كل الطرق تشير إلى قرب انتهاء الحرب فى غزة، والتفاصيل التى يمكن إعلانها تحمل الكثير من الأسس التى يفترض أن يقوم عليها الاتفاق، وأغلبها سبق الاتفاق عليه، لكن هناك بعض النقاط التى تحمل قدرا من الغموض، أو تفتقد التفاصيل وتتعلق باليوم التالى للحرب، ومدى استعداد كل طرف للتعامل مع التفاصيل الخاصة بإدارة القطاع أو العمل اليومى والحكومى، وبالتالى هناك بعض الضباب فيما يتعلق بالجهة التى ستحكم قطاع غزة بعد الحرب، وما إذا كانت الفصائل قبلت ما سبق ورفضت قبوله، وهو أمر سوف يحسم شكل العلاقة، ومدى ما حققه كل طرف على المستوى الميدانى.
وبالطبع، فإن ما تم إعلانه من نقاط الاتفاق هو نقاط فنية تتعلق بعدد الأسرى والمحتجزين، الذين يتم إطلاقهم من كل طرف، لكن الأمر الخاص بالإدارة ما بعد الاتفاق، وبالطبع هناك ربط بين بدء تنفيذ الاتفاق لوقف الحرب، وتسلم الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، مهام منصبه لرئاسة الولايات المتحدة، الذى تم بعد 6 أيام فقط، حيث يتم تنصيب ترامب رئيسا، فى وقت تواجه فيه الولايات المتحدة حرائق ضخمة فى كاليفورنيا، أتت على مساحات شاسعة وضاعفت من الخسائر بشكل غير مسبوق، وقد أعلن دونالد ترامب انتقاداته لما اعتبره فشلا بإدارة جو بايدن فى مواجهة الحرائق، وقد سعى بايدن للرد بتصريحات، قال فيها: إن الولايات المتحدة أصبحت أقوى فى عهده، وأن أعداءها اصبحوا أضعف، وهى تفاصيل مشكوك فيها، حيث بقيت الولايات المتحدة عاجزة عن منع الحروب فى أوكرانيا أو التدخل لإبرام اتفاق يخص غزة.
الشاهد أن الاتفاق لوقف الحرب فى غزة انتهى، وبشكل يشير إلى قبول الكثير من شروط الاحتلال، مع وجود بعض الخطوات التى سوف تكشف بشكل كبير عن أى من الأطراف فاز فى الحرب التى طالت لأكثر من 15 شهرا، وارتكب فيها الاحتلال جرائم كبرى، ومارس نوعا من الإبادة ضد الأطفال والشيوخ والنساء فى غزة بشكل غير مسبوق، وفى حرب تمثل تحولا فى توازنات القوة والنفوذ، وإضعاف جبهات تقليدية، وسقوط ثوابت سياسية وجغرافية بشكل يجعل من 7 أكتوبر 2023 تحولا كبيرا فى الصراع، يتجاوز ما سبق من جولات، وانعكس بشكل كبير فى لبنان وسوريا وليس فقط فى غزة أو الضفة الغربية، حيث بدا حزب الله أنه خرج من سباق كان يلعب فيه دورا فاعلا طوال ربع قرن، وهو ما أثر فى سوريا وباقى مفردات الصراع فى الشرق الأوسط، حيث غابت قيادات مهمة فى حزب الله وحماس سياسيا وعسكريا بشكل يشير إلى تطورات نوعية ربما تتعارض مع ما يتم إعلانه من بيانات ميدانية، وخرجت المواجهة بين تل أبيب وطهران إلى العلن بعد سنوات من الحرب بالوكالة.
كل هذه التطورات تشير إلى أننا أمام واقع جديد ما بعد اتفاق غزة، أكبر من تبادل الأسرى والمحتجزين، وهو ما سوف يتضح من تطبيق الاتفاق خلال الشهور المقبلة، ومدى قدرة الفصائل الفلسطينية على التفاعل والتكيف مع التغيرات الجديدة التى تضع مهام أخطر على كاهل الأطراف، التى سوف تتسلم المسؤولية خلال المرحلة المقبلة، وهى تحولات يفترض أن يعترف بها كل طرف بعيدا عن بيانات الدعاية، حيث تظهر جبهات جديدة أقل خطرا على الاحتلال، بينما تختفى جبهات اعتادت إطلاق الدعاية.
الشاهد أن المنطقة أمام واقع جديد متقاطع ومعقد بشكل أكبر مما يبدو فى الظاهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة