أعاد قرار الولايات المتحدة بإرسال قنابل عنقودية إلى الجيش الأوكراني كنوع من الدعم العسكري في حربه ضد روسيا، السلاح المثير للجدل، إلى دائرة الضوء، حيث تجددت الدعوات لحظر استخدامها وسط مخاوف من التهديدات والمخاطر التى سيواجها المدنيون والأجيال القادمة حتى بعد انتهاء الصراع فى أوكرانيا.
وأثار القرار انتقاد العديد من الدول والمنظمات غير الحكومية، حيث تعد سلاحا محرما دوليا بموجب اتفاقية أوسلو 2008 التي وقع عليها ما يقرب من 120 دولة منعت استخدام وإنتاج ونقل ذلك النوع من القنابل، لكن العديد من الدول الأخرى لم تصادق عليها، ومنها الولايات المتحدة وأوكرانيا والصين وروسيا.
ووفقا لشبكة إن بي سي، استغل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قرار بايدن لمهاجمته، حيث أعلن معارضته تزويد أوكرانيا بذخائر عنقودية، وقال المرشح المحتمل للانتخابات الأمريكية المقبلة في بيان: "لا ينبغى أن يدفعنا جو بايدن إلى الاقتراب أكثر من الحرب العالمية الثالثة من خلال تزويد أوكرانيا بذخائر عنقودية". وتابع: "يجب أن يحاول وقف الحرب ووقف الموت والدمار الرهيب اللذين تسببهم إدارة تفتقر إلى الكفاءة".
ثم هاجم ترامب بايدن مرة أخرى بسبب تصريحات الأخير بأن الولايات المتحدة أرسلت الذخائر لأنها نفسها تعاني من نقص في الذخيرة، حيث قال بايدن: "الذخيرة تنفد من الأوكرانيين.. هذه حرب تتعلق بالذخائر، وتلك الذخيرة تنفد مننا"، واصفا حديث بايدن بخرق كبير للمعلومات السرية.
وقال ترامب: "هذا خرق كبير للمعلومات السرية.. هذا يعني بالتأكيد ألا نرسل إلى أوكرانيا آخر مخزوناتنا في وقت تتضاءل فيه ترساناتنا بشكل خطير"، وأضاف أن اعتراف بايدن المهين بأن الولايات المتحدة قد نفد ذخيرتها الآن هو شيء لا شك فيه سيجعل أعداء أمريكا اكثر جرأة على البلاد.
وقال إذا كان إرسال قنابل عنقودية بسبب نقص في القذائف التقليدية لدى الولايات المتحدة، فإن هذا يؤكد فقط الحاجة إلى وقف فوري للتصعيد، وأضاف: "هذا يعني بالتأكيد أنه لا ينبغي لنا إرسال مخزوننا الأخير إلى أوكرانيا في وضع تم فيه تقليص ترسانتنا الخاصة، وفقا لجو بايدن الفاسد، لدرجة أنها تشكل خطر".
واختتم ترامب بيانه بالقول إنه يجب وضع حد فوري "لإراقة الدماء في أوكرانيا" و"العودة إلى التركيز على المصالح الحيوية لأمريكا".
ترامب ليس الوحيد الذي يعارض القرار، حيث قال جيك سوليفان مستشار بايدن للأمن القومي إن العديد من الدول الأعضاء في الناتو لا توافق على قرار الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية، لكن ذلك لا يؤدي إلى انقسام في صفوف الحلف.
ومن أبرز المعارضين للقرار هو رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك التي تعد بلاده من أقوى وأهم حلفاء أمريكا، قال سوناك إن المملكة المتحدة "موقعة على اتفاقية تحظر إنتاج أو استخدام الذخائر العنقودية ولا تشجع على استخدامها"، وتابع: "سنواصل القيام بدورنا فى دعم أوكرانيا ضد الغزو الروسى غير القانونى وغير المبرر، لكننا فعلنا ذلك من خلال توفير دبابات قتال ثقيلة وأحدث أسلحة بعيدة المدى، ونأمل أن تستمر جميع البلدان فى دعم أوكرانيا".
كما أبدت ألمانيا معارضتها لإرسال ذخائر عنقودية لأوكرانيا، وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك،، إن ألمانيا تعارض ذلك أيضاً بصفتها من بين الدولة الأعضاء في اتفاقية الذخائر العنقودية، كما رفضت كندا القرار الأمريكي وقال رئيس الوزراء الكندي، جستن ترودو، إن بلاده ستواصل الدعوة بقوة إلى عدم استخدام القنابل العنقودية.
سلاح القتل العشوائي
وتعرف القنابل العنقودية باسم الذخائر التقليدية المحسنة ثنائية الغرض، وهي أسلحة تنفتح في الهواء وينطلق منها عدد كبير من الذخائر أو القنابل الصغيرة التي تنتشر على مساحة واسعة بهدف تدمير أهداف متعددة في وقت واحد.
ويمكن إطلاقها من الطائرات، أو المدفعية، أو الصواريخ، وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر، وكانت ألمانيا والاتحاد السوفيتي سابقا أول من استخدم الذخائر العنقودية خلال الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1943، استخدم الاتحاد السوفيتي نوعاً من القنابل العنقودية تطلق من الطائرات ضد المدرعات الألمانية، أما ألمانيا فاستخدمت في العام نفسه قنابل عنقودية من طراز SD-1 وSD-2، المعروفة باسم "القنبلة الفراشة" لتحقيق أكبر ضرر ممكن ضد المدفعية لقوات الحلفاء.
كما استخدمت الولايات المتحدة هذه القنابل العنقودية بشكل مكثف في كمبوديا ولاوس وفيتنام في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وتطورت صناعة الذخائر العنقودية ، ودخلت 34 دولة على خط تطوير هذه القنابل حتى أصبح هناك أكثر من 200 نوع منها وتعرف بالقنابل العنقودية أو الانشطارية.
ويقول مؤيدو حظر القنابل العنقودية، إنها تقتل بصورة عشوائية، وتعرض المدنيين للخطر لفترة طويلة بعد استخدامها.
وأشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن نسبة كبيرة من القنابل الصغيرة التي تطلقها القنابل العنقودية -تصل إلى 40%- لم تنفجر في بعض الصراعات الأخيرة، ما يترك مساحات من الأراضي مليئة بالقنابل الصغيرة غير المنفجرة. وتصبح العودة إلى الحياة الطبيعية في هذه المناطق خطرة.
ووفقا لتقارير رسمية صادرة عن البنتاجون، كان آخر استخدام أمريكي للقنابل العنقودية أثناء غزو العراق في عام 2003
القنابل العنقودية في أوكرانيا
كشف تقرير مرصد القنابل العنقودية لعام 2022 أن أوكرانيا هي البلد الوحيد في العالم الذي يتم فيه استخدام الذخائر العنقودية، خلال الحرب الدائرة في البلاد.
ووجد التقرير أن القوات الروسية استخدمت القنابل العنقودية بشكل مكثف منذ بداية حربها ضد أوكرانيا فى فبراير 2022، وأشارت في الوقت ذاته إلى أن القوات الأوكرانية استخدمت كذلك ذخائر عنقودية 3 مرات على الأقل خلال الحرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة