اكتشف علماء الآثار في قبرص، أدلة جديدة على وجود ورشة عمل من العصر البرونزي في كيسونيرجا-سكاليا، وهو موقع ما قبل التاريخ شمال بافوس والذي يحافظ على أحد أغنى السجلات لحياة العصر البرونزي في قبرص، وفقا لما نشره موقع"greekreporter".
قال الباحثون إن أحدث الحفريات الأثرية كشفت عن مجمع صناعي كبير كان يُستخدم سابقًا للإنتاج والتدفئة ومعالجة المواد، ويقود المشروع الدكتورة ليندي كرو من معهد قبرص الأمريكي لأبحاث الآثار، وركز فريقها على طبقات تُظهر تطورًا مطردًا من أوائل الألفية الثالثة قبل الميلاد حتى هجر الموقع حوالي عام 1600 قبل الميلاد.
سجل الباحثون مراحل البناء ومناطق النشاط والحطام المنزلي التي توضح كيف قام المجتمع بتكييف منازله وأدواته وبنيته الأساسية مع توسعه.
نمو المستوطنات والتحول الكبير
تشكلت المستوطنة خلال مرحلة فيليا، عقب نشاط سابق في كيسونيرغا-موسفيليا المجاورة، وبحلول العصر البرونزي الأوسط ، تطور المجتمع ليصبح مركزًا إقليميًا هامًا. تكشف الحفريات أنه حوالي عام 1750 قبل الميلاد، بدأ سكانها مشروع بناء ضخمًا أعاد تشكيل المنحدر الشمالي للموقع.
اكتشف علماء الآثار أن هياكل سكنية سابقة فُككت وأُعيد استخدامها لإنشاء شرفة اصطناعية تغطي حوالي 1200 متر مربع (12900 قدم مربع).
أصبحت هذه المنصة الهندسية أساسًا لمجمع معماري كبير يتألف من جدران سميكة، وغرف مسقوفة، وساحات مفتوحة بأرضيات من الطين الصلب أو الجبس.
وقال الباحثون إن حجم وتنظيم المجمع يعكسان تحولات أوسع نطاقا في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث توسعت الشبكات البحرية، وأصبح إنتاج الحرف المتخصصة أكثر شيوعا.
تشير الأدلة إلى وجود ورشة عمل صناعية
لم يُعثر داخل المجمع على أي شيء يوحي بوجود حياة منزلية. بل تُظهر المنشآت المرتبطة بالتدفئة والطحن والتخزين ومعالجة المواد أن هذه كانت منطقة صناعية، أي ورشة عمل من العصر البرونزي في قبرص تعمل على نطاق واسع. ويشير التصميم والمعدات إلى إنتاج مُخطط له، وليس إلى نشاط منزلي.
لم يُؤسَّس المجمع إلا لفترة وجيزة، هُجِرت المستوطنة في أوائل العصر القبرصي المتأخر، تاركةً مرحلتها الأخيرة مغلقةً ومحفوظةً بشكلٍ استثنائي، يعتبر الباحثون هذه لمحةً سليمةً بشكلٍ غير عاديٍّ عن عمليةٍ صناعيةٍ قصيرة الأمد.
تكشف دراسة الفناء عن تركيبات التدفئة الرئيسية
ركزت أعمال هذا الموسم على كيفية استغلال المناطق المفتوحة في المجمع، وخاصة الفناء الذي تم العثور فيه في وقت سابق على فرن مقبب يبلغ قطره حوالي 1.5 متر (حوالي 5 أقدام).
وأظهرت الحفريات الجديدة أن الفناء يتمتع بتصميم على شكل حرف G، وفي الطرف القصير من هذه المساحة، اكتشف علماء الآثار أحد أهم الاكتشافات لهذا الموسم: منشأة تدفئة مفتوحة أكبر بكثير.
فرن صناعي نادر بعرض أربعة أمتار
يبلغ عرض الهيكل المكشوف حديثًا حوالي أربعة أمتار (13 قدمًا). بُني على شكل تجويف مقعر مُحمّى بالنار، مُبطّن بالطين والجير. يُرجّح أن جدرانًا منخفضة من الطوب اللبن كانت تُحيط به، لكن يبدو أن التركيب ظلّ مكشوفًا.
في الداخل، عثرت الحفارات على أدوات حجرية، وشظايا من الجص أو الجير، وقطع فخارية، وعظام حيوانات. قد تمثل هذه المواد عمليات تنظيف أو مخلفات من الاستخدام النهائي للمنشأة.
كان المبنى قد توقف عن العمل عند وضع أرضية جديدة فوقه. يعود تاريخه إلى ما قبل الفرن المقبب الأصغر في الفناء نفسه، مما يجعله جزءًا من مرحلة صناعية سابقة.
بقايا الطعام تقدم أدلة على ممارسات العصر البرونزي
قدّم تحليل التربة معلوماتٍ غير متوقعة، فقد أسفرت عملية النخل الرطب عن حبوب قمح متفحمة وبقايا شجر التُربينث، مما يُشير إلى أن الأطعمة التي تحتوي على هذه المكونات كانت تُحضّر هنا أو تُحرق عن طريق الخطأ.
وقال الباحثون إن هذا الاكتشاف يقدم نظرة نادرة على العادات الطهوية داخل بيئة صناعية ويضيف بعدا إنسانيا لموقع يخضع لتغير تكنولوجي واقتصادي.

اكتشاف ورشة عمل من العصر البرونزى