دمار شامل تشهده ولاية كاليفورنيا الأمريكية بسبب حرائق الغابات، والذى وصل إلى إحراق أكثر من مليون مبنى، وقطع الكهرباء عن مناطق واسعة فى الولاية، ورغم أن الولاية تواجه حرائق بشكل سنوى، لكن هذه المرة هى الأكثر عنفا لأسباب التغير المناخى الذى غير من نمط الأمطار والرياح والجفاف، بشكل جعل الحرائق مع الأعاصير أكثر عنفا وقسوة، وحتى أمس دمرت الحرائق أكثر من 34 ألف فدان و10 آلاف منزل ومبنى، وتقدر الخسائر بنحو 150 مليار دولار، مع عجز تام عن المواجهة بكل طرق الإطفاء المتنوعة، حيث تشير التقارير إلى أنه لا يوجد نظام مياه فى العالم يمكنه التعامل مع هذه الكارثة.
وغالبا تبدأ الحرائق فى الغابات عندما يضرب البرق الأشجار الجافة أو الأرض، فيبدأ الحريق، وأحيانا يبدأ بالاحتراق الذاتى داخل أكوام الغصون والنباتات الجافة، وتضاعفها سرعة الرياح، والتهمت الحرائق عددا من منازل العديد من المشاهير فى الولايات المتحدة من بينهم ميل جيبسون، وعشرات وربما مئات من قصور وبيوت الأثرياء.
أما عن أسباب اتساع نطاق الحرائق، فقد ساق بعض الخبراء أسبابا متنوعة، وكان التغير المناخى المتهم الأول، باعتبار أن موجات الجفاف والأمطار والفيضانات تعكس خللا فى الطبيعية يضاعف من احتمالات الحرائق، ومنذ ثمانينيات القرن العشرين تضاعف حجم وشدة الحرائق التى تجتاح كاليفورنيا، التى شهدت حوالى 20 حريقا ضخما منذ بداية هذه الألفية، وارتفعت متوسطات درجة الحرارة فى الولاية نفسها خلال الفترة نفسها.
ويتوقع العلماء أنه مع تصاعد أزمة المناخ، أن تزداد شدة هذه الحرائق وطول مدتها وترددها، وتتغير مواعيدها لتصل إلى عمق الشتاء فى بعض الأحيان، وفى حين أن ذلك بات معروفا للعلماء منذ عقود، إلا أن الجهود السياسية لاحتواء أزمة المناخ لا تزال بطيئة جدا.
وحسب تقرير BBC البريطانية، فإن المطر يضاعف من نسبة الحرائق، بالنسبة للغابات، وتنقل عن رورى هادن، الباحث فى علم الحرائق بجامعة إدنبرة، إن المطر قبل الحريق يكون تأثيره منعكسا، فإذا انهمر خلال الحريق، انطفأ الحريق، لكن هطول الأمطار الذى يسبق الحريق يضاعف من نمو النباتات، ما يجعلها مادة للحريق، خاصة مع موسم الجفاف، وهناك دراسات وأبحاث نشرتها مجلة «نيتشر» الشهيرة، توقعت تضاعف حرائق الغابات بسبب التغيرات الحادثة، وأن بعض حرائق الغابات قد تمتد إلى أشهر الشتاء، خاصة مع انخفاض معدلات الأمطار عن قبل، حيث إن التغير المناخى يؤثر فى أكثر من اتجاه بالحرائق حجما ووقتا، ليس فقط بسبب نقص الأمطار، لكن فى مضاعفة جفاف النباتات التى تشكل وقودا مضاعفا وجاهزا يساعد فى تضاعف الحرائق.
ونقلت «بى بى سى» أنه فى عام 2020 راجع فريق دولى من العلماء 57 دراسة سابقة أظهرت جميعها روابط بين تغير المناخ، وزيادة تواتر وشدة طقس الحرائق، والذى يعرّف بأنه الظروف الملائمة لنشوب حرائق غابات، وأن ارتفاع درجات الحرارة العالمية - وما يسببه من موجات حر وجفاف - يضاعف من حرائق الغابات، بل إن مواسم طقس الحرائق امتدت عبر ما يقرب من 25% من سطح الأرض النباتى، ما أدى إلى زيادة بنحو 20% فى المتوسط العالمى لطول موسم طقس الحرائق.
ويتوقع العلماء أنه مع تصاعد أزمة المناخ، من المرجح أن تزداد شدة هذه الحرائق وطول مدتها وترددها، وتتغير مواعيدها لتصل إلى عمق الشتاء فى بعض الأحيان، وفى حين أن ذلك بات معروفا للعلماء منذ عقود، إلا أن الجهود السياسية لاحتواء أزمة المناخ لا تزال بطيئة جدا.
الشاهد أن جرائم الإنسان ضد الطبيعة، وتجاهل كبار زعماء الدول الصناعية لتوصيات مؤتمرات المناخ على مدى عقود، والتى تحذر من اتساع نطاق الكوارث بين حرائق وجفاف وفيضانات، تضاعف من مآسى البشر، وبعد أن كانت الدول الفقيرة - أو أفريقيا - تدفع ثمن التغير المناخى، أصبحت كل دول العالم تشهد حرائق وفيضانات وكوارث، تتكرر وتلتهم الغابات، بما يضاعف من خسائر البشر.
وفى الوقت نفسه، فإن هذه الكوارث تكشف عن عجز وضعف البشر فى مواجهة الأزمات والحرائق، التى تحولت بالفعل إلى واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية على مدى عقود.
بعض الغاضبين من سياسات الولايات المتحدة أبدوا شماتة، بينما الكوارث الطبيعية لا تفرق بى بلد فقير وآخر غنى، كما أنها بالفعل تصيب البشر الأبرياء بالرعب، لكنها ربما تكون مؤشرا يلفت نظر العالم الى مآسى أخرى ومعاناة لشعوب مختلفة، من أبرزها الشعب الفلسطينى فى غزة، لكن الدعوة لوقف جرائم نتنياهو، لا تعنى عدم التعاطف مع الأبرياء فى كل مكان ممن يواجهون الكوارث ويدفعون الثمن. بجانب أهمية الانتباه إلى خطر التغير المناخى، وجرائم الإنسان ضد الطبيعة والتى يجب أن تتوقف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة