في لحظة تحتفي فيها الشارقة بذاكرة تمتد 100 عام من العطاء المعرفي، تعود مكتبة الشارقة العامة لتؤكد مكانتها كإحدى العلامات المضيئة في مسيرة الثقافة الإماراتية، فمنذ أن بدأت عام 1925 وحتى احتفالها بالمئوية اليوم، ظل الكتاب رفيقا لصناعة الوعي ومركزا لتسليط الضوء على رؤية الإمارة للمستقبل.
في حوار تكشف إيمان بوشليبي مدير إدارة المكتبات العامة بالشارقة مع "اليوم السابع"، كيف تحولت المئوية إلى حركة ثقافية شاملة، وكيف تواصل المكتبات اليوم دورها في احتضان القراء والمبدعين، وتطوير خدماتها لتناسب كل جيل في زمن تتغير فيه أدوات المعرفة بسرعة غير مسبوقة.. إلى نص الحوار..
كيف تنظرون لدور المكتبات اليوم في ضوء المنافسة الرقمية؟
الهدف الأساسي هو تعزيز ثقافة القراءة وإن العودة للمهمة التعليمية بقيت محورًا ثابتًا في خطط المكتبات، كما أن تنويع مواقع الفعاليات أسهم في زيادة العضويات لأن اختيار أماكن مختلفة جذب جمهورًا جديدًا
إلى ماذا تشيرون عندما تتحدثون عن التوازن بين التقليدى والتقنى؟
التقليدي ليس شيئًا سلبيًا لأنه ما يصنع علاقة القارئ بالمكتبة، ولكننا نقدم خدمات حديثة تشمل التطبيقات الذكية والتجديد الإلكتروني وخدمة الرسائل وتطوير مهارات العاملين لمواكبة التغيرات التقنية.
كيف تتعاملون مع اختلاف الأجيال وتعدد طرق تلقي المعرفة؟
اختلاف الأجيال يفرض تنوعًا في مصادر المعرفة فهناك من يفضل الكتاب الورقي وآخر يميل إلى الإلكتروني، ودورنا هو توفير كل مصادر المعرفة من كتاب مطبوع وإلكتروني وفيلم وقصيدة وكتاب صوتي لأن جميعها تنقل المعرفة، وما نقوم به والذى يجب ان تقوم به الأسرة أيضًا هو أن يصبح حب الكتاب بالفطرة.
ما الخدمات المخصصة لفئات القراء المختلفة من ذوى الهمم على سبيل المثال؟
يتم توفير الكتب الصوتية للإعارة وأجهزة استماع مخصصة والكتب بالبريل والكتب ذات الخط الكبير كما تضم مكتبة الشارقة مكتبة متخصصة لذوي الإعاقة البصرية.
كيف ترون أهمية التعاون الدولي في قطاع المكتبات؟
التعاون الإقليمي والدولي ضروري لأن تبادل الخبرات يساعد في مواجهة التحديات وعضويات الشارقة في اتحادات دولية تفتح أبوابًا واسعة للتعلم والتشبيك.
كيف تدار منحة حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمى الخاصة باقتناء الكتب؟
منحة الأربعة ملايين ونصف تدار عبر لجنة اقتناء متخصصة تشكل سنويًا خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب وتضم خبراء الفهرسة والتزويد ويتم اختيار العناوين وفق حركة الإعارة داخل المكتبات وطلبات الجمهور واستكمال المجموعات إضافة إلى الطلبات الإلكترونية عبر الموقع أو رموز QR كما يتم التنسيق مسبقًا مع الناشرين لضمان توفير العناوين المطلوبة خاصة مع وجود أكثر من ألفي دار نشر.
كيف تنظرين إلى عام 2025 في مسيرة مكتبة الشارقة العامة؟
أن هذا العام يمثل محطة استثنائية في تاريخ الإمارة الثقافي لأنه عام الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس مكتبة الشارقة العامة التي بدأت عام 1925 كمكتبة خاصة بحاكم الشارقة آنذاك تحت مسمى المكتبة القاسمية وتحولت لاحقا إلى مكتبة عامة تنقلت عبر مواقع مختلفة حتى ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي بصورتها الحالية.
كيف تصفين التحولات التي رافقت المكتبة خلال عقودها الطويلة؟
المكتبة مرت بمراحل متتابعة تعكس النهوض التعليمي والثقافي في الدولة خصوصا في السنوات القريبة من قيام الاتحاد ما جعل الاهتمام بالمعرفة أحد أولويات المجتمع والدولة.
ما الذي جعل مئوية المكتبة حدثا مميزا يتجاوز الاحتفال التقليدى؟
المناسبة لم تكن زمنية فقط بل محطة لإبراز الدور المركزي للمكتبة في تشكيل المشهد الثقافي في الشارقة حيث أعيد افتتاح المكتبة في موقعها التاريخي داخل متحف الحصن بحضور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، كما تم الحفاظ على الكتب الأصلية وعرضها كما كانت منذ تأسيس المكتبة في خطوة لاقت تقديرًا كبيرًا.
حدثينا عن أبرز الفعاليات المصاحبة للمئوية؟
كان هناك تعاون مع الجامعة الأمريكية في الشارقة لعرض مسرحية الخنجر المرهون التي تجسد علاقة حاكم الشارقة بالكتاب منذ طفولته وهوعملًا ملهمًا يبرز أثر القراءة في صناعة القيادات، كما أن المئوية شهدت تعاونا واسعا مع مؤسسات الإمارة مثل مبادرة وهيئة الشارقة للمتاحف وهيئة الشارقة للتراث وهيئة الشارقة للكتاب إضافة إلى حضور مؤسسات دولية ومكتبات وطنية من فرنسا وإيطاليا ما يعكس حضور الشارقة عالميا.
كيف امتد برنامج المئوية على مدار العام؟
أن المئوية تحولت إلى برنامج متكامل شمل فعاليات في الشعر والكتابة والترجمة والفنون وثقافة الطفل بالتعاون مع المجلس الأعلى للأسرة وأكثر من 12 مؤسسة محلية وحرصت المكتبات على الوصول للجمهور عبر معارض خارجية في المراكز التجارية ومعارض لكتاب الشارقة ومعرض خاص بالشعر الشعبي الذي حظي بحضور لافت لأنه جزء أصيل من تراث الإمارة والدولة.
ما جديد مشاركتكم في معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام؟
الاحتفالات مستمرة من خلال منصة مكتبات الشارقة العامة داخل المعرض إضافة إلى برامج نادي الكتاب وكتاب تحت الضوء ووراء الكواليس إلى جانب استضافة كتاب عرب وإماراتيين.
لماذا تحظى الشارقة بمكانة خاصة كضيف شرف في معارض دولية؟
الشارقة تمثل نظاما بيئيا ثقافيا متكاملا يشمل الكاتب والناشر والمترجم والمكتبة والقارئ ما يجعل التجربة الثقافية فيها نموذجا عالميا وقد ازداد الاعتراف الدولي بها مع توسع مشاركات الإمارة الخارجية وتوقيع اتفاقيات مثل ضيف الشرف لمعرض وارسو.
ما أبرز التحديات التي تواجهكم فيما يتعلق بالكتب الإلكترونية؟
ضرورة توفير نسخ إلكترونية محمية وملائمة للاستخدام بعيدا عن صيغ PDF غير الآمنة وحماية حقوق المؤلف والناشر مسئولية مشتركة وأن الفجوة التقنية بين الناشر العربي والأجنبي ما زالت قائمة بسبب ضعف منظومة حماية المحتوى الإلكتروني عربيًا
كيف تقيمين حركة الأدب داخل مكتبات الشارقة؟
الأدب من أكثر الأقسام حراكا داخل المكتبات ومن الضرورى التجديد في الكتابات العربية لتواكب تطور الأدب العالمي وتشجع الكتاب الإماراتيين على التجديد في الأسلوب دون التخلي عن الهوية الثقافية، فدور المكتبات يتجاوز الحفظ إلى دعم حركة التأليف.
كيف تنظرين لتأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل النشر؟
الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا جديدا لحقوق النشر والملكية الفكرية، وملتقيات المكتبات في الشارقة تناقش دائما أهمية تطوير أدوات حماية موازية لتسارع التكنولوجيا شبيهة بما يحدث في صناعة الأدوية حيث توضع حلول قبل طرح المنتج.

إيمان بوشليبي مدير إدارة المكتبات العامة بالشارقة وأحمد منصور