيث جرى العثور عليها داخل حفرة في مسكن نجل عمه، وتم التحفظ عليها تمهيدًا لإعادتها إلى صاحبها، في خطوة لاقت ارتياحًا كبيرًا لدى المجني عليه، وأعادت التأكيد على سرعة تحرك الأجهزة الأمنية في التعامل مع مثل هذه الوقائع.
خبراء أمنيون يشيدون بجهود وزارة الداخلية في ضبط لص المجوهرات
وأشاد خبراء أمنيون بجهود وزارة الداخلية في تتبع الجاني وضبطه رغم محاولته الهروب، مؤكدين أن سرعة التحرك، ودقة التحريات، والتنسيق بين قطاعات الوزارة المختلفة، كانت عوامل حاسمة في كشف ملابسات الواقعة وإعادة المسروقات كاملة.
وقال اللواء عمرو الشرقاوي، الخبير الأمني، في تصريحات خاصة لليوم السابع، إن رجال البحث الجنائي بوزارة الداخلية يمتلكون خبرات تراكمية كبيرة في تتبع المتهمين، وتحليل أنماط الجرائم، وهو ما يسهم في سرعة ضبط الجناة، خاصة في الوقائع التي تعتمد على التخطيط والحيلة.
وأضاف الخبير الأمني أن مثل هذه الجرائم، رغم اعتمادها على أساليب غير تقليدية، لا تصمد طويلًا أمام التطور الكبير في أدوات البحث والتحري، وقدرة الأجهزة الأمنية على الربط بين المعلومات، وتتبع تحركات المتهمين داخل وخارج المحافظات.
عقوبات قانونية صارمة للمتهم بسرقة المجوهرات
ومن الناحية القانونية، يواجه المتهم اتهامات بالسرقة بالإكراه وكسر حرز، وهي من الجرائم التي شدد عليها قانون العقوبات، نظرًا لما تمثله من اعتداء على الأمن المجتمعي والممتلكات الخاصة، حيث تصل العقوبة إلى السجن المشدد وفقًا لظروف وملابسات الواقعة، ودور كل متهم فيها.
وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتهم، وأُحيل إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيق، فيما تواصل أجهزة الأمن جهودها لاستكمال فحص ملابسات الواقعة، وضبط أي متورطين آخرين محتملين، في إطار استراتيجية وزارة الداخلية الرامية إلى فرض الأمن وسيادة القانون.