احمد عبد الهادى

«عم شريف».. حين يعلّمنا البسطاء دروس الوطنية دون شعارات

الجمعة، 31 أكتوبر 2025 05:15 م


كثيرًا ما يتحدث البعض عمّا يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي من مواقف لا نعلم إن كانت حقيقية أم أن غرضها الأول هو تحقيق التريند وادعاء البطولة فقط، بينما يبقى ما وراءها مجهولًا، لكننا اليوم أمام مشهد بسيط وعظيم في معناه، بطله مواطن مصري عادي حقيقي يُدعى عم شريف، لم يكن مسؤولًا، ولا باحثًا عن تريند، ولا صاحب مصلحة ينتظر مقابلًا، بل رجل من عامة الشعب "مثلنا"، رصدته الكاميرات وهو يقوم بفعل صغير في حجمه، كبير في دلالته.

في أحد شوارع الجيزة، وبين الأعلام المعلقة استعدادًا لاستقبال ضيوف مصر في افتتاح المتحف المصري الكبير، لاحظ عم شريف أن علم إحدى الدول المشاركة قد سقط على الأرض بفعل الرياح، لم يتردد، لم ينتظر أحدًا، لم يتصل بمسؤول، بل تحرك على الفور، رفع العلم من الأرض، وأعاده إلى مكانه على العمود، كما لو كان يرفع قيمة الوطن نفسه.

وعندما سُئل عن السبب، قال ببساطة إنسان صادق: من غير اللائق أن تأتي الدولة صاحبة العلم أو تمر من هنا فتجد علمها ملقى على الأرض، فمن الطبيعي أن أرفعه، نحن نحترم الضيف، ونحن شعب متحضر.

كلمات خرجت من القلب، فهزّت قلوب المصريين جميعًا، لم يقوم باختيار كلماته أو تحدث عن الهيبة الوطنية أو البروتوكول الدبلوماسي، بل قال "عيب"، وهذه الكلمة البسيطة تلخص عمق الأخلاق المصرية القديمة، التي تسبق القانون، وتتفوق على أي لائحة أو تعليمات.

ما فعله عم شريف يختصر درسًا عميقًا في الوطنية: أن حب الوطن لا يُقاس بأشخاص بعينهم، بل في تفاصيل صغيرة، في تصرف بسيط، في لحظة صدق من مواطن يرى أن احترام الآخرين جزء من احترام بلده.

المشهد الذي التقطته الكاميرات ليس مجرد لقطة عابرة، بل هو رسالة لكل من يتعامل مع الوطن على أنه مسؤولية الحكومة وحدها، الوطن هو نحن، في سلوكنا، في نظافتنا، في احترامنا للضيف، في غيرتنا على صورته أمام العالم.

لقد رفع عم شريف العلم، لكنه في الحقيقة رفع معنوياتنا جميعًا، وأعاد التذكير بأن مصر بخير، ما دام فيها رجال يحملون قلبًا نقيًا وعقلًا راقيًا، يعرفون أن الشرف ليس كلمة تُقال، بل فعل يُرى.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب