محمد أحمد طنطاوى

فُرص النجاح

الإثنين، 15 يناير 2024 11:22 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"إذا وضعت ابنك عند إسكافي ليتعلم الصنعة، فلن يساورك الشك أنه سيتعلم كيف يصنع زوجاً من الأحذية، لكنك إذا ما أرسلته ليتعلم القانون، فأمامه على الأقل 20 فرصة للفشل، مقابل فرصة واحدة للنجاح".. آدم سميث، " 1723 – 1790"، عالم الاقتصاد الإنجليزي المعروف، في كتابه الشهير ثروة الأمم، وهنا يدلل على فكرة أساسية وهى أن أجور العمل في مختلف الأشغال تتفاوت بتفاوت فرص النجاح فيها.
 
ويستطرد سميث في فكرته عن النجاح في العمل ليقول: "سحب أوراق اليانصيب منصف تماماً، فكل من يسحبون أوراق الجوائز، يكسبون كل ما يخسره الذين يسحبون الأوراق البيضاء، وكذلك الأحوال في المهن والأشغال، فالمهنة التي يخفق فيها 20 شخصاً، مقابل نجاح واحد فقط، ينبغي أن يكسب هذا الشخص ما يجب أن يكسبه العشرون الفاشلون"، لذلك فالنجاح والفشل سيظل معياراً مهماً في كل عمل، ومقوم أساسي في فلسفة الأجور التي يجب أن تتبعها أي مؤسسة.
 
 
النجاح والفشل ليس مجرد أفكار أو مساحات معنوية نتحدث عنها يومياً، أو نستمع إليها ذاتياً في أنفسنا، أو نراها في تقديرات وأعين الآخرين، لكنها اختبارات دائمة، ومواقف مستمرة، ودوامة متصلة من العمليات المعقدة، التي تجعلنا في حال صراع دائم بين النجاح والفشل، أو حتى على حافة أي منهما، فالقضية ليست مجرد النموذج المعياري البسيط، الذي اعتدناه في الاختبارات والامتحانات طيلة فترات الدراسة، عبر مراحل التعليم المختلفة، في صورة أسئلة مختارة من مناهج واسعة، لكنها تجربة كاملة متجددة، نتعرض لها كل صباح ومساء.
 
 
أوقات كثيرة نتسرع في الحكم على تجاربنا مبكراً نجاحاً أو فشلاً، لكن وجهة نظري أن الحياة تمنحنا عشرات بل مئات الفرص، لذلك علينا ألا نتعجل في استخلاص النتائج، فالمواقف دائماً ما تعلمنا وتقدم لنا خططاً مجانية، وأدوات لم نألفها أو نعرفها، خلال رحلة العمر الشاقة، لذلك يجب أن نحسن العمل وفقط، ونبتعد قدر الإمكان عن كثرة التفكير في  تقدير مساحات النجاح أو الفشل، حينها فقط سنحصل على خبرات أفضل، ونكون رؤى وفرضيات أكثر اتساقاً مع الواقع، ونصبح أكثر قدرة على التعامل الجيد مع المواقف والأزمات.
 
 
قديماً قالوا إن النقد أسوأ المهن، فما أسهل أن تنتقد عملاً، أو تشوه فكرة، أو تحبط نجاحاً، وتقلل من قيمة التخطيط أو الجهد المبذول، خاصة أن من يصنعون المكائد، وينصبون الفخاخ موجودون دائماً على مر الأزمان والعصور، لكن صدقني.. غالباً ما يعجز هؤلاء عن تشويه من يملكون المهارة والقدرة، فالأصل أن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض، بينما الزبد سيذهب جفاء، لذلك علينا دائماً بذل الجهد والعمل، دون التسرع في الأحكام أو التعجل في إدراك الخير.
 
دائماً ما تتجه عقولنا وأفكارنا إلى النقطة الأصعب والمعنى الأبعد، والعلاقات المتشابكة، والدلائل المعقدة، والبراهين الأكثر إشكالاً، في حين أن المعاني الأقرب والجمل الأوضح، وطرق التفكير الأسهل، قد تكون الحل الصحيح، فليس هناك ما يضمن صيد أسماك أكبر كلما ابتعد الصياد عن الشاطئ، فأحياناً أكبر الأسماك لا تجدها الشباك إلا على حافة النهر..
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة