حازم حسين

فيتو وسلاح وهدايا من لحم فلسطين.. نصيحة نابليون الضائعة بين خصوم نتنياهو

الإثنين، 22 أبريل 2024 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

استوعب الرئيسُ السادات مُبكّرًا أنه لن يُواجه إسرائيل بمفردها على جبهة أكتوبر؛ لذا انتقل من السلاح إلى السياسة بكفاءةٍ واقتدار. والأسبوع الجارى من أبريل يحمل ذكرى شديدة الأهمية والدلالة، عندما نحتفل فى آخره بعيد تحرير سيناء، بينما ما تزال بقيّة الصراعات العربية مع الاحتلال مُعلَّقةً بالأمن أو الأرض أو بكليهما. إنك فى النزاعات الكبرى لا تُدير الأزمات فحسب؛ بل يُفترَض أن تستشرف المخاطر وتتعاطى معها بحقِّها، بما لا يُفرِّط فى الحقوق ولا يُفرِط فى الآمال. ولسنا اليوم فى حاجةٍ لاستكشاف ما بات معلومًا من حال الإقليم بالضرورة، وأهمّه أنَّ الولايات المُتّحدة فى صفِّ الدولة العبرية ظالمةً أو أشدّ ظُلمًا، ولا سبيل لرَدِّها عن الانحياز بالنظر للصِّلات العضوية فى التاريخ، وتداخُل الواقع من الاقتصاد للقوّة وأوراق الضغط، فضلاً على اعتبارها قاعدتَها المُتقدِّمة ونائبًا عن نموذجها الثقافى فى الشرق. والمهمّة هنا تبدو أكثر صعوبة؛ إذ المطلوب ألَّا تتماهى مع الوحش الكاسر أو تصطدمَ به، وأن تتحرَّك بين التناقضات ببراجماتيّةٍ وخِفّة؛ للنجاة من الفخاخ المنصوبة على الطريق، وترشيد الخسائر قدر الإمكان، واقتناص ما تسمح به الظروف من مكاسب، على أمل تعديل الأوضاع وضَبط مُعادلاتها المُختلّة.


تفرضُ الدورات الحضارية قانونَها الميَّال للمُنتصرين. عندما تمكَّن العربُ قديمًا كانت لهم الهيمنةُ من عُمق آسيا إلى أطراف أوروبا، وفرضوا شروطَهم على الخصوم جميعًا، دون بحثٍ فى الحقّ والعدل أو انشغال بسرديّة الطرف الآخر. والقصدُ ليس أن نُبرِّر وحشيّة العدوّ اليوم، أو نلتمس العُذر للغول الذى ينشب مخالبَه فى رقبة العالم؛ إنما الوعى بأن الأحوال المُؤلمة نتاجُ تفاعلاتٍ دولية تتخطَّى مجالها الزمانى والمكانى، ولا فائدة من الشَّجب والبكاء بينما تُحصَّل الفواتير عَنوة. الرهان على أن يعود المُتغطرسُ إلى صوابه باستفاقة الضمير وحدها، أو باختصام إحدى أدواته فى جولةٍ خشنة تحت قدميه؛ يُحمَلُ على الرومانسية المُفرطة أو الميلودراما الفاقعة، إن لم يكن على السذاجة؛ بأكثر ممّا يَنُمّ عن واقعيّةٍ يُمكن أن تُصحِّح الأوضاع أو تكون مُثمرةً فى المدى القريب. والخلاص الوحيد فى أن تظلّ حيًّا إلى أن ينضُج سياقٌ جديد، وتظلّ واعيًا بأنّ المظالمَ لا تُستوفَى بأثرٍ رجعى، وكم من دُولٍ وممالك ومجتمعاتٍ أُبيدت لأنها أخطأت الهجوم بينما كان واجبها الدفاع، أو استكانت عندما تطلَّبت اللحظةُ قدرًا من التمرُّد. وحالة النُّضج والتحضُّر التى أصابتها البشرية؛ لا تمنعُ أنّ كثيرًا من سمات البدائية كامنة تحت الجلد والأظافر، والقانون قد يعجز عن ترويضها حينًا، وقد يكون أداةً لتمريرها أحيانًا.


انتقلت خزانةُ المُثُل البيضاء عبر الأطلنطى، وصار النموذجُ الأمريكى ذروةَ الإنسانية المُتحضّرة؛ فى عُرف أصحابه على الأقل. لكنّ «عبء الرجل الأبيض» ظلَّ حاضرًا كما تصوّره روديارد كبلينج، الشاعر الإنجليزى المُخلص لجيناته الاستعمارية أكثر من إخلاصه لطُهرانيّة الشعراء ورومانسيّتهم. هكذا خاضت الولاياتُ المتّحدة الحربَ العالمية على شَرط إنقاذ العالم من النازية الحارقة؛ لكنها انتهجت السُّبلَ نفسَها لاحقًا من شبه الجزيرة الكورية إلى فيتنام وكمبوديا، وصولاً لغزو العراق خارج إطار القانون الذى صاغته بيدها، وبينهما تدمير أفغانستان لتخليصها من طالبان؛ ثم تسليمها للحركة ذاتها بعد عقدين كاملين. المنظومةُ الأُمميّة التى هندستها واشنطن لإحكام قبضتها على العالم، تعجزُ أحيانًا عن تمرير رغباتها بالصيغة التى تُريد؛ فيكون البديل السهل أن تخرجَ عليها مُطمئنّةً لغياب الرَّدع وانعدام البدائل. والصِّدام هنا قد يكون رياضةً ثوريّةً وأخلاقية مُشبِعة نفسيًّا؛ لكنه فى الغالب لا يُفضى إلى شىءٍ ملموس. ليست المِحنة الوحيدة أن تكون ضعيفًا فى مُواجهةٍ وجودية؛ بل أن تمزج الضعف بالغباء؛ فتفقد ورقةَ المظلومية وتُضيِّع شرطَ الوجود.


رغم بأس الإمبراطورية التى لم تغب عنها الشمس قرونًا؛ كان رئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل يتضرَّع للسماء طالبًا معونةَ فرانكلين روزفلت ضد هتلر وموسولينى وهيروهيتو، وجاءته الهديّة من الأعداء بخطأٍ تراجيدىّ قاد الجيش الأحمر لقصف ميناء بيرل هاربر؛ فوفَّر الذريعةَ اللازمة لأن تنفُضَ واشنطن غبارَ الحياد، وتنخرطَ فى الحرب بعد ثلاث سنوات من اندلاعها. لم تكن دولُ المحور وقتها الطرفَ الضعيف أو مهيضَ الجناح؛ لكنها ارتكبت حماقةً كافية لإزاحتها من موقع المُبادرة إلى قَعر الجحيم. وبينما يقتفى مخبولُ تل أبيب أثرَ داهية لندن، ويسعى لتحصيل الشروط الضرورية لاستدعاء الأمريكيين إلى مُواجهةٍ إقليمية مُوسَّعة، يسير بعضُ المُنوَّمين وسَيّئى النيّة فى المنطقة على خُطى امبراطور اليابان؛ كأنهم يجتهدون لغَزل الخيوط الناقصة فى سترة الحرب.

وسواء وقعت أم أُرجِئت؛ فإنّ المُغامرة باختبار حماسة الولايات المتحدة وصِدقها فى دعم إسرائيل، آخر ما تحتاجه الجبهةُ المُتأجِّجة بالنزاعات، ولا يُعبِّر إلَّا عن جهلٍ عميم عميقٍ بحدود العلاقة بينهما، وعن رعونةٍ فى المناورة وترتيب الأوراق على الطاولة.


ربما لم يكن نتنياهو يتطلَّع لهديّةٍ أثمن من امتداد أيادى الأعداء لإقالته من عثراته. قديما قال نابليون «لا تُقاطع عدوَّك عندما يرتكب الأخطاء»؛ لكنّ ضحايا أكثر ملوك اليهود عنفًا ووقاحة فعلوا العكس تمامًا.. حدثت المقاطعة للأسف فى «طوفان الأقصى»، وقتما كان الشارع العِبرىّ هائجًا ضد ائتلاف اليمين الحاكم وخطّته لتقويض القضاء، وتكرَّرت فى ليلة الصواريخ والمُسيَّرات الإيرانية، ولا صوت كان أعلى من التظاهرات المُعارضة لرئيس الحكومة، على أثر الفشل فى غزَّة وتعطيل مُفاوضات الهُدنة واستعادة الأسرى. لعلّ صاحب القرار فى الحالين كان يلعبُ بمنطق استغلال الثغرات والبحث عن «اللحظة الحرجة»؛ فرأى فى ارتباك الجبهة الداخلية ما يسمح بالمُبادأة وإرباك الخصم؛ لكنّ الطريق للفواجع السياسية محفوفةٌ دائمًا بالنزق العسكرى، وما حدث أنّ العمليتين أنقذتا العدوَّ الأوَّل بدلاً من تعميق مِحنته، وأعادتا تنظيمَ صفوفه وتغطية إخفاقاته فى البيئة المحلية وأمام حُلفائه الدوليين، وربما تحصَّلَ منهما على مكاسب أكبر ممَّا كان يتطلَّع إليه فى واقعه المأزوم.


فى «الطوفان» ذابت مُناكفاتُ الداخل وتوحَّد الصهاينة خلف زعيمهم؛ رغم يقينهم الكامل من فساده وانشغاله بالمصالح الشخصية. أزاحت إسرائيلُ ثمانية عقودٍ من البطش والمذابح، وخرجت على العالم برداء الضحيّة وفى يَدها الحمراء سرديّةٌ مُخلَّقة، غلافها الدفاع عن النفس ومَتنُها وَصم المقاومة تمهيدًا لإفنائها. وعندما تكفَّلت شهور العدوان بتفنيد الأكاذيب وتعرية الحقائق؛ جاءت فقرةُ الألعاب النارية المحمولة جوًّا من طهران، وتحت سقف التفاهمات مع إدارة بايدن؛ لتُعيد إنعاش الرواية الظالمة. ومن جديد؛ هدأ الشارعُ نسبيًّا، وعاد الغربيون عن مواقفهم المُعدَّلة بضغط الأزمة الإنسانية ونوافير الدم، وتشكَّل تحالفٌ «أنجلو-صهيونى» فرّغ صناديقَ البريد الشيعيّة من الرسائل ومضامينها، وعاد لتسويق فكرة الدويلة الضعيفة فى مُحيطٍ هائجٍ من العداوات، مع سَيلٍ من الإدانة والعقوبات، وتخويفٍ من المحور الذى يُدير ميليشيّات مذهبيةً بامتداد المنطقة، ويسعى لدخول النادى النووى بكل ما يعنيه من مخاطر على أمن المنطقة والعالم؛ والمقصود إسرائيل أوّلاً وأخيرًا. لنَقُل إنه تخليقٌ ركيك وسَردٌ زائف؛ لكنه استمدّ قوام مادّته من إخفاق الغريم فى تلقِّى الصفعات؛ ثمّ إخفاقه فى إعلان الغضب وطبيعته واختيار ميقات الردّ.


ليست مُصادفةً أن يشهد مجلسُ الأمن إحباط واشنطن لخطوةِ الاعتراف بفلسطين دولةً كاملة العضوية، قبل ساعاتٍ من تنفيذ إسرائيل هجمةً انتقاميّة ضد قاعدةٍ عسكرية بمدينة أصفهان. وكان «بايدن» قد حَثّ نتنياهو بعد ليلة المُسيَّرات ألَّا يردَّ عليها، وإن فعلَ فبالإخطار والتنسيق المُسبقَين. وعندما خاطب الرئيس أبو مازن مسؤولى الأُمَم المتحدة؛ لإعادة نظر الطلب المُقدَّم قبل ثلاث عشرة سنة، مارست الإدارة الأمريكية ضغوطًا فى الكواليس على الأعضاء، وعملت على سحب مشروع قرار جزائرى يُواكب الفكرة، ثمّ عقدت العزم على إحباط الخطوة بنفسها؛ بعدما تعذَّر إجبار الباقين على تجاهلها. هكذا رفعت بطاقة الفيتو بتبجُّحٍ، وغطَّت عليها بصاروخين أو ثلاثة داخل إيران؛ فمَرَّ الحدثان فى غبار بعضهما. انشغل فريقٌ عن إزهاق الحلم الفلسطينى بترقُّب ثأر الحرس الثورى الذى وعدوا به، وتلطَّت الضربةُ تحت ستار الشَّجب واستنكار المواقف الأمريكية المُتعارضة مع خطابها القائل بمركزية «حلّ الدولتين».


تصويتُ الأمريكيين لم يُهدِر إرادةَ اثنى عشر عضوًا من أصل خمسة عشر فى المجلس فقط؛ بل أهان 139 دولة تعترف بفلسطين، وآخرين فى أوروبا وغيرها يدرسون اتّخاذ خطواتٍ مثيلة. وفى ذلك دليلٌ مُتجدّد على عَوار النظام الدولى، والحاجة لإثارة اختلالاته العميقة والتعريض بها بحثًا عن مسارات بديلة؛ إمَّا بتقويض حَقّ النقض أو توسيع العضويات الدائمة، أو السعى لإدخال تعديلاتٍ جوهرية على الميثاق وآلية عمل المرافق الأُمَميّة. وربما تُفيد الفعاليّات الرديفة لدول الجنوب وخطابها الصاعد فى تقويم المسار، أو التلويح بالسير فى اتجاه تخليق روابط وعلاقاتٍ تتجاوز الوضع القائم؛ لا سيّما أن «الأمم المتحدة» نفسها كانت بديلاً عن انكشاف العُصبة بعد الحرب العالمية، وليست حُكْمًا مُؤبّدًا لا يقبلُ الإصلاح أو التبديل. لكنّ النقد لا يغنى عن مُسايرة الركب حتّى حين؛ لذا قد لا يكون مُوفّقًا أن يُلوِّح الرئيس الفلسطينى بمُراجعة العلاقات مع الولايات المُتّحدة، أوّلاً لأنه الطرفُ الأضعف، وثانيًا لأنه لا سبيل فى المدى القريب لإنتاج توازناتٍ مُضادّة، والأهمّ أن الافتراق عن واشنطن إنّما يغسلُ يدَها من الالتزامات السياسية والأخلاقية؛ فتصير خصمًا بدلا من صيغة الضامن المُنحاز والوسيط غير النزيه، والحال أن هذا التوصيف أهونُ عليها، لأنها لا تعود فى مَوضع الاتهام أو يلزمها التبرير. نعلمُ أنها تلعبُ فى الفريق المُضاد؛ لكنها بين وقتٍ وآخر قد تضبطُ انفلات الهجوم أو تُطيح الكرةَ خارج الملعب، وعلينا الموازنة فى الوضع الظالم بين الخسائر التكتيكية والغايات الاستراتيجية، وليس أن نستنفرَ طاقة الانحياز فيهم لتُعبِّر عن نفسها بسفورٍ أكبر ممّا هى عليه الآن، ولدى الأمريكيين المزيد دائمًا.


يومٌ واحد بين إفشال الدولة والتعمية عليه بفصلٍ ثانٍ من مسرحية طهران/ تل أبيب؛ ثمّ أقرّ الكونجرس حزمةَ مُساعداتٍ كانت مُعطّلة لأوكرانيا وإسرائيل وموضوعات أخرى. بلغت قيمتها 95 مليار دولار منها أكثر من 17 للدولة العبرية ونحو 9 مليارات للمساعدات الإنسانية مع حظر إرسالها عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا». الإشارة أن للقتل نصيبًا أكبر من تكفين الجُثث، وصحيح أن الخلاف كان على حصّة «كييف» ورفض المحافظين لأعباء الحرب الدائرة فى أوراسيا، واستمرار مواجهة روسيا دون أفقٍ عسكرى أو سياسى؛ إلَّا أن ما يخصّ الصهاينة كان محلَّ خلافٍ فى بعض التفاصيل، وصل لمطالبة نوّابٍ تقدُّميين بالحظر أو فرض معايير صارمة على شحنات السلاح المُتدفّقة على مذابح غزّة. ولعلّ من هدايا إيران لنتنياهو أنْ ذوَّبت رواسب الاعتراض وقرَّبت رُؤى الجمهوريين من الديمقراطيين؛ فتنفَّس المشروعُ بعدما كاد يلفظ أنفاسه، وآيةُ اللمسة الفارسية أنه يُوجّه 5.2 مليار دولار للأنظمة الدفاعية: القبّة الحديدية، والشعاع الحديدى، ومقلاع داود. وربما يكون القرار المُعجَّل أوَّل اختبارٍ سياسى لمرحلة ما بعد ليلة المُسيَّرات؛ فالدعم المُعطَّل لشهورٍ تسارعت وتيرتُه واعتُمد فى غضون أسبوع من الضربة؛ ما يُؤكِّد أنها أنتجت أثرًا عكسيًّا يصُبّ فى صالح إسرائيل وأمنها. والمُحصّلة أنَّ الأمور تسيرُ من سيّئٍ لأسوأ؛ لا الاحتلال يرتدع عن وحشيَّته، ولا الاستعراضات الدعائيّة تخصمُ من منافعه؛ بل على العكس تُعزِّز مراكزَه وترفِده بمزيدٍ من الإسناد والتسليح.


القضيةُ بريئةٌ صافية؛ لكنّ بعض المتحدثين بلسانها والمُشتبكين معها يتقلَّبون بين الغرض والمرض. وإن كان للمُقاومة أن تختار برنامجها التحرُّرى؛ فعليها أوّلاً استيفاء شروط الإجماع والجبهة الوطنية المُوحَّدة، دون اكتفاءٍ بالسلاح عن السياسة ولا بالتديين عن الوجه الإنسانى النقىّ، كما أنه ليس لطرفٍ آخر أن يدخل على الخطِّ بأجندته، دون انشغالٍ بما يُريده الفلسطينيون ويُحقّق مصالحهم. كانت مناوشات «حزب الله» شمالاً إحدى الهدايا المجانية؛ فلا خفَّفت الضغطَ عن غزّة، ولا تركت الاحتلال يُواجه معركةَ الدعاية بسجلِّه الدموىّ خالصًا من الشوائب. وبالمِثل مُناوشات الحوثيين عند فَم البحر الأحمر واستعراضات الحشد الشعبى من العراق؛ والحال أن الولايات المُتّحدة تُعكِّر مياه الصراع، ومحور الممانعة كذلك، والغزِّيون يُموّلون نزوات الجميع من لَحمِهم الحَىّ.. ولقاء عار الانحياز الأمريكى، ثمّة عوارٌ يحكم الفريقَ الآخر ولا يتوقَّف عن إرسال الهدايا، وما تزال نصيحة نابليون ضائعةً بين خصوم نتنياهو.. لعلّ «حلّ الدولتين» أبعدُ اليوم من أىِّ وقتٍ مضى؛ لكنّه الثابت الوحيد الذى يتعيَّن الاعتصام به. المُفاضلة ليست بين النصر الكامل أو الهزيمة الساحقة؛ فكلاهما لا تتوافر شروطُه وأقربُ للاستحالة على القاتل والمناضل، إنّما الاختيار بين الواقعية المزعجة والوَهم المريح، والسوابقُ كلّها أثبتت أنَّ تجارة الشعارات ما أنتجت غير النكبات، قديمًا وحديثًا، ولا مصلحةَ لأحدٍ فى إبقاء الشرايين مُتفجّرةً بالنزيف؛ إلَّا لو كان الغرض ادِّعاء البطولة؛ ولو ذهبت الأرض بما عليها بين عار الأمريكيين وعوار المُمانعين.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة