يُعد الحوار الوطني أحد أهم إنجازات الدولة المصرية خلال العامين الماضيين، فقد تمكن الحوار من تحقيق عدد من الأهداف الهامة، يأتي رأسها توحيد الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، فلم يكن من السهل توحيد القوى السياسية بكل تنوعها الفكري والإيدولوجي علي مائدة واحدة، لعرض رؤيتها بشأن أولويات العمل الوطني، وسُبل التعامل مع القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تهدد خطط التنمية الشاملة التي تتبناها الدولة المصرية، ولكن نجحت الدولة في استثمار التنوع الفكري بما يخدم المصلحة الوطنية ويتيح للدولة أفكارا ورؤي غير تقليدية للتعامل أزماتها.
الحوار الوطني نجح بفضل حالة الشفافية والوضوح التي تميزت بها جلساته في بث حالة من الطمأنه في نفوس المشاركين، فلا قيود ولا خطوط حمراء ، فالفرصة سانحة أمام الجميع بالتساوي للتعبير عن رأيه، وطرح رؤيته دوم تمييز أو إقصاء، فجميع الآراء المطروحة حظت برعاية مجلس أمناء الحوار الوطني _ الجهة المسئولة عن إدارة الحوار_ سواء بمحاولة التوافق علي رأي أو رؤية محددة، أو طرح أكثر من رؤية للتعامل مع قضية معينة، لذلك لم يتم تجاهل أيا من الآىاء المطروحة علي مائدة الحوار.
وأعتقد أن واحدا من أهم أسباب نجاح الحوار الوطني هو قدرته علي التغلب علي محاولات التسيس، فمنذ للوهلة الأولي لإطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي الدعوة لإجراء الحوار الوطني، حاول البعض تسيس الدعوة باعتبارها حوارا بين الدولة والمعارضة، فضلا عن محاولات التشكيك في جدوى الحوار وجديته، وهو الأمر الذي تم الرد عليه علي أرض الواقع، فحصد الحوار دعما كبيرا من جانب القيادة السياسية، وتفاعلها غير عاديا من جانب الحكومة التي شاركت في جلسات الحوار الاقتصادي، بالإضافة إلي إدراج توصيات المرحلة الأولي من الحوار ضمن برنامج الحكومة الجديد.
واستمر الدعم السياسي للحوار الوطني بعد طلب رئيس الحكومة من الحوار بصياغة رؤية متكاملة بشأن التحول إلى الدعم النقدي بديلا للدعم السلعي، كذلك رؤية الحوار بشأن نظام الثانوية العامة الجديد، ويستمر الدور الفاعل للحوار الوطني بمناقشة ملف الحبس الاحتياطي وغيره من القضايا التي تم إرجائها من المرحلة الأولي، والتي تمس المواطن بشكل مباشر، في مؤشر قوي بأن المرحلة المقبلة ستشهد تعاونا بين الحوار الوطني والحكومة من أجل المواطن.
وأخيرا فإن الحقيقة التي لا خلاف عليها أن الحوار الوطني ما كان له كل هذا النجاح لولا دعم القيادة السياسية ممثلة في رئيس الجمهورية، وهو ما أضفي علي الحوار الجدية التي مكنته من أن يكون شريكا قويا في صناعة مستقبل هذا الوطن، وأحد آليات الدولة في تحقيق الاصطفاف الوطني الذي هو أحد ركائز الجمهورية الجديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة