ألقى السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، كلمة مصر في فعاليات الجلسة الثانية لمؤتمر "لحظة الأمم المتحدة لتقييم نُظم الغذاء 2023"، الذي عُقد بالمقر الرئيسي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، بالعاصمة الإيطالية روما، بحضور عدد من قادة الدول والحكومات.
وتقدم وزير الزراعة فى مستهل الكلمة بخالص الشكر للسيد /أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام منظمة الأمم المتحدة، ولمنظومة الأمم المتحدة، على الدعوة لعقد هذا المؤتمر، الذي اعتبره فرصة ثمينة للوقوف على التقدم المُحرز في عملية تحويل النظم الغذائية في بلدان العالم، منذ انعقاد القمة الفارقة للأمم المتحدة لنُظم الغذاء عام 2021.
وأشار "القصير" إلى أن انعقاد المؤتمر هذا العام يتزامن مع واقع مليء بالتحديات المُركبة التي طرأت على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهي التحديات غير المُتسقة في تبعاتها السلبية؛ إذ تعاني الدول النامية، خاصة الأفريقية، من أزمة خانقة تؤثر على قدرتها للوفاء بأمنها الغذائي، في ظل انقطاع سلاسل الإمداد، وتزايد الأسعار العالمية، وضيق الحيز المالي المُتاح، الأمر الذي يُلقي على عاتق جميع الدول المزيد من المسئولية للتعامل مع نقص الغذاء وسوء التغذية، بالتوازي مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع إيلاء الأولوية للدول النامية لضمان عدم ترك أحد خلف الركب.
كما لفت إلى أن التقارير العلمية المختلفة، خاصة التقرير الأخير للجنة الحكومية لتغير المناخ IPCC قد أكدت على هشاشة نُظم إنتاج الغذاء وقطاع الزراعة، وتأثره سلباً بالتغيرات المناخية، سواء على الإنتاج الزراعي أو الدورة المائية، لذا حرصت مصر في مؤتمر الدول الأطراف COP27 على إعادة تفعيل برنامج عمل شرم الشيخ للزراعة، وإنشاء شراكة بين رئاسة مؤتمر COP27 ومجموعة رائد المناخ لإطلاق أجندة شرم الشيخ للتكيف مع تغير المناخ، والتي تتضمن عددا من مؤشرات ومحددات التنفيذ لتعزيز التعاون وحشد التمويل لدعم قطاع الزراعة والتعاون في مجال إدارة الموارد المائية.
وأضاف الوزير أنه ومنذ قمة عام 2021 لنُظم الغذاء، قامت الحكومة المصرية بتدشين حوار وطني لبحث أهم التحديات الخاصة بقضايا الغذاء والتغذية وسُبل التعامل معها بشكل مؤسسي وشامل، بالإضافة إلى توسيع الحوار بالاستعانة بخبرات المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني في هذا الشأن، موضحاً أن ذلك جاء انطلاقاً من التزام الدولة المصرية بعملية تحويل أنظمة الغذاء، والتآزر بين تحقيق الأمن الغذائي وأهداف التنمية المستدامة التي تتقاطع مع الهدف الثاني SDG2، بما في ذلك تحسين الصحة، والاستدامة البيئية، وتمكين المرأة، وإدارة الموارد المائية.
وشدد على أن تحقيق وترابط الأمن الغذائي والمائي يُشكل تحدياً شديد الخصوصية للدولة المصرية التي تسعي لتوفير الأمن الغذائي لشعب يتجاوز 105 ملايين نسمة ويعيش في نُدرة مائية فردية، تتبنى الدولة في مواجهتها سياسات قائمة على العلم لتحقيق توازن الإنتاج الزراعي المطلوب مع الحفاظ على الموارد المائية المتاحة المحدودة.
وفي هذا السياق، قال وزير الزراعة إن مصر تُثمن التعاون القائم مع منظمة "الفاو"، والمتضمن إطلاق عدّة مبادرات على هامش أعمال مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية تغير المناخ "COP27" تحت الرئاسة المصرية، أبرزها مُبادرة الزراعة والأمن الغذائي من أجل تحول مُستدام للعمل على تحسين كمية ونوعية مساهمات التمويل المطلوبة لتحويل الزراعة ونُظم الغذاء إلى الاستدامة بحلول عام 2030، وكذا مساهمة "الفاو" في مبادرة "COP27" حول التكيف والصمود المائي، لتقليل فواقد المياه وتحسين سُبل توصيلها.
وأضاف أن مصر حرصت في رئاستها لمؤتمر شرم الشيخ على ادراج نظم الغذاء ضمن مُخرجات المسار التفاوضي، ليس فقط بالإشارة إلى ما تواجهه بلدان العالم من تحديات نتيجة أزمات الطاقة والغذاء، ولكن بالتأكيد على أولوية العمل على ضمان الأمن الغذائي وتعزيز قدرة نُظم إنتاج الغذاء على الصمود للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وخلال كلمته، أشار وزير الزراعة إلى قرار الحكومة المصرية بتشكيل لجنة وطنية لنظم الغذاء والتغذية برئاسة رئيس الوزراء، تستهدف تحقيق ثلاثة محاور، تشمل إقامة نظام وطني مُستدام لنظم الغذاء والتغذية بُغية الوصول إلى مؤشرات أفضل للتغذية وكذلك للأمن الغذائي بحلول عام 2030، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات وخطط عمل غذائية تلتزم بها الجهات المعنية على مُستوى الدولة، سعياً لتحويل نظم الغذاء، ومتابعة وتقييم التقدم المُحرز، وتقديم المشورة لمواجهة التحديات التي قد تطرأ، إلى جانب تعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال نظم الغذاء والتغذية على الصعيدين الوطني والدولي.
وأوضح أن تلك الجهود تأتي في إطار "رؤية مصر 2030" بالتكامل والتنسيق مع مبادرة حياة كريمة، وبرنامج تكافل وكرامة، ومشروع توسيع الرقعة الزراعية، والعديد من المبادرات الوطنية الأخرى التي تهدف لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، ودعمهم اقتصادياً واجتماعياً.
كما تطرق إلى موضوع الوجبات المدرسية، منوهاً إلى مشروع التغذية المدرسية الذي تبنته مصر، ويغطي حالياً ما يقرب من 12.7 مليون طالب لضمان التغذية السليمة للأطفال، وذلك اقتناعاً من الدولة المصرية بأن التغذية المدرسية من أهم السياسات المُستخدمة على مستوى العالم لخفض معدلات الفقر وتقليل التسرب من التعليم.
وفي ختام كلمته، أعرب وزير الزراعة عن تطلع الدولة المصرية لنجاح هذا المؤتمر في دعم الجهود الوطنية للدول، خاصة النامية والأفريقية، وتفعيل الالتزامات الدولية، ومنها ما صدر عن مؤتمر "COP27"، لضمان التحول لنُظم غذاء مستدامة تضمن الغذاء الصحي والآمن للأجيال الحالية والقادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة