شهدت أسعار الذهب تحركات طفيفة مع بداية تداولات الأسبوع وذلك بعد تصريحات رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حول إمكانية رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لمواجهة التضخم، بينما تنتظر الأسواق هذا الأسبوع صدور بيانات قد تؤثر على مسار أسعار الفائدة.
تتداول أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1914 دولار للأونصة أقل بمقدار 2 دولار عن سعر الافتتاح، يأتي هذا بعد أن نجح الذهب في الارتفاع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.3% لتستقر التداولات فوق المستوى 1900 دولار للأونصة.
خطاب رئيس الفيدرالي في ندوة جاكسون هول يوم الجمعة الماضية حمل إشارات أن الفيدرالي قد ترك الباب مفتوحاً أمام زيادة جديدة في أسعار الفائدة للعمل على تهدئة التضخم الذي لا يزال عند مستويات مرتفعة للغاية مقارنة مع مستهدف التضخم لدى البنك الفيدرالي عند 2%.
أشار جيروم باول إلي أن القوة المفاجئة للاقتصاد الأمريكي تزيد من الضغط على معدلات التضخم، وأن قرارات البنك القادمة ستكون حذرة وستعتمد على البيانات الاقتصادية، وقد ساعدت هذه التصريحات على إيقاف تعافي أسعار الذهب الذي بدأ الأسبوع الماضي منذ كون رفع الفائدة يؤثر بالسلب على أداء الذهب بسبب تكلفة الفرصة البديلة للمعدن النفيس الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
ومن ناحية أخرى نجد أن الأسواق تسعر احتمال بنسبة 80 % أن يقوم البنك الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة دون تغير خلال اجتماعه القادم في سبتمبر، وأن اجتماع التالي في نوفمبر قد يشهد زيادة في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
ارتفع الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الماضي بدعم من تصريحات الفيدرالي وسجل أعلى مستوياته منذ قرابة 3 أشهر وفقا لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، حيث ارتفع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.7% واليوم يتداول بالقرب من مستويات اغلاق الأسبوع الماضي.
أما عن العائد على السندات الأمريكية فقد شهدت بعض التراجع خلال الأسبوع الماضي بعد تسجيلها مستويات تاريخية، وقد ساهم هذا التراجع في تعافي أسعار الذهب ولكن تبقى عوائد السندات الأمريكية بالقرب من أعلى مستوياتها وهو ما يمثل ضغط سلبي على أسعار الذهب.
العائد على السندات لأجل 10 سنوات تراجع مع بداية جلسة الأسبوع بنسبة 0.4% ليتداول عند 4.224% وذلك بعد أن سجل أعلى مستوياته منذ 15 خلال الأسبوع الماضي عند 4.362%.
حقيقة بقاء عوائد السندات بالقرب من أعلى مستوياتها تحد من فرص تعافي أسعار الذهب بشكل كبير، خاصة أن التوقعات بعد خطاب رئيس الفيدرالي في جاكسون هول تشير إلى احتمالية رفع جديد في الفائدة، وهو ما يزيد من زخم عوائد السندات من جديد، ولا يعد هذا أخبار جيدة بالنسبة للذهب.
أكد هذا تصريحات عضوة البنك الفيدرالي لوريتا ميستر يوم السبت الماضي أن الأمر قد يتطلب رفع أسعار الفائدة مرة أخرى للتغلب على التضخم، وذلك على عكس تصريحات عضو الفيدرالي باتريك هاركر الذي أشار أنه لا يعتقد أن هناك حاجة إلى رفع الفائدة من جديد، وأنه يفضل ثبات الفائدة حالياً ومراقبة تطورات الاقتصاد.
بيانات تنتظر الأسواق قد تؤثر على مسار الفائدة
يصدر هذا الأسبوع عدد من البيانات الاقتصادية الهامة عن الاقتصاد الأمريكي والتي من شأنها أن تساعد على توقع مسار أسعار الفائدة كونها بيانات تتعلق بالتضخم والنمو، وهما العوامل الرئيسية التي تؤثر على قرارات الفيدرالي الأمريكي.
بيانات قطاع العمالة تصدر هذا الأسبوع سواء الوظائف في القطاع الخاص أو طلبات إعانات البطالة، وتقرير الوظائف الأهم للقطاع الغير زراعي في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يظهر تقرير الوظائف تسجيل وظائف جديدة بمقدار 169 ألف خلال شهر أغسطس مقارنة مع القراءة السابقة 187 ألف وظيفة.
بيانات الوظائف من المتوقع أن تشهد اعتدال في قراءتها بما يدل على استمرار مرونة الاقتصاد الأمريكي في تقبل المزيد من التشديد النقدي، وهو الأمر الذي قد ينعكس بالسلب على أسعار الذهب.
أيضاً يصدر هذا الأسبوع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري عن شهر يوليو، وهو مؤشر التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي ومن المتوقع أن تشهد القراءة السنوية للمؤشر ارتفاع بنسبة 4.2% بأعلى من القراءة السابقة بنسبة 4.1%.
أي ارتفاع في معدلات التضخم يعكس قوة استقرار التضخم خاصة على المستوى الجوهري الذي يستثنى منه عناصر التذبذب، وبالتالي يزيد هذا من فرص رفع الفائدة من قبل الفيدرالي الأمر الذي من شأنه أن ينعكس بالسلب على أسعار الذهب.
استمرار تراجع معنويات المستثمرين تجاه الذهب
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 22 اغسطس، ارتفاع كبير في الطلب على عقود بيع الذهب بمقدار 12452 عقد مقارنة مع التقرير السابق، بينما عاد الطلب على عقود شراء الذهب إلى الانخفاض بمقدار 6738 عقد مقارنة مع التقرير السابق.
اظهر التقرير أيضاً ارتفاع إجمالي قرارات التداول على عقود شراء الذهب إلى 248 أمر تداول بينما وصلت أوامر التداول على عقود بيع الذهب إلى 179 أمر تداول.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر ارتفاع كبير في الطلب على عقود بيع الذهب في ظل استمرار تمسك البنك الفيدرالي في التشديد النقدي، إلى جانب استمرار خروج الاستثمارات من أسواق الذهب لصالح أسواق السندات.
يعكس هذا تراجع معنويات المستثمرين بالنسبة للذهب وهو ما يؤثر على النظرة المستقبلية للمعدن النفيس على المدى القريب، خاصة أن خطاب رئيس الفيدرالي في ندوة جاكسون هول لم يقدم جديد بالنسبة للأسواق وهو ما يبقي مستقبل الذهب في ضبابية.
الذهب تراجع إلى أدنى مستوياته في 5 أشهر خلال الأسبوع الماضي عند المستوى 1884 دولار للأونصة، وبالرغم من تعافي الأسعار بعدها وتداولها حالياً فوق 1900 دولار للأونصة، إلا أن التوقعات لم تصبح لصالح الذهب بشكل واضح حتى الآن.
البيانات الاقتصادية ستلعب دور مهم في توجه أسعار الذهب وسيقوم المعدن النفيس بالتفاعل مع كل خبر اقتصادي يصدر خلال هذا الأسبوع في ظل سعي الجميع في توجع الخطوة القادمة من قبل الفيدرالي الأمريكي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة