بناء المجتمع في أي مكان في العالم يرتكز على مقومات أساسية محورها الرئيسي هو الإنسان، واللبنة الأولى في تحقيق التنمية والحضارة والبناء هو الإنسان، وبناء الإنسان بشكل سليم يساهم في تنشئة أجيال وكوادر واعية وقادرة على النجاح والتأثير في تقدم الأمم والنهوض بالمجتمعات.
لذلك نحتاج بشدة إلى تعزيز ودعم جهود الدولة لبناء الإنسان، وأرى أن أهم الخطوات التي يجب أن نهتم بها هى إحياء وتعزيز قيمة وأهمية القدوة والنموذج في المجتمع؛ ويتأتى ذلك من خلال توعية الأجيال الجديدة بقيمة الرموز والعلماء والمبدعين والمبتكرين الذي يستحقون أن يكونوا قدوة في المجتمع، فترسيخ ذلك داخل أبنائنا يزيد من وعيهم ويشجعهم على أخذ هذه النماذج قدوة لهم مما يحفزهم على النجاح والتقدم.
إن القدوة في المجتمع هى الشخصية التي تعتبر نموذجاً يُحتذى به من قبل الآخرين بسبب سلوكها وقيمها وإنجازاتها ونجاحاتها، وتلعب القدوة دوراً مهماً في توجيه الأفراد وتحفيزهم لتحقيق النجاح في حياتهم الشخصية والمهنية، فضلاً عن دورها في ترسيخ القيم والمبادئ الأخلاقية، هذه القدوة يمكن أن تكون من العلماء أو الرياضيين أو الفنانين أو المعلمين أو القادة، أو حتى شخص عادي مثل الصديق أو أو الوالدين أو غيرهم، لمجرد أن تتعلم منه سلوك إيجابي أو قيم وأخلاقيات، فالقدوة نموذج للسلوك الإيجابي وقادرة على إلهام الآخرين للتغيير نحو الأفضل، لذلك يجب أن يتم تسليط الأضواء على الشخصيات التي تعد قدوة ونموذج في المجتمع وعلى جهودها وإنجازاتها ونجاحاتها، وأن يتم تكريمهم.
وتبقى المدرسة بعد الأسرة هى أهم مكان يحتوي الأبناء ويطورهم ويغرس فيهم القيم والمبادئ الإيجابية والأخلاقيات، وتلعب دوراً قويا في تنشئة الأجيال، والمعلم يعد من ركائز بناء الإنسان والمجتمع، فهو حجر الأساس في تشكيل وتنشئة الأجيال الجديدة وبناة المستقبل، فيلعب دوراً مهماً ومؤثرا في غرس وترسيخ القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية مما يعزز من الشخصية الإيجابية والسلوكيات الطيبة من الطلاب، فضلاً عن دوره التعليمي وفي تنمية مهارات الطلاب لمساعدتهم على النجاح في حياتهم.
ويمكن أن يُلهم المعلم طلابه لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم من خلال تشجيعهم على التفكير الإبداعي والنقدي، واكتشاف مواهبهم الكامنة، فضلاً عن مساهمته في حل مشكلاتهم ويساعدهم على معرفة مهاراتهم وأوجه القوة في شخصياتهم ونقاط الضعف لمعالجتها وتنمية الوعي لديهم.
ويعتبر المعلم أداة للتغيير الإيجابي في المجتمع من خلال تقديم التعليم الحديث الذي يتماشى مع متطلبات العصر وتحدياته ويساهم في إعداد قادة المستقبل من خلال بناء شخصيات قوية وواعية قادرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الصائبة، كما أنه يعد حلقة الوصل بين المدرسة والأسرة، مما يساعد في تحقيق التكامل بين التعليم في المدرسة والتربية في المنزل.
لذلك يظل المعلم قدوة في المجتمع ومؤثرا في بنائه؛ مما يتطلب ضرورة الاهتمام بالمعلم ودعمه وتلبية احتياجاته وتدريبه وتأهيلهم ليواكب تطورات العصر الحديث، ولا شك أن الدولة تولي أهمية كبيرة لتطوير التعليم ويجب أن يكون المعلم هو محور أي عملية تطوير العملية التعليمية فهو العمود الفقري للمنظومة، فتحتاج إلى تسليط الضوء على قيمة المعلم ودوره في المجتمع فهو من أهم المهن ويؤدي رسالة سامية وترسيخ قيمته في المجتمع لدى الأجيال الجديدة والتأكيد على ضرورة تقدير واحترام المعلم وحفظ هيبته مما يرسخ في الأذهان هذه القيمة الكبيرة.
أما محور بناء الإنسان وتنمية المجتمع وأهم عنصر فهى الأم؛ إنها أعظم مهمة وأعظم مهنة وأعظم قيمة، وهى اللبنة الأولى في تنشئة وتكوين الطفل وتشكيل شخصيته، فالأم تؤدي أعظم الأدوار وأكثرها تأثيراً، وهى أول مدرسة للطفل وأول قدوة، حيث تزرع فيه الأخلاق، والقيم الإنسانية والعادات الإيجابية التي تشكل شخصيته وتوجهه في الحياة، فبجانب التربية تلعب الأم دوراً محورياً في تقديم الدعم العاطفي والنفسي لأبنائها، مما يُساعدهم على مواجهة تحديات الحياة بثقة، كما تعد قدوة لأبنائها، حيث يتعلم الأبناء منها كيفية التعامل مع الناس واحترام الآخرين والصدق والأمانة.
والأم هى مصدر الحب والحنان والأمان في الأسرة، ودورها لا يقتصر على مجرد الإنجاب، بل يتعدى ذلك ليُشكل نواة أساسية في تحقيق نهضة المجتمعات وتقدمها، وسواء كانت ربة منزل أو عاملة فهى تسهم في بناء المجتمع وتعزيز الوعي لدى الأفراد.
علينا ونحن نهتم ببناء الإنسان وبناء المجتمع أن نسلط الضوء على القيم والمبادئ الإيجابية والتوعية بدور وأهمية القدوة والنماذج الناجحة في المجتمع وأهمية دور العلماء والمبدعين والمبتكرين والأم والمعلم والفلاح والصانع والحرفي وكل من يقدم قيمة إيجابية في المجتمع تساهم في التنمية والبناء والنهوض بالدولة.
هذا الموضوع مهم للغاية لإنقاذ أبنائنا من الأفكار الأجنبية الدخيلة على المجتمع ومن المخططات التي تستهدف هدم المجتمعات من خلال نشر أفكار غريبة وهدامة لتكون بديلة للقيم والمبادئ الإيجابية، وتحاول تشويه صورة القدوة الحقيقية والنماذج الملهمة للنجاح والتفوق أو تحاول أن تشغل النشء والشباب بأمور أخرى لا تمثل أي قيمة إيجابية أو إضافة للمجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة