أكرم القصاص

إيران وإسرائيل وأمريكا.. «سيناريوهات ومسيرات» الحرب المتوقعة

الإثنين، 15 أبريل 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تخرج الضربات الإيرانية عن حيز التوقعات، والسيناريوهات التى تمت على مدى يومين قبل تنفيذ الضربة، فقد أعلنت إيران قبل يومين من التنفيذ أنها ستشن هجوما بالمسيرات وبعض الصواريخ الباليستية على مواقع إسرائيلية، ومن الواضح أن هذا السيناريو وصل إلى الولايات المتحدة عبر تسريبات، وجاء التنفيذ مطابقا للسيناريو المرسوم، وبالتالى حققت إيران ردها على الهجوم الإسرائيلى الذى استهدف قنصليتها فى سوريا، من دون أن توسع من المواجهة أو تدخل فى حرب إقليمية، وتمسكت بموقفها من البقاء بعيدا عن الحرب الشاملة، وحققت تهديدها وأرضت أنصارها، بالرغم من أن هجمات إسرائيل أكثر إيلاما وتمثل صيدا واضحا لقيادات بالحرس الثورى. ربما يكون الجديد فى أنها المرة الأولى التى تخوض فيها إيران حربا مباشرة، وآخر حرب كانت الحرب العراقية الإيرانية التى انتهت فى عام 1989، واعتادت خوض الحرب عن طريق وكلاء إقليميين، لكن طهران هذه المرة لم يكن ممكنا استمرار الحرب بالوكالة، خاصة أنها اعتادت أن تصدر تهديدات ضخمة بهزيمة وتدمير إسرائيل، ومع أنها المرة الأولى فى المواجهة جاءت ضربات إيران محكومة ومحددة ومرسومة بدقة، وهو تحول بدأ قبل سنوات تخلت فيه إيران عن تصريحات عنيفة أو التوعد لأمريكا وإسرائيل، وجاءت الضربات الإيرانية ضمن سيناريوهات محدودة واضحة تعبر عن براجماتية وتوازن بين العمل العسكرى والأهداف السياسية، لهذا حرصت إيران على إعلان انتهاء ردها على إسرائيل بوضع نقطة فى آخر النص، بأن الرد انتهى ويغلق الملف مع إسرائيل حتى إشعار آخر.


على الجانب الآخر فقد تلقت إسرائيل رسائل إيران بتفهم وجاهزية على مدى يومين، وأعلنت أنها أسقطت 99 % من الطائرات المسيرة والصواريخ التى سبقتها، مع تهديدات دعائية أخرى، وبهذا تكون المعادلة اكتملت بين أطرافها الثلاثة طهران وتل أبيب وواشنطن، حيث كان الرئيس بايدن طالب إيران بعدم توسيع المواجهة وجدد التأكيد أن الولايات المتحدة تضمن أمن إسرائيل، وبالفعل تم تحريك قطع بحرية وإعادة توزيع طائرات، فى إشارة إلى سيناريو محدد لا تخرج عنه طهران وهو ما تحقق بالفعل وظل فى سياق الممكن.


الولايات المتحدة منذ بداية الحرب فى غزة، حرصت على قنوات مفتوحة مع إيران، وهى قنوات غير مباشرة نقلت رسائل من الخارجية أثناء زيارات أنتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى، وتجددت مع بايدن، وتم تنفيذ صفقات وعروض حققت أرباحا لإيران، وبالتالى فقد تعاملت ببراجماتية ضمن صفقات رابحة لأطرافها.


إيران أكدت أن هجماتها بالمسيرات جاءت ردا على اعتداء إسرائيل على قنصليتها فى دمشق، ولم تأت على ذكر أى أهداف أو عناصر أخرى، وبالتالى وضعت الأمور فى نصابها، بعيدا عن أى إشارات يمكن أن يفهم منها أنها تدخل ضمن مساندة القضية الفلسطينية، أو غزة، ثم إن حزب الله منذ بداية الحرب فى غزة، جاءت خطاباته كلها ضمن العادى والمحكوم والتهديد الشائع فى الدعاية، وحرص الأمين العام للحزب حسن نصر الله، على إبقاء الصراع فى إطاره المقبول من دون أى تطوير أو خروج عن المناوشات والاشتباكات المعروفة سلفا، وحتى التهديدات فهى أيضا مرسومة ولا تحوى أى إضافات، وتشير إلى تغيير نوعى منذ سنوات فى سياسة إيران وحزب الله، يتلافى الدخول فى حرب أو مواجهة كبيرة لا قبل لهما بها، مع الإبقاء على الحرب فى اليمن وكيلا لإطلاق التهديدات والمسيرات التى لا تصل مع التهديدات إلى إسرائيل وتتساقط فى الطريق مثل مسيرات طهران، وحتى فى العلاقة مع الولايات المتحدة فقد أصبحت أكثر واقعية، وبراجماتية، فالحرب الواسعة قد تكون ضررا أو تفقد إيران ما ربحته من أرض ونفوذ فى العراق بعد الغزو الأمريكى، وفى نفس الوقت فإن الولايات المتحدة لا تريد توسيع حربها الباردة مع روسيا أو إدخال الصين كطرف فى المعادلة، بينما الصراع فى أوكرانيا ما زال ساخنا، وتقترب الانتخابات، بما تعكسه من مصالح وأهداف تتلاقى أحيانا، وتتقاطع فى أحيان أخرى.


بناء على كل هذا، فإن الحال بين إيران وإسرائيل يبقى ضمن سيناريو متفق عليه، لا يخرج عن أى أطر أو خطوط حمراء، ويبدو مرضيا بنتائجه لكل أطرافه، حيث يسمح كل طرف للآخرين بإصدار تهديدات وتصريحات ضمن دعاية مرسومة، والتعامل مع سيناريو يضمن بقاء كل طرف فى زاويته بعيدا عن أى تحولات غير مطلوبة لا يتفق عليها مباشرة أو بشكل غير مباشر.


أما ما يتعلق بمجلس الأمن أو المنظمات الدولية فهى عاجزة عن وقف عدوان مستمر على غزة لأكثر من 7 شهور، ونظام عالمى عاجز وجامد، أما بالنسبة لتصريحات تل أبيب بالرد على هجمات إيران فهى أيضا لا تخرج عن التوقعات والسيناريوهات، المسموح فيها بالدعاية والتهديد، من دون الخروج عن قواعد ومصالح.

p
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة