يُعد عيد الشرطة المصري مناسبة وطنية عظيمة تُجسد أسمى معاني التضحية والفداء، وتُخلّد ذكرى رجال بواسل وضعوا أرواحهم على أكفهم دفاعًا عن كرامة الوطن واستقلاله، إنه اليوم الذي نستحضر فيه بكل فخر واعتزاز بطولات رجال الشرطة المصرية في 25 يناير 1952، عندما وقفوا بشجاعة وثبات في مواجهة قوات الاحتلال البريطاني في مدينة الإسماعيلية، مسطرين ملحمة بطولية ستظل خالدة في وجدان الوطن؛ فهم الحصن المنيع الذي يحمي مقدرات الوطن، وسياجه الذي يضمن الأمان والاستقرار، ويحمل هؤلاء الأبطال على عاتقهم مسؤوليات جسيمة تتمثل في حفظ الأمن وحماية الأرواح، ومكافحة الجريمة بكل صورها، والتصدي للإرهاب والتحديات الأمنية.
وتُبرز التضحيات اليومية لرجال الشرطة وأبطالها وبواسلها ما يتحلون به من شجاعة وإيمان عميق برسالتهم، فهم حاضرون في كل ميادين وربوع الوطن، ساهرون على أمنه وسلامته، مستعدون دائمًا لبذل أرواحهم في سبيله، وعيد الشرطة ليس مجرد احتفال بمؤسسة وطنية فقط، بل احتفاء بعلاقة متجذرة بين الشعب ورجال الأمن، وتتسم هذه العلاقة بالتكامل والاحترام المتبادل، حيث يدرك الشعب المصري أن استقراره ونهضته يعتمدان على جهود هؤلاء الأبطال الذين يواجهون الأخطار بصمود وإرادة لا تلين.
وتستهدف التربية بالمؤسسة الشرطية صناعة رجالًا شرفاء أقوياء، مرابطين على الحق ومدافعين عنه يكتسبوا مجموعة القيم النبيلة ما يجعل ممارساتهم بطولية بجدارة؛ فـللصبر مكانة رفيعة بين رجالها، وللولاء والانتماء قدسيتهم، ولحب الوطن وخدمة ترابه غاية سامية وشرف عظيم، وتُعد الشجاعة والبسالة هما صفتان تميزان هؤلاء الرجال، مما جعل العدو يشهد لهم ويقدم لهم التحية العسكرية الواجبة، وسجل التاريخ يشهد بوضوح على بطولات رجال الشرطة وتضحياتهم المتوالية، التي لا تنتهي، وتحمل في طياتها معاني الشرف والبطولة، كما إن إقبالهم على التضحية لنيل الشهادة يعكس عمق ولائهم وإخلاصهم لوطنهم، وتستمر هذه المؤسسة في كتابة فصول جديدة من المجد، لتكون مثالًا يحتذى به في الوطنية والتفاني مما يزرع في نفوس أبناء الشعب الإلهام والفخر.
لقد أبلت مؤسسة الشرطة المصرية بجوار المؤسسة العسكرية بلاءً حسنًا في مواجهة الإرهاب ومعاقله، مقدمةً تضحيات جسيمة على مر العقود وما زالت تواصل جهودها بلا كلل أو ملل، حيث تعمل بجد من أجل استقرار الوطن وتقدمه، بدون مزايدة أو مقايضة حول هذا الهدف السامي، ورغم شراسة الإرهاب وأدواته الفتاكة واستراتيجياته المتطورة والمتغيرة، فإن القوة المصبوغة بالإيمان، وحسن التدريب، والتسلح بالعلم من قبل المؤسسات الأمنية قد أثبتت فعالية كبيرة، وكانت لها الغلبة التي دحرت الإرهاب الغاشم، وكشفت مخططاته ومؤامراته المستمرة؛ حيث إن تضحيات رجال الشرطة وصمودهم يمثلان نموذجًا ملهمًا للعطاء الوطني، ويقويان من إرادة الشعب المصري في مواجهة التحديات.
وبما لا يدع مجالًا للشك، فقد وحدت الممارسات الشرطية المتميزة صف المجتمع المصري، الذي حاول أصحاب المآرب والأجندات النيل منه عبر بث الفرقة والتشكيك، وإحداث الفجوة بين المواطن ومؤسساته الوطنية، ولكن كانت اليقظة والجهد الأمني المتواصل على مدار الساعة من قبل العيون الساهرة المصرية لها الأثر الفاعل؛ إذ استطاعت هذه الجهود التصدي للمحاولات الفاشلة واليائسة، التي تستهدف دائمًا زعزعة الأمن والاستقرار المصري، لكنه بفضل جهود الشرطة المصرية وأجهزتها المتخصصة، تم دحر تلك المحاولات، حيث تقف المؤسسة الشرطية بالمرصاد لكل من يسعى لتهديد أمن الوطن واستقراره، ويعكس هذا الالتزام المبذول من قبل رجال الشرطة تفانيهم وإخلاصهم في خدمة الوطن، ويُؤكد من ثقة الشعب في مؤسساته الأمنية.
وقد استوعب الشعب المصري من تجارب الماضي وحاضره دروسًا لا تُنسى، مؤكداً أن الأمن والاستقرار هما الأساس الذي تُبنى عليه نهضة الأمم وتحقيق تطلعاتها في التنمية الشاملة والمستدامة؛ فلقد أصبح واضحًا أن التقدم والرخاء في أي مجتمع لا يمكن أن يتحققا دون توافر بيئة آمنة ومستقرة تحمي المكتسبات وتوفر الفرص لبناء مستقبل مشرق، وتظل الشرطة المصرية، بعيونها الساهرة وقلوبها العامرة بالوطنية، خط الدفاع الأول عن أمن واستقرار الوطن، ولم تكن مهمتها يومًا مجرد حفظ النظام، بل امتدت لتشمل تحقيق مصلحة الوطن العليا وصون مكتسباته فهي ركيزة رئيسية لتحقيق الأمن في ربوع البلاد، واضطلعت بدور فاعل في مواجهة التحديات والصعوبات، واضعة مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار، ولقد أظهر التاريخ أن علاقة الشرطة بالشعب في مصر علاقة وثيقة تتسم بالتكامل والتلاحم.
وفي اللحظات الحرجة، كان الشعب هو الداعم لمؤسسة الشرطة، مقدماً كل أشكال الدعم والمساندة اللازمة، سواء بالمواقف أو بالكلمة أو بالفعل، وفي المقابل أثبتت الشرطة أنها الحامية للشعب، تسهر على راحته وأمنه، وتعمل بكل تفان على مواجهة التحديات التي قد تمس استقرار البلاد، ويُعد من أهم ركائز تحقيق الأمن القومي المصري احتواء مؤسسة الشرطة للشعب، وتلاحم الشعب معها، ومع هذا التضافر تزداد قدرة الدولة على مواجهة التحديات وتحقيق أهدافها الكبرى في التنمية والرخاء فالأمن هو الأساس، والاستقرار هو الجسر الذي نعبر من خلاله نحو مستقبل أكثر إشراقًا وأمانًا، تحية تقدير وإجلال لكل من يعمل من أجل هذا الوطن، ولرجال الشرطة البواسل الذين يواصلون الليل بالنهار لتحقيق أمنه واستقراره.
وفي هذا اليوم المجيد، نُوجه أسمى آيات الشكر والعرفان لرجال الشرطة المصرية، الذين ضربوا أروع الأمثلة في الإخلاص والتفاني، فتضحياتهم تُذكرنا دومًا بأن الوطن لا يُبنى إلا بالعمل الجاد والروح الوطنية العالية، فهم رمز للثبات والعطاء، ومصدر فخر لكل مصري ومصرية، ويمثل عيد الشرطة رسالة وطنية تؤكد أن الأمن والأمان هما الأساس لتحقيق التنمية والازدهار، وأن تلاحم الشعب مع مؤسساته الوطنية هو السبيل لمواجهة التحديات وبناء المستقبل، تحية إجلال لرجال الشرطة البواسل، ونثمن كل قطرة عرق ودم بذلوها من أجل أن يبقى وطننا آمنًا ومستقرًا. عيد الشرطة هو عيد العطاء والتضحية، واحتفاء بقيم الوطنية والوفاء، دمتم فخرًا وعزًا لمصرنا الحبيبة.
___________
أستاذ أصول التربية
كلية التربية بنات بالقاهرة - جامعة الأزهر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة