حسنا فعل الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف ومعه عدد من الوزارات عندما تم إطلاق مبادرة صحح مفاهيمك، وهو ما كنا نحتاج إليه منذ ما يقرب من قرن من الزمان عندما تركنا السوس ينخر فى عقول أبنائنا حتى شابوا على أفكار ممسوخة تولى تغذيتهم بها الإخوان والسلفية بشقيها وبعض الصوفية الجانحة، والتى تبرأ منهم شيخ المشايخ الدكتور القصبى عندما أعلن أن الكتاب والسنة نهجنا وطريقتنا فمن خرج عنهما فليس منا، ولذلك كان لزاما أن نقف مع هذا الجيل لتوضيح أمور استطاع المارقون أن يخدعوا الناس بها بكلمات حق أرادوا بها باطل، ولم يلتفت إليهم كثير من الناس وذلك لفرط الثقة أو الغفلة أو اختفاء شغف البحث والتنقيب وفحص ما يُلقى للناس من زخرف القول غرورا وعلى هذا توغل فكر أبو الأعلى المودودى صاحب فكرة الحاكمية المغلوطة وبها كفّر كل حكام الأرض وتبعه بغير علم أو هدى المدعو سيد قطب ومن خلفه شقيقه المضلل محمد قطب ومن فتات فكرهم السام خرج محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة التى استحل به دماء المسلمين وجعلها سنة سيئة يرثها كل باغٍ لا يقبل خلافا فى الفكر أو الرؤى.
نعم كان لابد من وقفة نوضح فيها تلك المصطلحات الشائكة التى بموجبها استحل المارقون دماء الأمة وأموالها وخيرة شبابها، عندما أشاعوا فكرة التترس وهى فتوى قديمة لابن تيمية اجتزئت من سياقها فى العام الثامن الهجرى بإباحته التضحية بمن يستتر العدو بهم ويتخذهم دروعا بشرية (متاريس) فأفتى وقتها بجواز قتلهم للوصول إلى العدو الحقيقى ومصير هؤلاء إلى الله (حسب الفتوى وقتها) وبهذه الفتوى احتج المفجرون وسافكو الدماء بجواز قتل الشعب للوصول إلى الحاكم الذى اعتبروه ظالما وقتلوا الآلاف بدون فكر أو علم انتقاما من الحاكم الذى وقف فى طريق مشروعهم المدمر فكان لابد من تصحيح المفاهيم.
ثم جاءت حادثة مسجد الروضة الذى قتل فيه المئات فى يوم مبارك وعند العودة لما خلّفناه من إرث بالٍ اكتشفنا أن ذلك تطبيقا حرفيا لتفسير المدعو قطب الذى اعتبر كل مسجد لا يستجيب لإمامهم ومشروعهم مسجد ضرار ويحل هدمه وقتل من يرتاده بغير الشعور بذنب أو إثم مع أن الفكر القويم يؤكد أنه لا يوجد إلا مسجد ضرار واحد لإخبار القرآن الكريم الرسول به ومع هذا فقد أنذر الرسول من فيه قبل إحراقه ولم يصب أحد بسوء والغريب أنه على هذا الغرار صدرت عن المغيبين عدة كتب أو رسائل منها مثلا (حكم الصلاة فى مسجد الضرار).
وتساءلت حقيقة كيف تركنا كل هذا كل هذا الوقت دون التصدى له وأين كان علماء الأمة ومفكروها وكيف تركوا الأمور تصل لهذا الحد دون التصدى والتوضيح وتفنيد الأكاذيب مع أن الدور الرئيس للعلماء أن يبينوا للناس ولا يكتموا الحقيقة وأن ينفضوا عن هذا الدين زيف المغالين.
وبالطبع لم تكن واقعة الإساءة إلى ذكرى ميلاد وليدة يوم وليلة إنما هى نتاج فكرٍ تركناه لعقود طويلة ينتشر ويتوغل دون التصدى له فكريا وشرعيا وتفنيدا، فكان نتاج ذلك كارثيا فكل التحية لصاحب فكرة تصحيح المفاهيم ويدنا جميعا فى يده حتى ننقذ أولادنا وأمتنا.