أكرم القصاص

الشماتة لا تفيد.. ضد جرائم أمريكا وإسرائيل ومع ضحايا الحرائق!

الإثنين، 13 يناير 2025 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نعم نحن أمام ظواهر غريبة تعكس ارتباكا فى المشاعر الإنسانية وخلطا فى هذه المشاعر، نقول هذا بمناسبة شماتة بعض الناس لدينا فى حرائق كاليفورنيا وضحاياها، واعتبارها نوعا من العقاب على جرائم الولايات المتحدة، بل إنهم يتمنون أن تتضاعف الحرائق، بينما القانون الإلهى فى الآية الكريمة «لا تزر وازرة وزر أخرى»، فضلا عن أن هذه الشماتة بقدر ما تعكس جهلا وضعفا، فهى أيضا تتنافى مع العقل، والكوارث الطبيعية والجوائح إنما لا تخص فئة وتترك أخرى.


والحقيقة أن لدينا طريقة تفكير تخرج غالبا من عقول متطرفة، تتبنى آراء مزدوجة، فهى ترى الموت اختبارا لمن تصنفه مؤمنا أو فى فريقهم، بينما تراه عقابا فى حال كان المصاب يتعلق بخصم أو شخص يختلفون معه، ونفس الأمر مع الكوارث الطبيعية، والتى يفسرها البعض أنها عقاب على سلوك أو سياسة، بينما هى تصيب الجميع، ولا تفرق بين أمم مؤمنة وأخرى، ونتذكر كيف طالت الزلازل قبل سنوات كلا من تركيا وسوريا، كما أن تسونامى أصاب دولا مختلفة، والآن هذه الحرائق التى تهاجم كاليفورنيا الأمريكية تمثل واحدة من أسوأ الكوارث فى تاريخ أمريكا.


وفيما يتعلق بحرائق الغابات فى مقاطعة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية تستمر وتتضاعف الخسائر، فى الأرواح والمنشآت، مع عجز عن مواجهتها من قبل طواقم رجال الإطفاء ومحاولة منع انتشار النيران قبل عودة الرياح القوية التى تهدد باتساع الحريق إلى بعض المناطق الأشهر فى المدينة، بجانب قصور ومنازل لمشاهير هوليوود، وأثرياء العالم.


ووصل الأمر إلى انتشار صور على منصات التواصل الاجتماعى والمواقع الفنية حول العالم للافتة هوليوود التى تعتبر أشهر لافتة فى العالم وتلتهمها ألسنة النيران بسبب حرائق الغابات فى لوس أنجلوس، لكن صحيفة «إندبندنت» نشرت أن اللافتة آمنة من النيران، وأن الصورة مزيفة، وتمت بطريقة توحى بالحريق بينما فى الواقع فإن  اللافتة التى  يبلغ عمرها 101 عام، وهى رمز لمدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، موطن صناعة السينما والتليفزيون الأمريكية، تقع أعلى جبال سانتا مونيكا، ونقلت عن جيف زارينام رئيس مجلس إدارة مؤسسة «هوليوود ساين تراست»، أن اللافتة لم تتأثر وآمنة، وأضاف أن حديقة جريفيث حيث توجد لافتة هوليوود تم إغلاقها مؤقتا كإجراء احترازى، وكشف فريق رويترز للتحقق أن الصور المنتشرة لاشتعال اللافتة مزيفة، وأنها معدلة عن طريق برامج الذكاء الاصطناعى.


لكن هذا لا يمنع من كون الحرائق، التى تتكرر كل عام، هى الأكثر انتشارا وقسوة هذا العام، وأن خسائرها ضخمة وتتجاوز 150 مليار دولار.


نعود إلى الموضوع الرئيسى، وإعلان بعض من ينتقدون انحياز أمريكا وتجبرها وازدواجيتها، ويبدون نوعا من الشماتة فى الحرائق، ويشيرون إلى جرائم الانحياز الأمريكى للاحتلال الإسرائيلى وجرائم الإبادة التى ترتكبها فى غزة، والواقع أن صور ضحايا القتل وجرائم إسرائيل، تضاعف من إدانة الولايات المتحدة التى تساند جريمة العصر، لكنها لا تعنى الشماتة فى ضحايا حرائق أو زلازل أو أى من الكوارث الطبيعية، والتى تمثل إنذارا وتأكيدا على ما يرتكبه البشر والدول الكبرى من جرائم ضد الطبيعة وتتسبب فى تغير مناخى وجفاف وفيضانات وكوارث تضر أفريقيا والعالم كله، وليس أمريكا، بل إنها تضر الفقراء أكثر، وبالتالى فإن الشماتة لا تعنى عقلا أو موقفا لكنها تكشف عن عجز وسطحية فى التعامل مع كارثة قدرية ليس للبشر دخل فيها، وأن الشماتة هى سلوك من يريد أن ينهزم خصمه، أو عدوه، ولا يفكر كيف يفوز.


طبعا، إننا ندين جرائم الولايات المتحدة، مع دعمها للاحتلال وجرائم الإبادة، وهى جرائم لا تسقط بالتقادم، ولكن هذا كله لا علاقة له بالشماتة فى كارثة طبيعية، يعجز البشر عن مواجهتها، كما أنها تشتعل بسبب سلوك البشر غير المسؤول فى التعامل مع الطبيعة وتدميرها، بما يثير غضبها لتنقلب إلى جحيم للفقراء قبل الأغنياء، وبالتالى فالشماتة لا تفيد، بل هى تضر.

p.8
مقال أكرم القصاص









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة